.
.
القصة الرابعة
توبة فتاة مستهترة
أنا فتاة مصريه من الله علي بالهداية، والاستيقاظ من الغفلة قبل فوات الأوان.
واليكم قصتي لعل الله أن ينفع بها.
حياتي كلها كانت مختلطة متبرجة، عشتها كما أردتها لنفسي، كان لي دخل شهري جيد أتقاضاه من عملي، ولكن الله نزع منه البركة، فلم انتفع به نفعا يذكر؛ فقد كنت انفق ثلاثة أرباعه في شراء الملابس الضيقة والقصيرة، وأصباغ المكياج التي ألطخ بها وجهي كلما أردت الخروج، ولا اشتري إلا أغلى العطور الفواحة؛ لدرجة أن بعض جيراني ورفقائي من الجنسين، كانوا يتنبأون بمقدمي من رائحة عطري الفواحة التي تشم من على بعد.
كنت مغرمه بأتباع ما تجلبه الموضة من قصات الشعر وتسريحاته، ولا أرضى بعمل تسريحات شعري إلا عند الكوافير الذي لا يعمل به إلا الرجال.
وكانت لي رحلات تنزه مختلطة، كنا نقضيها في المزاح والغناء المحرم.
وهذا والله ما يريده أعداء الإسلام من شباب المسلمين، يريدون لهم أن يكونوا كالبهائم العجموات، لا هم لهم إلا البحث عن الشهوات.
واذكر مرة أني كنت في رحلة مختلطة، فكنا نغني ونسرد أنواع النكت، مما جعل سائق الحافلة يتضجر، وينزعج من أصواتنا العالية، وينظر إلينا بعين السخرية.
وأراد مره أن يختبرنا فقال:
هل انتم تجيدون حفظ جميع الأغاني؟
قلت له وبكل ثقة:
نعم هل تريدني أن اغني لك؟
لكنه لم يجبني، ثم عاد وسأل مره ثانيه، قال:
هل تعرفون إجابة كل شيء؟
قلنا جميعا وبثقة متناهية:
نعم نحن نعرف كل شيء.
قال: إذا سأطرح عليكم سؤالا فأجيبوني عليه:
كم عدد أولاد النبي صلى الله عليه وسلم؟
فتلعثمنا جميعا ولم يستطع احد منا الاجابه على هذا السؤال، لجهلنا التام بالجواب.
إنها والله الحقيقة غير المبالغ فيها، فأنا لم استطع الجواب، لأنني كنت اسخر من الإخوة الذين باعوا هذه الدنيا الفانية بالآخرة الباقية واستهزئ بالمحجبات، وأطلق عليهن عبارات السخرية بملابسهن المحتشمة.
اثر البيئة الصالحة
وظللت على حالي هذه حتى جاء موعد سفري إلى السعودية للعمل فيها، وهناك فوجئت أن النساء كلهن يرتدين الحجاب الكامل، ظننت لأول وهلة انه زي ترتديه الموظفات عند خروجهن إلى العمل، وسرعان ما يخلعنه في السوق أو الشارع.
فإذا بي أفاجأ بهن يلبسنه في كل مكان بلا استثناء!!
والله لم أكن أتصور أن يوجد احد في الدنيا على مثل هذه الهيئة من الستر والاحتشام، وبعد فترة وجيزة من قدومي، قابلت في العمل أختا صالحة تعرف من الدين ما قدر لها معرفته؛ فكانت تأمرني بالحجاب الشرعي، فكنت اسخر منها، ولا أطيق الجلوس معها، لكثرة كلمها عن الدين والحجاب.
وعلى الرغم من نفوري منها، إلا إنها لم تيئس من نصحي وتذكيري، وإهدائي بعض الأشرطة والكتيبات النافعة التي يحتاجها أمثالي، حتى بدأت أميل بعض الشيء إلى كلامها.
ورزقني الله بزوج صالح يعرف الله جيدا، فأخذ يرغبني في الله، ويأمرني بالصلاة، فتأثرت بكلامه، واستطاع بأسلوبه الطيب أن يجذبني إلى طريق الإيمان، ويحببه إلي وإن كنت لما التزم بعد التزاما كاملا.
فبينما أنا كذلك إذ هز مسامعي وزلزل كياني خبر كان وقعة علي كالصاعقة؛ انه خبر تحطم الباخرة المصرية (( سالم إكسبريس )) وغرقها في عمق البحر الأحمر.
لقد احدث هذا الخبر هزه عنيفة في نفسي، لم أتمالك معها عيناي حتى ذرفت دموعا حارة، وبكيت بكاء مرير، فاستيقظت أخيرا من غفلتي، وسألت نفسي سؤالا صريحا إلى متى الغفلة؟ إلى متى أظل أسيرة الهوى والشيطان والنفس الأمارة بالسوء؟
ودارت في مخيلتي أسئلة كثيرة من هذا القبيل، وبعد لحظات من التفكير ومحاسبة النفس، نهضت مسرعه إلى تلك الأخت الفاضلة التي كنت اكره الجلوس معها سابقا، وبحوزتي كمية أشرطتي الغنائية التافهة، فأعطيتها إياها لتسجل عليها تلاوات وخطب ومحاضرات إسلاميه .
وأعلنت توبتي النصوح، وعاهدت ربي، أن يكون هدفي في هذه الدنيا هو إرضاء الله عز وجل، والاستقامة على دينه، وحقيقة لم أكن أتخيل في يوم من الأيام أني سأرتدي الحجاب، أو اقلع عن التعطر عند الخروج من المنزل، ووضع المكياج.
واني لأحمد الله حمدا كثيرا على هدايتي، وإيقاظي من غفلتي قبل حلول اجلي والله المستعان.
.
.