×××××××××
اتعتقدين ان لزوجك جواز سفر آخر باسم مستعار مثلا؟
-
لا بالطبع ، ما الذي يدعوه إلى ذلك؟!
-
ألم تري في متاعه مقل هذا الجواز؟!
هزت رأسها نفيا بشده واضحه وقالت :
-
لا ، كما إني لااصدق ابدا أنه يمكن ان يقدم على هذا.. إنه لا يمكن أن يغادر باريس عمدا واختياراكما تحبون أن تصوروا اختفاءه . لا بد ان شيئا حدث له ، او انه فقد ذاكرته .
-
اكانت صحته عادية وسليمه؟!
-
نعم ، كان يجهد نفسه فيالعمل وفي بعض الأحيان يحس انه متعب مكدودا ولكن لاشيء اكثر منهذا.
-
ألم يكن يبدو قلقا اومكتئبا على اية صوره؟
-
لا لميكن ابدا قلقا او مكتئبا لأي سبب كان.
وبأصابع مرتعده فتحت حقيبتها وتناولت منديلها وسترت به وجهها . وتهدج صوتها وهي تقول :
-
إن الأمرفظيع ، فظيع جدا.. إني لا استطيع ان اصدق ما حدث .. إنه لم يسافر أبدا دون انيخطرني ، لابد وان شيئا حدث له إما ان يكون قد اختطف وإما ان اعتداء وقع عليه . إنيأحاول دائما طرد الأفكار والوساوس من ذهني ولكني في بعض الأحيان لا املك إلا اناتخيل ان التعليل الوحيد هو انه قتل .
-
ارجوك يامسز بيترتون ان تنزعي هذا الخاطر من رأسك إذا كان قد قتل فلابد ان تكون جثته قد اكتشفت الآن .
-
ومايدرينا أن يكون قد اغرق في احد الأنهار مثقلا بالأحجار ؟ هذامايحدث في بعض الأحيان.
-
إنكتسرفين في الأوهام والتخيلات يا مسز بيترتون.
وأزاحت المنديل عن عينيها وحدجته بنظره يتبدى فيها غضبشديد وقالت :
-
إني اعرف مايدور في خلدك ، ولكن الأمر ليس كما تتصور ، إن توم لا يمكن ان يبيع الأسرار اويفشيها . إنه لم يكن شيوعيا او فاشستيا حتى يفشي اسرارا إلى هؤلاء اوأولئك.
-
وماعسى ان تكون معتقداته السياسيه يامسز بيترتون؟
-
اعتقد انه كان في امريكا ديموقراطيا ، وهنا في انجلترا كان يصوت معحزب العمال.. وعلى اية حال فإنه لم يكن يهتم بالسياسه.
ثم اضافت بنبرة منطوية علىالتحدي:
-
انه كان عالما قبلكل شيء . وكان عالما فذا لامعا.
فقال جيسوب:
-
تماما كان عالما فذا لامعا وتلك هي المشكله مايدرينا أنه عرض عليهمرتب ضخم أغراه بمغادرة البلاد ليعمل في مكان آخر .
تفجر الغضب في صوتها وهي تقول في انفعال:
-
هذا غير صحيح.. وهوماتحاول الصحف أن توحي به وتثبته في الأذهان، وهو مايدور في رؤوسكم جميعا عندماجئتم إلي تستجوبونني .. ولكنه ليس صحيحا . إنه ماكان ليرحل أبدا إلا إذا اخطرني أوعلى الأقل اعطاني فكره عن نواياه.
-
ألم يخبرك بشيء؟ اي شيء؟!
وللمرة الثانية كان يحدجها بنظرات متفحصة .
فأجابت :
-
لاشيء على الإطلاق .. إنني لا اعرف اين هو الآن ولكني اعتقد انه إماان يكون قد اختطف ,, او قتل.
-
إني آسف يا مسز بيترتون .. اسف جدا ولكن ارجوك ان تتأكدي من اننا نبذلاقصى ما في وسعنا فنعرف حقيقة ما وقع لزوجك، إننا نتلقى كل يوم تقارير من مختلفالجهات.
فتساءلت فيحده:
-
ومالذي تحتويه هذه التقارير؟!
-
إننا لا نزالندرسها ونتبين صحتها من زيفها ، لكنها بوجه عام غامضه ولا شيء قاطعفيها.
فعادت تردد في صوت نابض باليأس:
-
ولكن يجب ان اعرفمافيها ,, إنني لا استطيع ان استمر على هذا .
وران عليهما الصمت برهه ثم قالجيسوب:
-
الذي احاول ان اصلإليه يامسز بيترتون هو ان اتمثل صوره صادقة لزوجك .. اي نوع من الرجال هو ؟ ولكنيأرى انك لا تحاولين ان تساعديني ..
-
وما عساي استطيع ان اقول اكثر مما قلت؟ فقد اجبت على جميعاسئلتك.
-
صحيح انك اجبت علىاسئلتي غير ان معظم اجاباتك كانت التفي او الإنكار .. إني اريد ردا ايجابيا ردابناءا. هل تدركين ما اعني؟ إنك تستطيعين ان تنفذي إلى خبايا الرجل ودخائله إذا عرفتاي نوع من الرجال هو.
تريثت فتره مفكره ثم ردت:
-
فهمت ،وكل ما استطيع قوله هو ان توم كان رجلا مرحا ، لين العريكه وكان طبعا قديرا فيمهنته.
-
هذه اوصاف عامه يمكنان تنطبق على اي انسان ، الا يمكن ان نتكلم عن صفات ذات طابع شخصي صفات اكثر اتصاقابه، مثل هل هو مولع بالإطلاع والقراءه؟!
-
نعم إنه يقرأ كثيرا.
-
اي نوع من الكتب يؤثره؟
-
تراجم المشهورين وسير حياتهم.. وأيضا كتب الاجتماع وقصص الجريمه عندمايكون مجهدا .
-
إذن فهو قارئتقليدي كمعظم الناس
ثم اردف يسألها :
-
ايلعب الورق اوالشطرنج؟!
-
إنه يلعب البريدج، وقد اعتدنا ان نلاعب الدكتور إيفانز وزوجته مره او مرتين فيالأسبوع.
-
هل لزوجك اصدقاءكثيرين ؟!
-
نعم فهو يحب الاختلاط والحياه الاجتماعيه .
-
ليس هذا ماعنيت، وإنما اردت ان اسأل عما إذا كان رجلا يولي اصدقاءه اهتماما شديدا؟
-
إنه يلعب الجولف عادة مع واحد او اثنين من جيراننا.
-
أليس له اصدقاء حميمون او خلان قدماء؟
-
كلا. إنك تعلم انه ولد في كندا وامضى في الولاياتالمتحده ردحا طويلا من الزمن فلم تهيأ له الفرصه هنا لمعرفةالكثيرين.
تطلع جيسوب في ورقة منشوره امامه على المكتب وقال:
-
إننا نعرف ان ثلاثة اشخاص من الولايات المتحده زاروه في الأيامالأخيره وأسماؤهم مسطوره لدي هنا.. وطبقا لتحرياتنا فإن هؤلاء الثلاثة هم الوحيدونالذين زاروه من خارج البلاد.ولذلك فإننا نولي امرهم اهتماما خاصا واولهم ولترجريفيث وقد زاركم في هارويل.
-
صحيح فقد اتى إلى انجلترا وحضر لزيارةتوم.
-
وماذا كان رد الفعل عندزوجك؟
-
دهش توم لرؤيته ولكنهكان سعيدا جدا بهذه الزياره فقد كانت بينهما في امريكا معرفةوثيقه.
فسألها جيسوب:
-
وعلى اية صوره بداجريفيث في نظرك؟
-
ولكنكم حتماتعرفون كل شيء عنه؟
-
نعم إننانعرف عنه كل شيء، ولكني اريد ان اسمع منك انت رأيك فيه.
فكرت لحظه ثم ردت:
-
إنه يبدو رجلا جادا يبعث مجلسه على الضجر، وكان مهذباجدا شديد المجامله في لقائه معي . ولاح لي انه مولع جدا بتوم ومتلهف إلى أن يحدثهعما جرى في الولايات المتحده منذ ان بارحها توم إلى انجلترا . وأظن ان حديثه كانيدور حول الأخبار المحليه ولكنه لم يكن بالنسبة لي حديثا مسليا ، إذ لم اكن اعرفاحدا ممن يتحدث عنهم وعلى اية حال فقد كنت بسبيل اعداد العشاء ولذا تركتهما معايستعيدان الذكريات القديمه .
-
ألم يتحدثا في السياسه؟
تضرج وجه مسز بيترتون احمرارا وردت:
-
لعلك تحاول ان تلمح إلى ان جريفيث شيوعي او فاشيستي ،إني واثقه من انه ليس بهذا او ذاك ، إنه فيما اعتقد موظف في مكتب النائب العام.
-
والآن فلننتقل إلىالزائر الثاني الذي اتى من وراء البحار ، الدكتور مارك لوكاس، إنكما التقيتما به صدفة في فندق دورسيت.
-
هذاصحيح ،، كنا نتناول العشاء في دورسيت بعد خروجنا من المسرح، فإذا بنا نلتقي فجأهبهذا الرجل ، إنه يعمل باحثا كيماويا وآخر مره التقى فيها بتوم كانت في الولاياتالمتحده .. وهو لاجئ الماني اكتسب الجنسية الأمريكيه وانت طبعا تعرف كلهذا.
-
نعم إني اعرف ذاك يامسزبيترتون. هل دهش زوجك لرؤيته؟
-
نعم دهش جدا.
-
وهل سر بلقائه؟
-
نعم ، نعم اظن ذلك.
-
ولكنك غير متأكده؟
-
قد فهمت من توم فيما بعد ان هذا الرجل لا يهمه.
-
وهذا اللقاء ؟ اكان مجردصدفه ؟ الم يكن هناك تدبير سابق بحيث يبدو اللقاءعرضا؟!
-
كلا بل كانت مقابله عارضه.
واستطرد جيسوب:
-
اما الزياره الأخيرهفقد كانت صاحبتها سيده تدعى مسز كارول سبيدر وكانت هي الأخرى قادمه من الولاياتالمتحده ، فكيف تمت هذه المقابله؟!
-
اعتقد انها موظفه بالأمم المتحده وكانت قد تعرفت على توم عندما كانمقيما في امريكا، وقد اتصلت به تلفونيا من لندن واخبرته بوجودها في انجلترا وسألتهعما إذا كنا نستطيع ان نتناول الغداء في يوم من الأيام ولكننا اعتذرنا عن عدم تلبية دعوتها.
-
إنك انت التي لمتزوريها، اما زوجك فقد لبى الدعوه.
فحملقت فيه دهشه وهي تقول :
-
ماذا تقول؟
-
الم يقل لك زوجك انه زارها؟
-
كلا لم يخبرني بشيء
وبدت مسز بيترتون قلقه ومرتبكه/ واحس الرجل الذي استجوبها بالرثاء لها.
وغمغمت الزوجه في صوت خافت مأخوذ:
-
منالغريب انه لم يحدثني بشيء عن زيارته لها.
-
لقد تناول الغداء معها في فندق دورسيت حيث كانت مسز سبيدر تقيم ، وكانذلك في يوم الأربعاء 12 اغسطس.
فقالت متأمله :
-
الأربعاء 12 اغسطس؟! نعم فقد ذهب إلى لندن في ذلك اليوم ولكنه لم يشرإلى التقائه بها.
ثم تفجر علىلسانها السؤال الذي كان يصطخب في رأسها :
-
ماشكلها؟ ما هيئتها؟!
-
ليست من النوع الرائع الخلاب يامسز بيترتون.. امرأه شابه كادحه فيالثلاثين من العمر وليست من النوع الذي يسترعي الأنظار، وليس هناك مايدل مطلقا علىانها من النوع الذي يسترعي الأنظار ، وليس هناك مايدل مطلقا على انها على صداقةوثيقه بزوجك / فهذا ما يدعو إلى التساؤل عما حدا به إلى كتمان الأمر عنك .
-
نعم نعم ، إنه غريب حقا .
-
والآن ارجوك يامسزبيترتون. ان تفكري جيدا .. الم تلاحظي اي تغيير في سلوك زوجك منذ ذلك اليوم؟ ايحوالي منتصف شهر اغسطس؟ اعني قبل سفره إلى المؤتمر بنحواسبوع؟
-
لا .. لا.. لم الاحظاي شيء.. كان سلوكه عاديا لم يطرأ عليه تغيير.
دق جرس التليفون الداخلي الموضوع على مكتبه فتناولالسماعه وادناها من اذنه واتاه صوت من الطرف الآخر يقول :
-
هنا رجل يريد ان يقابل احدالمسؤولين بشأن موضوع بيترتون.
-
ما اسمه؟
خط جيسوب الاسم على قصاصه امامه ثم قال:
-
اهو بولندي الجنسيه؟
-
لا ادري ياسيدي؟ انه يتكلم الانجليزيه بطلاقه ، ولكن بلكنهاجنبيه.
-
حسنا اطلب اليه انينتظر ,
دفع جيسوب إلى مسزبيترتون بالقصاصه المسطور عليها الاسم وسألها
-
اتعرفين احدا بهذا الاسم؟!
اتسعت عيناها دهشه وهي تقرأ الاسم وخيل إليه ان بادره منالخوف غشت عينيها لحظة :
-
نعماني اعرفه .. فقد بعث إلي بخطاب بالأمس... إنه ابن خخالة زوجة توم الأولى. وقد وصللتوه إلى هذه البلاد، وكان شديد الاهتمام بمسألة اختفاء توم، فكتب إلي يسألني عمااذا كانت لدي اية انباء عنه.
-
الم تسمعي عنه من قبل؟ الم تتقابلا؟
-
لا ، لم يحدثني زوجي عنه ابدا ولم التق به في يوم منالأيام .
-
إذن من المحتمل انيكون مدعيا ؟
-
هذا الخاطر لميدر بخاطري.
ثم اردفت :
-
كانت زوجة توم الأولىاجنبيه ، انها ابنة البروفيسور مانهايم. فهذا الشخص كما يتبدى من خطابه يعرف كل شيءعنها وعن توم. ولكن إذا كان مدعيا فما الهدف من وراءذلك؟
فرد جيسوب باسما:
-
إنه السؤال العويصالذي يتردد على السنتنا بهذا المكتب. إننا دائما نسأل انفسنا ما الهدف من هذا وماالهدف من ذاك ؟ ومع ذلك فالجواب دائما مستعص لا سبيلإليه.
قالت مسزبيترتون:
-
إني لم اعد اطيقهذه الحال . لا شيء إلا ان اجلس وانتظر .. إني اريد ان اسافر إلى اي مكان على سبيلالتغيير .. وإني افضل ان اسافر إلى الخارج لأروح عن نفسي.. إني موشكه على الانهيار. إني احاول ان اتشبث بالشجاعه ولكن اعصابي لم تعد تحتمل .. فقد كتبت إلى طبيبياستطلع رأيه ، فأشار علي بضرورة السفر على سبيل الاستجمام ثلاثة او اربعةاسابيع.
اخرجت من حقيبتهاخطاب الطبيب ودفعت به إلى جيسوب فقرأه وأعاده إليهافسألته:
-
ايمكن السماح ليبالسفر؟
نظر إليها بدهشه وقال:
-
طبعا يمكنك ان تسافريمتى شئت يا مسز بيترتون.
-
كنت اخشى ان تعترضوا.
-
ولماذانعترض؟ كل ماهنالك هو اني اريد ان اعرف مقرك لأتصل بك إذا أتتنس بعضالأنباء.
فردت:
-
في نيتيان اسافر إلى مكان مشمس ، اسبانيا او مراكش.
-
إذن اتمنى لك رحلة طيبه .
وانصرفت وهي ماتزال بادية القلق والاضطراب.
××××××××
نهـــاية الـــفصل الاول :)