الفصل الثامن :
في قاعةالانتظار بالمطار كانت هيلاري كرافن تترقب قيام الطائره وإلى جانبها مسز بيكر تصبفي اذنيها ثرثرتها التي لا تنتهي وتجيب في شرود على الاسئلة التي توجه إليها .
ولكن سيل الحديثالمتدفق مالبث ان اتخذ مجرى اخر فقد التفتت مسز بيكر إلى شابين كانا يجلسان عن كثب، احدهما امريكي يتألق وجهه دائما بابتسامه عريضه مشرقة ، والآخر فيما يبدو هولنديان نرويجي السحنه ، واكثر جدا ووقارا من صاحبه .
وقالت مسز بيكرتخاطب الامريكي :
- إني احب اناعرفك بصديقتي مسز بيترتون يا مستر .. يا مستر ..
- اندرو بيترز .. واصدقائي ينادوني باسم آندي ..
فنهض الاخر ووقفوانحنى باحترام ، وقدم نفسه بقوله :
- توركيلايريكسون .
وقالت مسز بيكر :
- والآن وقدتعارفنا ، هل نحن جميعا ذاهبون لمراكش؟! هي اول زياره لصديقتي لهذه المدينه .
فقال النرويجيايريكسون:
- وهي اول زيارهلي ايضا.
فقال بيترز :
- وهذا ينطبقعلي .
وعلا صوتالميكرفون بكلمات متداخله غير واضحه ، فهموا منها ان موعد قيام طائرتهم قدحان.
وبخلاف هؤلاءالأربعه ، ضمت الطائره شخصين اخرين ، رجلا فرنسيا وراهبه صارمة القسمات جامدةالوجه.
واسندت هيلاريرأسها إلى ظهر المقعد ..
فأطبقت عينيهاوران عليها النعاس..
ومالبثت اناستغرقت في النوم ..
صحت هيلاري فجأهمن النوم ، ولاحظت ان الطائره تنحدر إلى الأرض مخفضه من سرعتها ، ومالت إلى النافذهتطل من ورائها ، بيد انها لم تر أثرا لأي مطار ..
وتثاءب الفرنسيوقال:
- يبدو انناسنهبط ، ولكن لماذا ؟!
فقالتهيلاري:
- فعلا فقد اخذتالطائره بالهبوط ..
ودارت الطائرهحول نفسها عدة دورات وتوقفت محركاتها وسكن الهدير .. ترى ..هل اصابها خلل ما ؟! امان الوقود نفد منها..
ارتطمت العجلاتبالأرض ، وجرت فوقها وهي تهتز وتتأرجح فوق المطبات غير المستويه . وجاء الطيار منمقصورته يقول لهم :
- ارجوكم جميعاان تتفضلوا بالنزول .
وغادروا الطائرهتباعا ، واحدا تلو الاخر ..
لم يكن مطارا ذلك الذي هبطوا فيه ،وإنما كانت بقعة منعزله في قلب الصحراء الممتدة بلا حدود .
وقالت هيلاريمتسائله في صوت تغشاه الحيره:
- ولكن مالذيجرى ؟ لماذا نزلنا هنا ؟!
قال الطيارمجيبا :
- إننا على كلحال لن نبقى إلا دقائق قليله..
ورمى بصره عبرالافق ناحية الجبال المكسوه بالثلوج ثم قال :
- لقد تأخرتقليلا ولكن هاهي ذي قادمه على البعد.
وقال المسافرالفرنسي:
- قد فهمت أنهستكون في انتظارنا سيارة ميكروباص لكي نكمل الرحلة فيها ..
وعادت هيلاريتتساءل :
- هل اصابالمحرك عطب؟
وابتسم بيترزابتسامته العريضه المألوفه ، والتي تشيع في كل ثنايا وجههوقال:
- كلا ان المحركسليم ، ولكن كان لابد ان يدبروا شيئا من هذا القبيل ..
واخيرا جاءتالسياره الميكروباص ، يقودها سائق من البربر، في سرعة خاطفه اضطر معها أن يضغطفراملها بكل قوه حتى توقفت بجوارهم في المكان المناسب ..
ولدهشة هيلاريسمعت مسز بيكر تصدر امرا بقولها:
- هيا اسرعوافلا نريد ان نتأخر اكثر من هذا ..
ومضى السائق إلىالجزء الخلفي من السيارة وفتح الباب فانكشف عن صندوق ضخم يشغلالمؤخره..
وتعاون بيترزوايريكسون مع السائق والطيار على إنزال الصندوق إلى الارض في جهد ومشقه إذ بداثقيلا مرهقا ..
فأقبل الفرنسيعلى الصندوق يفتح ويرفع غطاءه فاقتربت منه هيلاري محاولة النظر لما بداخله ..
فأخذت مسز بيكربذراعها تنحيها جانبا وهي تقول:
- لو اني مكانكلما خاولت النظر إلى مافي الصندوق .
- ولم لا ؟مالذي في الصندوق؟
تألقت ابتسامةبيترز العريضه وقال :
- إني اعرفمافيه .. إن فيه مجموعه من الجثث ..
رددت هيلاري فيذهول :
- جثث؟
- نعم جثث ... جثث اشتريت بطريقه قانونيه سليمه لإجراء بحوث طبيه عليها ، والذي اشتراها هوالدكتور بارون.
واشار إلى الرجلالفرنسي ، ثم استطرد ..
- هنا تنتهيرحلتنا يا مسز بيترتون .. أعني المرحلة الاولى من الرحله ، ستوضع الجثث في الطائرهثم تشعل فيها النيران ، وسوف نراها على البعد ونحن نستقل الميكروباص شعله متأججه .
وغمغمت هيلاري :
- ولكن لماذا؟لماذا ؟!
وكان الدكتوربارون هو الذي اجاب.. فقال :
- ولكنك تعرفينطبعا ، إلىاي مكان سوف نذهب ، إننا ذاهبون للمصير المجهول .