(( 3 ))
في بيت عبد المطلب
بعد رحيل آمنة .. امتدت يد جده عبد المطلب تفيض حنانا ً إليه ..
حمله إلى بيته حيث تربى في كنفه .. في كنف هذا الرجل الكريم الطباع
صاحب الشرف وساقي الحجيج .. فكانت أولى خطواته في دروب الرجولة
شب محمد اليتيم يتحمل المسؤولية .. وكأن اليتم علمه أن الحياة لا تستحق شيئاً
لكن لها جمال لا ينال إلا بالكفاح .. لقد أحبه عبد المطلب وهو يرى الرجولة
تشع من إهابة .. فلم يرسله في حاجه إلا جاء بها .. ولم يأمره بأمر إلا قام
بتنفيذه على الوجه الأكمل .
لم يفارق هذا الصغير جده .. ولم تكن أيمهما كلها رخاء وسعة فلقد أصابت قريش
سنون جدب وبات الناس في شظف من العيش في واد غير ذي زرع
ولكن الله رحيم بعبادة فقد عادت الحياة خضراء في مكة واهتزت الأرض وربت
بفضل ربها .. وضحك الربيع للجميع .. لكن السعادة لم تدم لمحمد .. فها هو
بعد مدة ليست بالطويلة يبكي خلف سرير عبد المطلب بحرقة ومرارة
لقد مات عبد المطلب جده وآخر أبائه ( حبيباتي تخيلوا كيف صغير يتيم ماتت أبوه قبل
أن يراه ثم تعلقت آماله في أمه فأصبحت كل شيء عنده ولكنه فقدها هي الأخرى توجهت أنظاره إلى جدة فهو آخر أمل له ولكن غاب عنه كيف لقلب ذلك الصغير
أن يحتمل لكنها مشيئة الله )