((4))
في بيت أبو طالب
حن أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الحزن القابع خلف السرير
ورق لحالة وكربة .. فحملة إلى بيته .. ورعاه وكأنه من صلبه .. ينسيه وحدته
ويتمه بمعاملة تذوب رحمة وحناناً .. فكان يلازمه في كل مكان
في مكة .. في مجالسها وطرقاتها كان رفيقه في بعض الرحلات ..
وفي صيف حار تحركت الركائب نحو الشام ومعها أبو طالب ومحمد صلى الله علية وسلم
في أشياخ قريش ولما أشرفوا على الراهب (بحيرى) هبطوا فحملوا رحالهم
فخرج إليهم الراهب وكان قبل ذلك يمرون به فلا يخرج , ولا يلتفت إليهم فنزل وهم يحلون رحالهم فجعل يتخللهم حتى جاء فأخذ بيد النبي صلى الله علية وسلمفقال :
هذا سيد العالمين , هذا رسول رب العالمين , بعثه الله رحمة للعالمين
فقال له أشياخ من قريش :
وما علمك ؟ فقال :
إنكم حين أشرفتم من العقبة , لم يبق شجر ولا حجر إلا خر ساجدا ولا يسجدون إلا لنبي
وإني عرفته بخاتم النبوة , أسفل من غضروف كتفه
ثم رجع فصنع لهم طعاما فلما أتاهم به فقال أرسلوا إليه ( وكان هو في رعية من الإبل )
فأقبل وغمامة تظلله فلما دنى من القوم قال بحيرى :
فيء الشجرة
فلما جلس مال فيء الشجرة عليه ( الله أكبر يسجد له الشجر والحجر وتظلله الغمام
ويميل الشجر له بأبي هو و بأمي )
قال بحيرى : انظروا إلى فيء الشجرة مال عليه فبينما هو قائم عليهم – أي بحيرى –
وهو ينشدهم ألا يذهبوا به إلا الروم فإن رأوه عرفوه بالصفة فقتلوه فإذا بسبعة نفر من الروم قد أقبلوا فستقبلهم بحيرى فقال :
ما جاء بكم ؟ فقالوا :
جئنا أن هذا النبي خارج في هذا الشهر , فلم يبق طريق إلا بعث إليه ناس وإنا أخبرنا خبره إلى طريقكم هذه . فقال بحيرى :
فهل خلفكم أحد هو خير منكم ؟ فقالوا :
لا إنما أخبرنا خبره في طريقكم هذه , فقال بحيرى :
أفرأيتم أمراً أراد الله أن يقضيه , هل يستطيع الناس رده ؟
فقالوا : لا . فبايعوه وأقاموا عنده , فقال بحيرى الراهب (لقريش) :
أنشدكم الله أيكم وليه قالوا : أبو طالب . فلم يزل يناشده حتى رده إلى مكة خوفاً عليه بعد أن تأكد من صفاته ( صفات النبي المنتظر )