.. حياكن المنان ..
أرفل في ثوب الجذل الآن ..
لسببين ..
أحدهما أن سبب وضعي هذه القصة هو فوزها..
في المركز الثاني في مسابقة ( مدينة الحب ) للقصص ..
فخر لي بصراحة ..
..~*~..
مدينة الحب ..
شكرا لمدادك الوضاء ..
وعذراً على التأخير ..
فقد أشغلني ما أشغلني ..
..~*~..
علها تعجبكن ..
صدى ..
صدى روحي يرد أناتي
وصدى غرفتي يعيد آهاتي
لا تقولوا قصتي حصلت وستحصل
لو تقفون في موقفي لقلتم ..آه من العذاب
ماتت أمي ..غادرتني بسمتي مع روحها المولية
هل افتقدتها وانا صغيرة .. لا
افتقدتها عندما احتجت لها ...عندما كبرت
لم يكن لي عزاء سوى أخي
أخي هو الوحيد الذي أرى الحياة في عينيه
بالنسبة لي إنه حياتي
لم نكن نعرف أبي ..كان مريضاً دائماً ..غاضباً دائماً ..حزيناً دائماً
كنت أراه يبكي كالطفل الرضيع في كثير من الأحيان
أشياء كثير تتكسر داخلي عندما أراه يبكي ..ولأني صغيرة لم أكن أعرف ما الذي يتكسر بالضبط ..
هل كان يبكي أمي ورحيلها ..أم يبكي سبعة أطفال أكبرهم لم يتخرج من الجامعة
هل كان يبكي حياته البائسة وقلة حيلته ..أم أن الدموع كانت عنوان شخصيته
لا أعلم هذا ..كل ما أعلمه أن أبي ليس له دور في حياتي
كبرنا كلنا ..ذات يوم غادر أبي ..عرفت من أخي أنه لن يعود لأنه مسجون
لم أسأل كثيراً عنه ..لا أنكر أني كنت مرتاحة لهذا
لن أرى دموعاً مجدداً ولن تتكسر أشياء في نفسي مرة أخرى
تخرجت من الجامعة ولم أجد لي عملاً فبقيت في المنزل كما حصل لبقية أخوتي
أخي المسكين هو الوحيد الذي يعمل ..كانت هموم الدنيا مجتمعة فوق رأسه
إنه يعول ستة أطفال ..يعول منزلاً واسعاً ودنيا كبيرة ..كنت أشفق عليه كثيراً لكن ما باليد حيلة
نحر أخي نفسه ليسعدنا في حياتنا ..اخذ يرقى سلم المجد خطوة بخطوة حتى وصل لأعلى المراتب ..حرم نفسه من ملذات الدنيا ..لم يتزوج وتجاوز الأربعين وهو يعيش لنا ومن أجلنا ..تجمعت الأمراض في صدره المسكين ..كان يقاوم وكنت أرى العذاب في عينه ..كان يشقى ليرى بسمتنا ..يتعب ليوفر راحتنا ..ليتني كنت أستطيع أن أمد له يد العون ..الشيء الوحيد الذي كنت أقدمه له أني أجمع مصروفي الشهري الذي يأتيني منه وأشتري له أحد الكتب التي يحبها كثيراً ..كان يفرح بهديتي ..في معظم الأحيان يواري دموعه المنهكة عني ويدفنها في شعري وهو يضمني لصدره ..لا أظن أن شخصاً كهذا أستطيع أن أصفه ..أوجز شرحي له بكلمتين ( إنه إنسان عظيم )
تزوجت ..بل ...تزوجنا كلنا ..خلى البيت إلا من أخي المسكين الذي تجاوز عمره وقت الزواج أخبرته أني أريد أن أزوجه ولكنه نظر لي بعين ملؤها العذاب وقال ( ما أقدر ) اتسعت عيناي وقلت بعجب ( ليه ..؟) تنهد بحرارة ..ابتسم ابتسامة مترهلة ثم قال ( ما أقدر ) اعتراني الخوف من دموعه المتجمعة في عينه ..أمسكت بيده وهمست ( إيش فيك ) خبأ وجهه بيديه ..سمعت يقول ( أنا مريض بالقلب ) وصلتني هذه الجملة عبر الهواء ..سكن الكون لحظة أمام ناظري .. أخي ..يصاب بمرض خطير كهذا ..أخي الذي عاش ليسعدنا حتى رآنا نرفرف بين أجنحة الأنس يبتليه الزمن بمرض كهذا ..ليت المرض أصابني وتركه ..ليته عذبني وابتعد عن قلبه ..على الأقل ليرى النور في حياته المظلمة ..لا بأس إن أصبت أنا ..فقد عشت أفضل حياة بسببه ..انتفض جسدي وانسابت دموعي المتألمة ..أمسكني وقال ( عادي ..أنا أصلاً ما أبغى أتزوج ) نظرت لعينيه ..ليس الزواج مشكلة يا أخي ..أنت تموت ..أنت تنتهي ..أفزعني هذا الخاطر حتى أدمى قلبي ...لم اتمالك نفسي وانهرت بالبكاء
سنة وسنوات ..أن ترى شمعة حرقت نفسها لتنير دربك تذوي وتنطفي صعب للغاية ..أرى أخي وقد ألمت به خطوب الدنيا ..إنه هزيل ضعيف ..لا أريد ان أقول أنه أصبح شبح أخي وليس أخي .لم يعد يبتسم وازدادت نوبات مرضه حتى ...غادر ...غادر ...غادر
كيف لي أن أصف شعوري بعد أن تركني أعز إنسان في حياتي ..لقد مات أخي ..مات ولم يرى السعادة في حياته ...مات بعد أن أشقى نفسه لأجلنا ..مات بعد أن أسعدنا ..آه ليت للمشاعر حروف وكلمات لأنهيت الدفاتر والكتب ..آه من العذاب الذي يعتمل في صدري ..ليس لي إلا الصبر والدعاء له ..أدعوا له فهو يستحق دعاؤكم ..ادعوا له أن يتزوج من حور الجنان وأن ترفرف روحه في الجنة ..لا زال الصدى يتلقف تساؤلاتي ..لازال الصدى يتلقف ذكرياتي ..لدي أمنية ..ليت للصدى صوت حتى يجيب ..لماذا غادر أخي ؟
استغفر الله العظيم ولا حول ولاقوة إلا بالله