فصل [ في فضيلة التبصر في العواقب ]
من عاين بعين بصيرته تناهي الأمور في بداياتها , نال خيرها , ونجا من شرها ومن لم ير العواقب غلب عليه الحس , فعاد عليه بالألم ما طلب منه السلامة وبالنّصَب ما رجا منه الراحة .
وبيان هذا في المستقبل , يتبين بذكر الماضي , وهو أنك لا تخلو , أن تكون عصيت الله في عمرك أو أطعته . فأين لذة معصيتك ؟ وأين تعب طاعتك ؟ هيهات رحل كلٌ بما فيه ! فليت الذنوب إذ تخلت خلت !
وأزيدك في هذا بياناً مثل ساعة الموت , وانظر إلى مرارة الحسرات على التفريط , ولا أقول كيف تغلب حلاوة اللذات , لأن حلاوة اللذات استحالت حنظلاً , فبقيت مرارة الأسى بلا مقاوم , أتراك ما علمت أن الأمر بعواقبه ؟ فراقب العواقب تسلم , ولا تمل مع هوى الحس فتندم .