فصل [ احذر العثار وتوق الذنوب ]
رأيت كل من يعثر بشيء أو يزلق في مطر يلتفت إلى ما عثر به , فينظر إليه , طبعاً موضوعاً في الخلق . إما ليحذر منه إن جاز عليه مرة أخرى , او لينظر مع احترازه وفهمه كيف فاته التحرز من مثل هذا .
فأخذت من ذلك إشارة , وقلت : يامن عثر مراراً هلا أبصرت ما الذي عثرك فاحترزت من مثله , أو قبحت لنفسك مع حزمها تلك الواقعة .
فإن الغالب ممن يلتفت : أن معنى التفاته كيف عثر مثلي مع احترازه بمثل ما أرى .
فالعجب لك كيف عثرت بمثل الذنب الفلاني والذنب الفلاني ؟ كيف غرك زخرف تعلمت بعقلك باطنه , وترى بعين فكرك مآله ؟ كيف أثرت فانياً على باق ؟ كيف بعت بوكس , كيف اخترت لذة رقدة على انتباه معاملة ؟
آه لقد اشتريت بما بعت أحمال ندم لا يُقلها ظهر , وتنكيس رأس أمسى بعيد الرفع , ودموع حزن على قبح فعل ما لمددها انقطاع .
وأقبح الكل , أن يقال لك : بماذا ؟ ومن أجل ماذا ؟ وهذا على ماذا ؟ يا من قلب الغرور عليه الصفحة , ووزن له والميزان راكب .
فصل [ الغفلة سبب الوقوع في الذنوب ]
لا ينال لذة المعاصي إلا سكراناً بالغفلة . فأما المؤمن فإنه لا يلتذ , لأنه عند التذاذه يقف بإزائِهِ علم التحريم , وحذر العقوبة . فإن قويت معرفته رأى بعين علمه قرب الناهي , فيتنغص عيشه في حال التذاذه .
فإن غلب سكر الهوى كان القلب متنغصاً بهذه المراقبات , وإن كان الطبع في شهوته . وما هي إلا لحظة , ثم خذ من غريم , ندم ملازم , وبكاء متواصل , وأسف على ما كان من طول الزمان .
حتى إنه لو تيقن العفو وقف بإزائه حذر العتاب , فأف للذنوب ما أقبح آثارها وما أسوأ أخبارها , ولا كانت شهوة لا تنال إلا بمقدار قوة الغفلة .