فصل [ عظّم الله يعظّمك الناس ]
إخواني : اسمعوا نصيحة من قد جرب وخبّر . إنه بقدر إجلالكم لله عز وجل يُجِلكم , وبمقدار تعظيم قدره واحترامه يعظم أقداركم وحرمتكم .
ولقد رأيت والله من أنفق عمره في العلم إلى أن كبرت سنه , ثم تعدى الحدود فهان عند الخلق , وكانوا لا يلتفتون إليه مع غزارة عمله , وقوة مجاهدته .
ولقد رأيت من كان يراقب الله عز وجل في صبوته مع قصوره بالإضافة إلى ذلك العالم فعظم الله قدره في القلوب حتى علقته النفوس , ووصفته بما يزيد على ما فيه الخير .
ورأيت من كان يرى الاستقامة إذا استقام , فإذا زاغ مال عنه اللطف , ولولا عموم الستر و شمول رحمة الكريم لافتضح هؤلاء المذكورون , غير أنه في الأغلب تأديب أو تلطف في العقاب كما قيل :
ومن كان في سُخطه مُحسنا فكيف يكون إذا ما رضي
غير أن العدل لا يحابى , وحاكم الجزاء لا يجور , وما يضيع عند الأمين شيء .
فصل [ بادر بالتوبة قبل وقوع العقوبة ]
الواجب على العاقل أن يحذر مغبة المعاصي , فإن نارها تحت الرماد . وربما تأخرت العقوبة ثم فجأت , وربما جاءت مستعجلة , فليبادر بإطفاء ما أوقد من نيران الذنوب , ولا ماء يطفئ تلك النار إلا ما كان من عين العين , لعل خصم الجزاء يرضى قبل أن يبت الحاكم في حكمه .