عرض مشاركة واحدة
قديم منذ /21-07-2007, 04:08 PM   #7

دفء الشتاء
بنوتة متفانية

 
    حالة الإتصال : دفء الشتاء غير متصلة
    رقم العضوية : 19020
    تاريخ التسجيل : Jun 2006
    المشاركات : 2,344
    بمعدل : 0.36 (مشاركة/اليوم)
    النقاط : دفء الشتاء will become famous soon enoughدفء الشتاء will become famous soon enough
    التقييم : 112
    تقييم المستوى : 22
    الأسهم : 0 (أسهم/سهم)
    الجواهر : (جواهر/جوهرة)
    عدد الدعوات : 0
    زيارات ملفي : 19682

     SMS : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

مزاجي :
    استعرضي : عرض البوم صور دفء الشتاء عرض مواضيع دفء الشتاء عرض ردود دفء الشتاء
    تجديني هنا :
     MMS :

MMS

but2 (1) تاكيو اوساهيرا

[الجزء الأول]


تاكيو أوساهيرا


يقول الياباني تاكيو أوساهيرا



ابتعثتني حكومتي للدراسه في جامعة هامبورغ بألمانيا لأدرس أصول الميكانيكا العلمية ، ذهبت إلى هناك وأنا أحمل حلمي الخاص الذي لا ينفك عني أبدا ً ، والذي خالج روحي وعقلي وسمعي وبصري وحسي،كنت أحلم بأن أتعلم كيف أصنع محركا ً صغيراً.


كنت أعرف أن لكل صناعة وحدة أساسية أو ما يسمى موديلا ً، وهو أساس الصناعة كلها ، فإذا عرفت كيف تصنعه ، فإنك وضعت يدك على سر هذه الصناعة كلها .



وبدلا ً من أن يأخذني الأساتذة إلى المعمل أو مركز تدريب عملي ، أخذوا يعطونني كتبا ً لأقرأها ، وقرأت حتى عرفت نظريات الميكانيكا كلها ،ولكنني ظللت أمام المحرك أيا ً كانت قوته وكأنني أقف أمام لغز لا يحل ، كأني طفل أمام لعبة جميلة لكنها شديدة التعقيد ، لا أجرؤ على العبث بها .



كم تمنيت أن أداعب هذا المحرك بيدي ، كم أشتاق إلى لمسه والتعرف على مفرداته وأجزائه ، كم تمنيت لمه لمّه وضمّه وقربه وشمّه ، كم تمنيت أن أعطر يدي بزيته ، وأصبغ ثيابي بمخاليطه ، كم تمنيت وصاله ومحاورته والتقرب إليه ، لكنها ظلت أمنيات ..أمنيات حية تلازمني وتراودني أياما ً وأياما ً.



وفي ذات يوم قرأت عن معرض محركات إيطالية الصنع ، كان ذلك أول الشهر ، وكان معي راتبي ، وجدت في المعرض محركا ً بقوة حصانين ، ثمنه يعادل مرتبي كله ، فأخرجت الراتب ودفعته للبائع ، وحملت المحرك وكان ثقيلا ً جدا ً ، وذهبت إلى حجرتي ووضعته على المنضدة ، وجعلت أنظر إليه كأنني أنظر إلى تاج من الجواهر ، وقلت لنفسي : هذا هو سر قوة أوربا !! لو استطعت أن أصنع محركا ً كهذا لغيرت اتجاه تاريخ اليابان .



وطاف بذهني خاطر ..إن هذا المحرك يتألف من قطع ذات أشكال وطبائع شتى ، مغناطيس كحدوة الحصان ، وأسلاك وأذرع دافعة وعجلات وتروس وما إلى ذلك ، لو إنني استطعت أن أفكك قطع هذا المحرك وأعيد تركيبها بالطريقة نفسها التي ركبوها بها ثم شغلته فاشتغل ..أكون قد خطوت خطوة نحو سر موديل الصناعة الأوروبية .



بحثت في رفوف الكتب التي عندي ، حتى عثر على الرسوم الخاصة بالمحركات ، وأخذت ورقاً كثيرا ُ، وأتيت بصندوق أدوات العمل ، ومضيت أعمل ..رسمت منظر المحرك بعد أن رفعت الغطاء الذي يحمي أجزاءه ، ثم جعلت ُ أفكك أجزاءه قطعة قطعة ، وكلما فككت قطعة رسمتها على الورق بغاية الدقة وأعطيتها رقما ً ، وشيئا ً فشيئا ً حتى فككته كله ، ثم أعدت تركيبه من جديد .


وفي هذه اللحظه وقفت صامتا ً قليلاً ..إنه وقوف وصمت المتشكك ..هل سأنجح في تشغيله ؟ وبسرعة قطعت شكي وأدرت المحرك ..فأشتغل وما ان غرّد صوت المحرك حتى كاد قلبي يقف من الفرح..استغرقت العملية ثلاثة أيام ، كنت آكل في اليوم وجبة واحدة، ولا أصيب من النوم إلا ما يمكنني من مواصلة العمل .



وحملت ُ النبأ إلى رئيس بعثتنا، فقال حسنا ً فعلت، الآن لا بد أن أختبرك ، سآتيك بمحرك متعطل ، وعليك أن تفككه وتكتشف موضع الخطأ وتصححه ، وتجعل هذا المحرك العاطل يعمل .



كلفتني هذه العملية عشرة أيام ، عرفت أثناءها مواضع الخلل فقد كانت ثلاث من قطع المحرك بالية ومتآكله ، صنعت ُ غيرها بيدي ، صنعتها بالمطرقة والمبرد، لقد كانت هذه اللحظات من أسعد لحظات حياتي فأنا مع المحرك جنبا ً إلى جنب ، ووجها إلى وجه ، لقد كنت ُ سعيدا ً جدا ً رغم المجهود الكبير الذي بذلته في إصلاح هذا المحرك ..



قربي من هذا المحرك أنساني الجوع و العطش، لا آكل في اليوم إلا وجبة واحدة ، ولا أصيب من النوم إلا القليل .



ثم تأتي اللحظات الحاسمه لإختبار أدائي في إصلاح هذا المحرك بعدما جمعت أجزاء من جديد ، وبعد قضاء عشرة أيام من العمل الشاق ، أخذت يدي تقترب من لإدارة المحرك .. وكم كنت أحمل من القلق والهم في تلك اللحظات العصيبة ، هل سيعمل هذا المحرك ؟ هل سأنجح بعدما أدخلت فيه بعض القطع التي صنعتها ؟! وكم كانت سعادتي واعتزازي بعد ما سمعت صوت المحرك وهو يعمل ..لقد أصلحته .. لقد نجحت .


بعد ذلك قال رئيس البعثة : عليك الآن أن تصنع قطع المحرك بنفسك ، ثم تركبها محركا ً.



ولكي أستطيع أن أفعل ذلك التحقت بمصانع صهر الحديد وصهر النحاس والألمونيوم ، بدلا ً من أن أعد رسالة الدكتوراه كما أراد أساتذتي الألمان، تحولت إلى عامل ألبس بدلة زرقاء ، وأقف صاغرا ً إلى جانب عامل صهر المعادن ، كنت أطيع ُ أوامره كأنه سيد عظيم ، كنت أخدمه ُ حتى في وقت أكله، مع أنني من أسرة ساموراي ..والأسرة السامورائية هي من أشرف وأعرق الأسر في اليابان ، لكنني كنت أخدم اليابان، وفي سبيل اليابان يهون كل شيء .



قضيت ُ في هذه الدراسة والتدريبات ثماني سنوات ، كنت أعمل خلالها مابين عشر وخمس عشرة ساعة في اليوم، بعد انتهاء يوم العمل كنت آخذ نوبة حراسة ، وخلال الليل كنت أراجع قواعد كل صناعة على الطبيعة.



وعلم الميكادو (امبراطور اليابان) بأمري ،فأرسل لي من ماله الخاص خمسة آلاف جنيه إنجليزي ذهبا ً ، اشتريت بها عدة وأدوات وآلات مصنع محركات متكامل ، وعندما أردت شحنها إلى اليابان ، كانت النقود قد نفذت ، فوضعت راتبي وكل ما ادخرته خلال تلك السنوات الماضية لإستكمال إجراءات الشحن .



عندما وصلنا إلى ناجازاكي قيل لي : أن الميكادو يريد أن يراني ، قلت : لن أستحق مقابلته إلا بعد أن أنشىء مصنع محركات متكامل ..استغرق ذلك تسع سنوات..تسع سنوات من العمل الشاق والجهد المتواصل .



وفي يوم من الأيام ، حملت مع مساعدي عشرة محركات صنعت في اليابان قطعة قطعة ، حملناها إلى القصر ، ووضعناها في قاعة خاصة بنوها لنا قريباً منه، ثم أدرنا جميع المحركات العشرة ، ودخل الميكادو وانحنينا نحييه،فابتسم وقال /هذه أعذب موسيقى سمعتها في حياتي ،صوت محركات يابانية خالصة ..هكذا ملكنا الموديل وهو سر قوة أوربا إلى اليابان ، ونقلناه إلى اليابان ، نقلنا قوة أوربا إلى اليابان ، ونقلنا اليابان إلى الغرب .



وبعد ذلك الحدث السعيد ،ذهبت إلى البيت فنمت عشر ساعات كاملة .. وهي أول مرة أنا فيها عشر ساعات كاملة منذ 15 عاما ً!!!


.
.

وبعد أن سمعنا تاكيوا أوساهيرا وهو يحدثنا عن قصته الحزينة و العظيمة ..

ما مدى تأثيرها على نفسك ؟! هل حركت بك ساكن ؟!

أتمنى أن تجاوبوني بصدق ما شعرتم ..

أنا في انتظار ردودكم


سأعود بالجواب عليهم

.
.





 


من مواضيع : دفء الشتاء

  رد مع اقتباس