كان الطريق هادئاً, لم تعبر أي سيارة منذ ساعات بينما بدأت الشمس بالزوال وبدأت حرارتها تخف تدريجياً, نسيم رقيق لا يستطيع سماع حفيفه إلا هي فقد توقفت عن التفكير منذ ساعات. صوت النسيم بدأ يتضح شيئاً فشيئاً وبدأ الصوت يتخذ نمطاً, نظرت سلمى نحو الشمال كان بريقاً مختلفاً عن السراب الذي كانت تراه بين الحين والأخير, البحر !!
توجهت نحوه كانت قدماها تغوص في الرمال الدافئة بينما بدأ الجو يميل للبرودة قليلاً, اشتد النسيم وأثار شعرها بينما طار رباط شعرها الذي كان قد ضعفت قوته مع الوقت. تخلل الهواء المنعش خلال شعرها و بين ملابسها, أغمضت عيناها, شعرت بالسعادة والراحة أحست أن صوت الموج نغمات هادئة في زوايا قصر. فتحت عيناها, شعرت بالوحدة , بالخواء, نظرت حولها بخوف كل من أحبتهم قد اختفوا, ركضت عائدة الى الطريق لكن لم تعلم أين الطريق؟ أين ستذهب! الأفكار تواردت الى ذهنها شبيهة بتلك التي تواردها في الكوابيس, مع كل لحظة تنظر فيها حولها ولا ترى أحداً في الأفق نبضات قلبها تتزايد, أحست بأنه سينفجر, ربما ستموت مرة أخرى بسبب ذلك. أحست بيدين تمسكان ذراعيها من الخلف, نظرت خلفها , كان رأسه يحجب الشمس خلفه فلم ترى ملامح وجهه بالأكمل لكنها عرفته من ابتسامته لقد كان آدم. لم يوجه كلمة لها شخصياً منذ أن لحقها عند المستشفى في أول يوم: اذا أردتي أن تتركينا, سنعيدك الى وهران أو الى أي مدينة تريدين لكننا لن نتركك هنا في العراء. غير نبرة صوته وأصاب صوته بحة: لكن اعلمي انك مرحب بك... وبشدة. لم تتوقع كلماته هذه ,كانت كلماته كل ما كانت تحتاجه في تلك اللحظة, لكنها حاولت أن تتجاهل هذا الشعور فربما تكون هذه أحد الأفكار اليائسة. تظاهرت بالتماسك لكن دمعة أبت الى أن تخرج من محجرها, نظرت نحوه مباشرة ولأول مرة لاحظت أن ملامحه لم تتغير بشكل كبير منذ أن كانا طفلين, قالت بصوت متقطع: أريد أن أفهم ما يجري, وأن أعود إلى أمي وأخوتي.
مد يده نحوها لتضع يدها معها, أمسك بذراعيها وأنطلق بسرعته الخارقة عائداً الى البقية.