يعطيج العافيه اختي على المقتطفات المميزه ...
جميلة هي المقتطفات التي أقتطفتها لنا من كتاب " رؤيتي "
أستمري على هذا النحو أختي و ستصلي إلى التميز ...
و بالتوفيق و إلى الأمام دائما ...
أختكم :
MLAAK
بنات ,, صحيح أحب أتعرف على الناس لكن أحب أتعرف عليهم بنفسي و ماأحبذ رسائل تسال عن العمر و الإمارة
عدلت بياناتي لتظهر لكم العمر و الإمارة ماأبي أحرجكم ..
لكن لازم أسوي جذي ,, هالرسائل وايد توصلني أعتذر ..
اقترح عليّ أحد الإخوان مرّة تأجيل لقاء خاص ببرنامج دبي للأداء الحكومي المتميز بسبب الأوضاع الصعبة التي يعيشها الوطن العربي واستمرار العدوان على إخواننا الفلسطينيين، فقدّرت فيه عاطفته ومشاعره الوطنية والإنسانية لكنّي قلت له إن تلك الأوضاع تجعل اللقاء أكثر أهمية وتحتم تنظيمه في وقته المحدد. استغرب وسأل: كيف؟ فصرت أشرح له رأيي وأنا استغرب كيف لم يدرك بعد أن الإدارة هي أبرز أسباب الوضع العربي الراهن؟
لقد ورد عن رسول الله لي الله عليه وسلم أنه قال: "يا أبا هريرة ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله، ولا ملجأ من الله إلا إليه". لا أعرف هذه الأمة مذ بدأت أعي الدنيا حولي إلا وهي في مفترق طرق أو تمر بأوضاع صعبة أو أن العدوان مستمر عليها أو أن الحرب دهمتها لذا سأقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فدواء هذه العلل رص الصفوف ونبذ الخلافات الجانبية والارتقاء فوق صغائر الأمور التي تفرقنا لا الإمعان في التشتت.
يوماً ما ستنتهي الصراعات وسيسترد العرب حقوقهم في كل مكان وستعود القدس إلى أصحابها وسيرتفع الحصار عن كل العرب وسينعمون بالاستقلال والتحرر وسيتمكنون عندها من تكريس جهودهم لتحقيق الريادة مرة أخرى. لا أرى شيئاً من هذا يحدث الآن لذا سأقول مرة أخرى: لا حول ولا قوة إلا بالله، وأضيف: أزمة الأمة العربية اليوم ليست أزمة مال أو أزمة رجال أو أزمة أخلاق أو أزمة أرض أو موارد. كل هذا موجود والحمد لله ومعه السوق الاستهلاكية الكبيرة.
إنها أزمة إدارة.
لو كانت الإدارة العربية جيدة لكانت السياسة العربية جيدة. لو كانت الإدارة جيدة لكان الاقتصاد جيداً والتعليم والإعلام والخدمات الحكومية والثقافة والفنون وكل شيء آخر. إن لم يتطور الأداء الإداري والمفاهيم الإدارية في كل أشكال العمل ومستوياته فإننا سنظل نراوح في مكاننا والمراوحة في المكان هي أقصر طريق إلى استمرار التأخر والتخلف... والهزائم أيضاً. لم أر حتى الآن جهداً حقيقياً على مستوى العالم العربي للخروج من هذه الدوّامة الإدارية لذا قولوا معي رجاءً: لا حول ولا قوة إلا بالله.
الإدارة الجيدة تتطلب مديراً جيداً. في الوطن العربي من السياسيين ما يسدّ الحاجة ويفيض لكننا نفتقد الإداريين المبدعين القادرين على إخراجنا من المآزق المستمرة التي نعاني منها. حاجة الوطن العربي إلى الخطابة والتصريحات المطوّلة والكلام المنمق تكاد تكون لا شيء مقارنة بالحاجة الفورية الملحة للبنائين القادرين على إقامة المصانع والموانىء والمطارات والمؤسسات التنموية والاقتصادية. هذا يتطلب توافر الطاقات الإدارية القادرة على حشد الموارد لتحقيق أهداف محددة في فترة زمنية محددة.
الإدارة ليست كلاماً مرسلاً بل علم قائم بذاته. ربما تطلبت معالجات مختلفة لشؤون مختلفة لكنها في الواقع عملية واحدة في السياسة والاقتصاد والخدمات والرياضة وكل نشاط آخر، وغرضها النهائي انتقاء السياسات والقرارات المناسبة من بين البدائل المتاحة وتحويلها إلى أهداف مرحلية يمكن تقييم نتائجها بدقة قياساً على الأهداف المحددة سلفاً. كل الجهد الإداري يجب أن يكون مكرّساً لتحقيق تلك الأهداف وخدمة المستهدفين بها، وما لم يحدث ذلك فإن الإدارة لن تدير نفسها وستتحول إلى روتين وهدر وتضييع الفرص والوقت والطاقات والموارد وسنردد كلنا معاً: لا حول ولا قوة إلا بالله.
جزء من معضلتنا في العالم العربي أن هدف الكثير من القرارات ليس خدمة مصالح الشارع العربي وتحسين أحواله الاقتصادية والمعيشية بل إرضاؤه والعزف على الكلام الذي يحب سماعه. هذا ليس الدواء التنموي الذي يحتاجه المجتمع بل المخدر الذي يستمر مفعوله فترة مؤقتة قبل أن يعود الشعور بالألم إلى صاحبه. قيادتنا في الإمارات علّمتنا أن نعمل لما فيه مصلحة الوطن والشارع. لو أردنا مثالاً لقلنا إن العلاقة بين القيادة والشعب تشبه إلى حد ما العلاقة بين الأب والابن. الأبناء كما يعرف معظم الآباء وأنا منهم، لا يحبّون أحياناً الأوامر أو التوجيه. بعضهم يكره الدراسة، وبعضهم لا يريد الذهاب إلى المدرسة، وآخرون يريدون التصرّف على هواهم. قبول هذا السلوك لا يجعل الأب أباً جيداً بل العكس. يجب أن يكون الأب جاداً في تعامله مع ابنه إذا كان يريد فعلاً مصلحته. يجب أن يحضه على الدراسة في الوقت المناسب وأن يعلّمه احترام الذات والأسرة والآخرين ويوجهه إلى السلوك الأفضل في البيت والمدرسة والشارع. إذا أراد الأب مساعدة ابنه على الانتقال من مرحلة في حياته إلى أخرى وتحقيق النجاح يجب أن يكون مستعداً لممارسة الدرجة المناسبة من الحزم لمساعدة ابنه. إذا لحق بطعم هذا الدواء شيء من المرارة المؤقتة في أفواه البعض فهذا ليس ثمناً باهظاً لضمان جسم سليم. من منّا لا يريد لابنه أو لمجتمعه الصحة والعافية؟
الانتقال من الدراسة إلى العمل ومن البيت إلى المكتب لا يكشف اختلافاً كبيراً أحياناً. بعض الموظفين يعيش حياة رتيبة فيفضل العمل الرتيب، والبعض مقل بطبعه فيرتاح إلى وتيرة العمل البطيئة، وآخر لا يريد أن يتعب عقله بالتفكير فيختار من المهام أخفّها ويلقي على زملائه كبير الأعباء.
لماذا يتصرف مثل هؤلاء بهذه الطريقة في المكاتب والدوائر ومواقع العمل؟ لأنهم تصرفوا بطريقة مشابهة في البيت والشارع والمدرسة. يمكن أن تدرّب الموظفين والعاملين، ويمكن أن تكسبهم الخبرات المهنية، ويمكن أن توسع أفقهم الوظيفي لكن مكان العمل ليس بيتاً أو شارعاً أو مدرسة. إنه مكان مناسب للإنتاج وليس لتعليم السلوك الحسن. مهمة رب العمل أن يدير عمله لكنه لا يستطيع أن يقوم أيضاً بمهمة كان من المفروض على أسرة الموظف القيام بها. التصحيح هنا ليس مجرد شيء من المرارة المؤقتة في الفم: إنه العقوبات والحرمان من التقدم الوظيفي وأحياناً الفصل.
ماذا تفعل بهؤلاء؟ كيف تقنعهم بأن العمل من الإيمان، وبأنهم يتلقون راتباً لقاء عمل معين وليس لقاء التنادم وقراءة المجلات الخفيفة خلال الدوام؟ معظم الناس قادر على العطاء، وجميعهم يستطيع أن يقدم أكثر مما يقدمه بكثير لذا يجب أن نعود إلى مثال الأب وابنه ونلجأ إلى الأساليب التي تنتزع مثل هؤلاء من ضجرهم وسأمهم ومللهم وترهلهم النفساني والمهني ودفعهم في طريق الإنتاج والنجاح.
الروتين عدو الريادة ونحن في بداية سباق طويل في اتجاه الريادة ويتطلب تحقيق هذا الهدف الابتعاد عن الممارسات الروتينية والتفكير دائماً بطريقة إبداعية. من شاء المشاركة في هذا السباق فليلتزم، ومن شاء غير ذلك فله منّا الشكر والحقوق. النشاط يشد النشاط والكسل يشد الكسل، والعمل متعة وهو طريق النجاح. يجب ألا نخاف من الضغوط لأنها آتية. يجب ألا نخاف من التحديات لأنها آتية. يجب ألا نخاف من العمل الشاق. الضغوط والعمل الشاق والتحديات الكبيرة هي التي تصنع الرجال، والألماسة تظل حجراً ما لم تُصقل وبعدها فقط تصبح كريمة.
ما الذي يصقل الإداري؟ العمل والتجربة والالتزام. لم نصل بعد إلى وجهتنا لذا لا نستطيع أن نستريح في ظل نجاحاتنا. حتى عندما نصل إلى وجهتنا سنكتشف أنها ليست أكثر من هدف مرحلي يتطلب الاستمرار في العدو. إذا استرحنا وقمنا لنستأنف العدو سنجد أن الآخرين سبقونا. إذا غفت العزيمة لأي سبب كان فإن إيقاظها ثانية أمر صعب ومن يعتقد غير ذلك فعليه أن ينظر حوله في وطننا العربي. يمكن أن نقدم عشرات الأعذار لتبرير تخلفنا الإداري، ويمكن أن نلوم الظروف أو الآخرين، ويمكن أن نشتكي من عدم توافر الشروط الموضوعية وخلافها لتحقيق السبق لكننا لن نلوم في النهاية إلا أنفسنا. عندما نفشل في إدارة النمو وإدارة الاقتصاد وإدارة الاستثمار وإدارة الموارد البشرية فمن الطبيعي أن نفشل في إدارة كل شيء آخر. كوريا الجنوبية في بداية الستينات كانت أفقر من مصر، وهي تعيش ضغوطاً عسكرية واقتصادية قريبة من الضغوط التي نعرفها لكن هذا لم يقف عائقاً أمام تحولها إلى دولة صناعية كبيرة. تايوان مثلها تقريباً ودول أخرى كذلك حققت إنجازات مهمة في ظروف سياسية واقتصادية صعبة لذا لم يعد ممكناً استخدام قضايانا الكبيرة لطمس فشلنا الإداري الكبير.
تجربتنا في الإمارات علّمتنا أن الفرق أحياناً بين حكومة ناجحة وأخرى فاشلة هو عدد العراقيل التي تزيلها من طريق مواطنيها أو تضعها أمامهم. معظم هذا الوطن العربي عراقيل في عراقيل: عراقيل أمام الطالب، عراقيل أمام رجل الأعمال، عراقيل أمام التاجر، عراقيل أمام المستثمر، عراقيل أمام المبدع، عراقيل أمام المرأة وهكذا. معظم هذا الوطن العربي اختناقات في اختناقات: اختناقات في الدوائر، اختناقات في المطارات، اختناقات في انجاز المعاملات، وهكذا حتى يكاد المرء يحسب أن عمل الحكومات ليس فك الاختناقات لكي تطلق الأعمال والمواهب والطاقات، وليس معالجة الروتين لتقليص الوقت الذي يتطلبه الحصول على الشهادات والأوراق الرسمية وتخصيص ما تبقى للعمل والإنتاج وصنع الثروة بل إغلاق كل باب مفتوح واسدال الستارة على كل طاقة تنفذ منها شمس الفاعلية التي تقتل الروتين. إن لم تكن لدينا القدرة على بناء مضامير السباق نحو التنمية الصحيحة أفلا نستطيع على الأقل إزالة العراقيل؟ ثم لماذا هذه العلاقة غير الطبيعية بين المواطن والموظف؟ هل المواطن في خدمة الموظف أم أن الموظف في خدمة المواطن؟
نستطيع في الوطن العربي أن نعطي أكثر مما نعطيه حالياً بكثير. نستطيع أن نبدع أكثر مما نبدع حالياً بكثير. نستطيع أن نسابق وأن نفوز. نحن في دبي لسنا عباقرة زماننا. ما نفعله هو ما نعتقد أنه الطبيعي والمنطقي في الأمور. لكن ربما كان الفرق أننا حين نقول إن ثروتنا الحقيقية هي أبناء وبنات الإمارات فنحن نقول ذلك بالفعل والممارسة.