![]() |
محبة الامارات تسلمين علي طلتك الجميلة
و الابداع منك وفيكِ شكراً لكِ و كوني علي تواصل معنا |
آية اليوم {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً} الإسراء: 34 تلك لقطة من الأخلاق الإسلامية العالية التي تقدمها سورة الإسراء والتي توضح مكانة الأخلاق في الإسلام، وتبرز صورة الحياة الهانئة التي ينشدها الدين الإسلامي حين يقرر شرائعه ويقدم للناس أحكامه، والإسلام يحفظ على المسلم دمه وعرضه وماله على وجه العموم ، ولكنه يشدد في مال اليتيم ويؤكد في النهي عن مجرد قربه إلا بالتي هي أحسن، ذلك أن اليتيم ضعيف عن تدبير ماله، ضعيف عن الذود عنه، والجماعة مكلفة برعاية اليتيم وماله حتى يبلغ أشده ويرشد ويستطيع أن يدبر ماله وأن يدافع عنه. ومما يلاحظ في هذه الأوامر والنواهي أن الأمور التي يكلف بها كل فرد بصفته الفردية جاء الأمر أو النهي فيها بصيغة المفرد ؛ أما الأمور التي تناط بالجماعة فقد جاء الأمر أو النهي فيها بصيغة الجمع، ومن ثم جاء النهي عن قرب مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن في صيغة الجمع؛ لتكون الجماعة كلها مسؤولة عن اليتيم وماله، فهذا عهد عليها بوصفها جماعة، ولأن رعاية مال اليتيم عهد على الجماعة ألحق به الأمر بالوفاء بالعهد إطلاقا فقال: {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا} حيث يسأل الله جل جلاله عن الوفاء به، ويحاسب من ينكث به وينقضه، وقد أكد الإسلام على الوفاء بالعهد وشدد، لأن هذا الوفاء مناط الاستقامة والثقة والنظافة في ضمير الفرد وفي حياة الجماعة. |
آية أمس..
{وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا} الإسراء: 33 هذه الآية تقدم صورة منيرة من صور العدل الإلهي الذي نزل ليحكم حياة البشر، فالله واهب الحياة، وليس لأحد غير الله أن يسلبها إلا بإذنه، وكل نفس هي حرم لا يمس، وحرام إلا بالحق، وهذا الحق الذي يبيح قتل النفس محدد لا غموض فيه، وليس متروكا للرأي ولا متأثرا بالهوى، وقد جاء في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والزاني المحصن، والتارك لدينه المفارق للجماعة)، تلك الأسباب الثلاثة هي المبيحة للقتل، فمن قتل مظلوما بغير واحد من تلك الأسباب، فقد جعل الله لوليه _ وهو أقرب عاصب إليه _ سلطانا على القاتل، إن شاء قتله وإن شاء عفا فأخذ الدية، وإن شاء عفا عنه بلا دية، فهو صاحب الأمر في التصرف في القاتل؛ لأن دمه له، وفي مقابل هذا السلطان الكبير ينهاه الإسلام عن الإسراف في القتل استغلالا لهذا السلطان الذي منحه إياه، والإسراف في القتل يكون بتجاوز القاتل إلى سواه ممن لا ذنب لهم _كما يقع في الثأر الجاهلي الذي يؤخذ فيه الآباء والإخوة والأبناء والأقارب بغير ذنب إلا أنهم من أسرة القاتل_ ويكون الإسراف كذلك بالتمثيل بالقاتل، والولي مسلط على دمه بلا مثلة. فالله يكره المثلة والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عنها. {إنه كان منصورا} يقضي له الله، ويؤيده الشرع، وينصره الحاكم. فليكن عادلا في قصاصه، وكل السلطات تناصره وتأخذ له بحقه. وفي تولية صاحب الدم على القصاص من القاتل، وتجنيد سلطان الشرع وسلطان الحاكم لنصرته تلبية للفطرة البشرية، وتهدئة للغليان الذي تستشعره نفس الولي، الغليان الذي قد يجرفه ويدفعه إلى الضرب يمينا وشمالا في حمى الغضب والانفعال على غير هدى. فأما حين يحس أن الله قد ولاه على دم القاتل، وأن الحاكم مجند لنصرته على القصاص، فإن ثائرته تهدأ ونفسه تسكن ويقف عند حد القصاص العادل الهادئ. |
آية اليوم
قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ {1} الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ {2} وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ {3} وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ {4} وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ {5} إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ {6} فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ {7} وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ {8} وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ {9} أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ {10} الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {11} المؤمنون: 1 _ 11 إنه الوعد الصادق، بل القرار الأكيد بفلاح المؤمنين.. الفلاح في الدنيا والفلاح في الآخرة. فلاح الفرد المؤمن وفلاح الجماعة المؤمنة. من هم المؤمنون الذين كتب الله لهم هذه الوثيقة، ووعدهم هذا الوعد؟ إنهم هؤلاء الذين يفصِّل السياق صفاتهم بعد آية الافتتاح. فما قيمة هذه الصفات؟ قيمتها أنها ترسم شخصية المسلم في أفقها الأعلى، أفق محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخير خلق الله، الذي أدبه ربه فأحسن تأديبه. {الذين هم في صلاتهم خاشعون} تستشعر قلوبهم رهبة الموقف في الصلاة بين يدي الله، فتسكن وتخشع، فيسري الخشوع منها إلى الجوارح والملامح والحركات. ويغشى أرواحهم جلال الله في حضرته، فتختفي من أذهانهم جميع الشواغل، ولا تشتغل بسواه. {والذين هم عن اللغو معرضون}. لغو القول، ولغو الفعل، ولغو الاهتمام والشعور. إن للقلب المؤمن ما يشغله عن اللغو واللهو والهذر. له ما يشغله من ذكر الله، وتصور جلاله وتدبر آياته في الأنفس والآفاق. وله ما يشغله من تكاليف العقيدة: تكاليفها في تطهير القلب، وتزكية النفس وتنقية الضمير. وتكاليفها في السلوك، وتكاليفها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وتكاليفها في الجهاد لحمايتها ونصرتها وعزتها، وهي تكاليف لا تنتهي، ولا يغفل عنها المؤمن، ولا يعفي نفسه منها، وهي مفروضة عليه فرض عين، أو فرض كفاية. وفيها الكفاية لاستغراق الجهد البشري والعمر البشري. والطاقة البشرية المحدودة. {والذين هم للزكاة فاعلون} والزكاة طهارة للقلب والمال: طهارة للقلب من الشح، وانتصار على وسوسة الشيطان بالفقر، وثقة بما عند الله من العوض والجزاء. وطهارة للمال تجعل ما بقي منه بعدها طيبا حلالا، وهي صيانة للجماعة من الخلل الذي ينشئه العوز في جانب والترف في جانب، وهي وقاية للجماعة كلها من التفكك والانحلال. {والذين هم لفروجهم حافظون} وهذه طهارة الروح والبيت والجماعة. ووقاية النفس والأسرة والمجتمع بحفظ الفروج من دنس المباشرة في غير حلال، وحفظ القلوب من التطلع إلى غير حلال؛ وحفظ الجماعة من انطلاق الشهوات فيها بغير حساب، ومن فساد البيوت فيها والأنساب. فالجماعة التي تنطلق فيها الشهوات بغير حساب جماعة معرضة للخلل والفساد؛ لأنه لا أمن فيها للبيت، ولا حرمة فيها للأسرة. والقرآن هنا يحدد المواضع النظيفة التي يحل للرجل أن يودعها بذور الحياة: {إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} وراء الزوجات وملك اليمين، ولا زيادة بطريقة من الطرق. فمن ابتغى وراء ذلك فقد عدا الدائرة المباحة، ووقع في الحرمات، واعتدى على الأعراض. {والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون} راعون لأماناتهم وعهدهم أفرادا؛ وراعون لأماناتهم وعهدهم جماعات. {والذين هم على صلواتهم يحافظون} أي يواظبون عليها في مواقيتها فإن ذلك من أحب الأعمال إلى الله عز وجل. تلك هي صفات الكوكبة الطاهرة والفرقة الناجية فمن شاء فليأخذ أو ليدع. |
مشكووورة حبيبتي منول .. ع الموضوع الحلوو .. والكلمات الرائعة والشرح المفيد
دمت نجمة في سماء التميز |
العفو غلاتي
حياكِ في الموضوع وشكراً لتواجدك |
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ {12} ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ {13} ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ {14}
المؤمنون: 12-14 هذا حديث عن دلائل الإيمان في حياة الإنسان ذاته، وفي أطوار وجوده ونموه، مبتدئا بأصل النشأة الإنسانية، منتهيا إلى البعث في الآخرة مع الربط بين الحياتين في سياق واحد. وفي أطوار هذه النشأة، وتتابعها بهذا النظام، ما يشهد بوجود المنشئ أولا، وما يشهد بالقصد والتدبير في تلك النشأة، فما يمكن أن يكون الأمر مصادفة عابرة، ولا خبط عشواء بدون قصد ولا تدبير. {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين} هذا النص يشير إلى أطوار النشأة الإنسانية ولا يحددها. فيفيد أن الإنسان مر بأطوار مسلسلة، من الطين إلى الإنسان. فالطين هو الطور الأول. والإنسان هو الطور الأخير، إن القرآن يقرر هذه الحقيقة ليتخذها مجالا للتدبر في صنع الله، ولتأمل النقلة البعيدة بين الطين وهذا الإنسان المتسلسل في نشأته من ذلك الطين. {ثم جعلناه نطفة في قرار مكين} لقد نشأ الجنس الإنساني من سلالة من طين. فأما تكرار أفراده بعد ذلك وتكاثرهم فقد جرت سنة الله أن يكون عن طريق نقطة مائية تخرج من صلب رجل، فتستقر في رحم امرأة، لا بل خلية واحدة من عشرات الألوف من الخلايا الكامنة في تلك النقطة تستقر: {في قرار مكين} ثابتة في الرحم الغائرة بين عظام الحوض، المحمية بها من التأثر باهتزازات الجسم، ومن كثير مما يصيب الظهر والبطن. ومن النطفة إلى العلقة. حينما تمتزج خلية الذكر ببويضة الأنثى، وتعلق هذه بجدار الرحم نقطة صغيرة في أول الأمر، تتغذى بدم الأم، ومن العلقة إلى المضغة، حينما تكبر تلك النقطة العالقة، وتتحول إلى قطعة من دم غليظ مختلط. وتمضي هذه المضغة حتى تجيء مرحلة العظام {فخلقنا المضغة عظاما} فمرحلة كسوة العظام باللحم: {فكسونا العظام لحما}. وقد ثبت أن خلايا العظام هي التي تتكون أولا في الجنين. ولا تشاهد خلية واحدة من خلايا اللحم إلا بعد ظهور خلايا العظام، وتمام الهيكل العظمي للجنين. وهي الحقيقة التي يسجلها النص القرآني. فسبحان العليم الخبير ! {ثم أنشأناه خلقا آخر} هذا هو الإنسان ذو الخصائص المتميزة إن الجنين الإنساني مزود بخصائص معينة هي التي تسلك به طريقه الإنساني فيما بعد. وهو ينشأ {خلقا آخر} في آخر أطواره الجنينية. {فتبارك الله أحسن الخالقين} وليس هناك من يخلق سوى الله. فأحسن هنا ليست للتفضيل، إنما هي للحسن المطلق في خلق الله. فهل لكافر بعد هذا البيان من عذر؟! اللهم لا. |
إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ {57} وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ {58} وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ {59} وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ {60} أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ {61}
المؤمنون: 57-61 هذه الآيات تبرز صورة اليقظة والحذر في القلوب المؤمنة لتوضح أثر الإيمان في القلب، فهؤلاء المؤمنون يشفقون من ربهم خشية وتقوى؛ وهم يؤمنون بآياته، ولا يشركون به. وهم ينهضون بتكاليفهم وواجباتهم. وهم يأتون من الطاعات ما استطاعوا. ولكنهم بعد هذا كله: {يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون} لإحساسهم بالتقصير في جانب الله، بعد أن بذلوا ما في طوقهم، وهو في نظرهم قليل. وهذا هو ما وضحه الرسول في الحديث التي روته عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: يا رسول الله {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة} هو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر، وهو يخاف الله عز وجل؟ قال: لا يا بنت الصديق! ولكنه الذي يصلي ويصوم ويتصدق، وهو يخاف الله عز وجل. هذا هو فعل الإيمان في القلوب إذا استمكن فما أحلى الحياة في ظل الإيمان! |
بعد غيبة أمتدت لشهر نعود معاً لنُبحر في عالم من النور.!
آية اليوم {قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ} يخبر تعالى أنه الفعال لما يريد، المتصرف في خلقه بما يشاء، وأنه لا معقب لحكمه، ولا يقدر أحد على صرف حكمه عن خلقه بل هو وحده لا شريك له، الذي إذا سئل يجيب لمن يشاء، ولهذا قال: {قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب اللّه أو أتتكم الساعة} أي أتاكم هذا أو هذا {أغير اللّه تدعون إن كنتم صادقين} أي لا تدعون غيره لعلمكم أنه لا يقدر أحد على رفع ذلك سواه، ولهذا قال: {إن كنتم صادقين} أي في اتخاذكم آلهة معه. {بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون} أي في وقت الضرورة لا تدعون أحداً سواه وتذهب عنكم أصنامكم وأندادكم كقوله: {وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه} الآية ، ورغم كل هذا فإن المشركين يتعامون عنه ، ويعودون إلى ضلالهم وشركهم. |
آية اليوم ..
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} قال اللّه تعالى: {ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت} أي في سكراته وغمراته وكرباته، {والملائكة باسطوا أيديهم} أي بالضرب لهم حتى تخرج أنفسهم من أجسادهم، ولهذا يقولون لهم: {أخرجوا أنفسكم}، وذلك أن الكافر إذا احتضر بشرته الملائكة بالعذاب والنكال والأغلال والسلاسل والجحيم والحميم وغضب الرحمن الرحيم، فتتفرق روحه في جسده، وتعصى وتأبى الخروج، فتضربهم الملائكة حتى تخرج أرواحهم من أجسادهم، قائلين لهم: {أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على اللّه غير الحق} الآية، أي اليوم تهانون غاية الإهانة كما كنتم تكذبون على اللّه وتستكبرون اتباع آياته والانقياد لرسله. |
آية اليوم
{وَالسَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ . وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ . إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ . وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ. إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا . وَأَكِيدُ كَيْدًا . فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا} تصور لنا هذه الآيات مشهدا للحياة في صورة من صورها، حياة النبات ونشأته الأولى : ماء يتدفق من السماء ، ونبت ينبثق من الأرض . والرجع: هو المطر ترجع به السماء مرة بعد مرة ، والصدع: هو النبت يشق في الأرض وينبثق .. يقسم الله بهذين الكائنين وهذين الحدثين .. يقسم بأن هذا القول الذي يقرر الرجعة والابتلاء - أو بأن هذا القرآن عامة - هو القول الفصل الذي لا يتلبس به الهزل . القول الفصل الذي ينهي كل قول وكل جدل وكل شك وكل ريب . وفي ظل هذا القول الفصل بالرجعة والابتلاء يتجه الخطاب إلى الرسول وهو ومن معه من القلة المؤمنة في مكة يعانون من كيد المشركين ومؤامراتهم على الدعوة والمؤمنين بها .. يتجه الخطاب إلى الرسول بالتثبيت والتطمين ، وبالتهوين من أمر الكيد والكائدين . وأنه إلى حين . وأن المعركة بيده هو - سبحانه - وقيادته . فليصبر الرسول وليطمئن هو والمؤمنون : ( إنهم يكيدون كيدا ، وأكيد كيدا ، فمهل الكافرين ، أمهلهم رويدا ) .. فهذا كيد . وهذا كيد . وهذه هي المعركة .. ( فمهل الكافرين ) .. ( أمهلهم رويدا ) .. لا تعجل . ولا تستبطئ نهاية المعركة . وقد رأيت طبيعتها وحقيقتها .. فإنما هي الحكمة وراء الإمهال . الإمهال قليلا .. وهو قليل حتى لو استغرق عمر الحياة الدنيا . |
آية اليوم
قوله تعالى : { يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ } تتحدث هذه الآية الكريمة عن الذين يكنزون أموالهم ولا ينفقونها في سبيل الله، فلا يعرفون لفقير حقا، ولا يؤدون لمسكين حاجة، فيقذفون في نار جهنم ليذوقوا جزاء بخلهم. وقد ذكر المفسرون رحمهم الله تعالى مناسبة لتخصيص كي جباههم وجنوبهم وظهورهم وذلك لأنه إذا جاءهم الفقير السائل صعّر أحدهم بوجهه فإذا أعاد عليه ولاه جنبه فإذا ألحّ عليه ولاه ظهره، فاختصت هذه الثلاث لذلك؛ جزاء وفاقا . وهناك معنى آخر وهو أن كي هذه المواضع الثلاثة هي أشد على الإنسان من غيرها، وهي متضمنة لجهاته الأربع الأمام والخلف واليمين والشمال ، وهذه الوجوه التي يخرج منها الإنسان فلما منعوا الواجب عليهم منعاً تاما من جميع جهاتهم جُوزُوا بنقيض مقصودهم ، فإن مقصودهم من المنع التمتّع بتلك الأموال ، وحصول النعيم بها وخوف وحرارة فقدها لو بذلوها ، فصار المنع هو عين العذاب، فلو أنهم أخرجوها وقت الإمكان لسلموا من كيها وفازوا بأجرها، ويدل على هذا المعنى قوله تعالى : ((هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون )) ويدل عليه أيضا قول النبي "صلى الله عليه وسلم " (( إن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة إلا من قال هكذا وهكذا من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله )) والله أعلم. |
°·• كـــلنا ذو خطــأ •·°
http://www.stooop.com/2007/2/eddfb5413f.gif بـــسم الله الرحمــن الرحـــيم.. السلام علــيكم ورحمة الله وبركاته.. °·• كـــلنا ذو خطــأ •·° قال تعــالى : {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} .. (135) سورة آل عمران سبب النزول: قال ابن عباس في رواية عطاء: نزلت هذه الآية في نبهان التمار - وكنيته أبو مقبل - أتته امرأة حسناء باع منها تمرا، فضمها إلى نفسه وقبلها فندم على ذلك، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له؛ فنزلت هذه الآية.. وهناك روايات اخرى في سبب نزول هذه الآيه.. قال ابن مسعود: كانت بنو إسرائيـل إذا أذنبوا, أصبح مكتوبا علـى بـابه الذنب وكفـارته, فأعطينا خيرا من ذلك هذه الاَية.. ويروى عن أنس بن مالك .. أن إبليس بكى حين نزلت هذه الآية. "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم" الفاحشة تطلق على كل معصية.. أي ظلموا أنفسـهم بفعل المعاصي والذنوب.. "ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم" ذكروا الله ..بالخوف من عقابه والحياء منه. و ذكروا العرض الأكبر على الله... وبادروا بذكر الله باللسان والاكثار من الاستغفار .. "ومن يغفر الذنوب إلا الله" أي ليس أحد يغفر المعصية ولا يزيل عقوبتها إلا الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال « قال إبليس: يا رب وعزتك لا أزال أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم, فقال الله تعالى: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني». "ولم يصروا على ما فعلوا" الإصرار : المداومة على المعاصي .. والثبات عليها والاصرار ايضاً : هو التسويف قال النبي صلى الله عليه وسلم : (لا توبة مع إصرار). قال عليه الصلاة والسلام:« ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون» "وهم يعلمون" يعلمون أن لهم ربا يغفر الذنب. ,, وقفــــــه ,, كلنا ذوو خطأ .. فعلى كل واحدة منا أن لا تنسى أنها لم تُخلق ملكا ولم تُخلق بشرا معصوما وإنما هي إنسان تتنازعه قوى الخير والشر .. وكل ابن آدم خطاء .. وخير الخطائين التوابون ..قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم" وفي الحديث القدسي " يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ، يا ابن آدم لو أتيتني بتراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بترابها مغفرة" سبحان من يعفو ونهفو دائمًا** ولا يزل مهما هفا العبد عفا يعطي الذي يخطي ولا يمنعه**جلاله عن العطا لذي الخَطَا كلنا ذوو خطأ.. وكــلنا اصحـاب ذنوب وخطايــا ..والله يمهل ولا يهمل، ولكن مع ذلك فإننا نعبد ربا رحيما ارحــم بنا منا .. يغفــر الذنب ويقبل التوب (وَمَن يَعْمَلْ سُوءً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رحِيمًا) هو القائل كما في الحديث القدسي "يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعًا ، فاستغفروني أغفر لكم".. إن صاحب الشمال -المَلَك الموكَّل بالسيئات- ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطئ ؛ فإن ندم واستغفر الله منها ألقاها، وإلا كتبت عليه واحدة فضلاً مِن الله ومِنَّة، والتائبة من الذنب كمن لا ذنب لها، تذكري.. اننا كلنا ذوو خطأ، لكن الحسنات يذهبن السيئات، فلا تحقرين ذنبًا، ولا تستصغرين معصية، ولا تنظرين إلى صغر المعصية، ولكن انظري إلى عظمة من عصيتِ، إن المؤمن ليرى ذنوبه كأنه قاعد تحت أصل جبل، يخاف أن يقع هذا الجبل عليه، وإن المنافق ليرى ذنوبه كذباب مرَّ على أنفه فأطاره بيده.. خلِّ الذنوب صغيرهـــــا **وكبيرها ذاك التُّقَى واصنع كماشٍ فوق أرض **الشوك يحذر ما يرى لا تحقــــــــــــــــرن صغيرة **إن الجبال من الحصى ,, قـــــصة ,, عبد من بني إسرائيل أطاع الله أربعين عامًا، ثم انقلبت هذه المضغة وانتكس ورجع على عقبيه، وارتد على عقبيه، فعصى الله أربعين عامًا أخرى فقال: وقد رفع يديه إلى الله، يا رب أطعتك أربعين، وعصيتك أربعين، فهل لي من توبة إن أنا تبت وأُبْت وعدت إليك يا رب؟ قال: فسمعت هاتفًا يهتف ويقول: أطعتنا فقربناك، وعصيتنا فأمهلناك، وإن رجعت إلينا قبلناك، فلا إله إلا الله، ما أحلم الله بعباده! ما أرحم الله بعباده! ما ألطف الله بعباده! أسأله برحمته التي وسعت كل شيء أن يرحمنا برحمته. ,, همــــسه ,, فيا مخطئة وكلنا ذوو خطأ، ويا من سقطت في المعصية .. صححي أخطاءكِ، وعالجي أمراضكِ، وغسِّلي قلبــكِ مما قد ران عليها، واستأنفي حيــاتكِ في ثوب التوبة النقي النظيف.. توضأ بماء التوبة اليوم نادمًا ***به ترأى أبواب الجنان الثماني قد تدعّــي أحدانا التوبة ثـم لاتتوب.. إن ذلك كقول غاسل الثياب: قد غسلتها ولم يغسلها بعد، فالقول لا ينظف الثياب، وادِّعاء التوبة لا ينظف القلوب، قال صلى الله عليه وسلم : «من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه, غفر له ما تقدم من ذنبه» لذلك .. اطـلب من كل وحدة منكم قرت موضوعي .. ان تصـلي ركعتين وتجدد توبتها مع الله .. وان تعاهد نفسها ان إذا ظــلمت نفسها بالمعاصي ان تسرع الى الله |
يدمج مع الموضوع الأصلي ..
وأي إضافة أرجو إضافتها في الموضوع ويا هلا |
في ظلال اية
{وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} يخبر تعالى عن تفرده بالإلهية، وأنه لا شريك له ولا عديل له، بل هو اللّه الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لا إله إلا هو وأنه الرحمن الرحيم. إن وحدة الألوهية هي القاعدة الكبيرة التي يقوم عليها التصور الإيماني . فلم يكن هناك جدل حول الاعتقاد بوجود إله ، نعم قد تختلف التصورات حول ذاته وصفاته وحول علاقاته بالخلق ولكنها لا تنفي وجوده ، ولكن لم يقع أن نسيت الفطرة هذه الحقيقة ؛ حقيقة وجود إله ، إلا في الأيام الأخيرة حين نبتت نابتة منقطعة عن أصل الحياة، منقطعة عن الفطرة ، تنكر وجود الله . لذلك اتجه السياق القرآني دائما إلى الحديث عن وحدة الألوهية بوصفها التصحيح الضروري للتصور ، والقاعدة الأساسية لإقامة هذا التصور . ومن وحدانية الألوهية يتوحد المعبود الذي يتجه إليه الخلق بالعبودية والطاعة ، وتتوحد الجهة التي يتلقى منها الخلق قواعد الأخلاق والسلوك، ويتوحد المصدر الذي يتلقى منه الخلق التشريعات والقوانين. |
في ظلال اية
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } إن هذه الطريقة في تنبيه الحواس والمشاعر جديرة بأن تفتح العين والقلب على عجائب هذا الكون، العجائب التي تفقدنا الألفةُ جِدَّتَها وغرابتها وإيحاءاتها للقلب والحس. يقول تعالى: {إن في خلق السموات والأرض} تلك السماوات في ارتفاعها ولطافتها واتساعها، وكواكبها السيارة ودوران فلكها، وهذه الأرض في كثافتها وانخفاضها، وجبالها وبحارها، وقفارها وعمرانها، وما فيها من المنافع، واختلاف الليل والنهار، هذا يجيء ثم يذهب ويخلفه الآخر ويعقبه، لا يتأخر عنه لحظة كما قال تعالى: {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر، ولا الليل سابق النهار، وكل في فلك يسبحون} وتارة يطول هذا ويقصر هذا، وتارة يأخذ هذا من هذا، ثم يتعاوضان كما قال تعالى: {يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل} أي يزيد من هذا في هذا ومن هذا في هذا، {والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس} أي في تسخير البحر بحمل السفن من جانب إلى جانب، لمعايش الناس والانتفاع بما عند أهل ذلك الإقليم، ونقل هذا إلى هؤلاء وما عند أولئك إلى هؤلاء: {وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها} كما قال تعالى: {وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون} ، {وبث فيها من كل دابة} أي على اختلاف أشكالها وألوانها، ومنافعها وصغرها وكبرها، وهو يعلم ذلك كله ويرزقه، لا يخفى عليه شيء من ذلك كما قال تعالى: {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين}. {وتصريف الرياح} أي فتارة تأتي بالرحمة، وتارة تأتي بالعذاب، وتارة تأتي مبشرة بين يدي السحاب، وتارةً تسوقه وتارة تجمعه، وتارة تفرِّقه، وتارة تصرفه، {والسحاب المسخر بين السماء والأرض} أي سائر بين السماء والأرض، مسخر إلى ما يشاء اللّه من الأراضي والأماكن كما يصرفه تعالى. {لآيات لقوم يعقلون} أي في هذه الأشياء دلالات بينة على وحدانية اللّه تعالى، فبهذا يعلمون أنه إله واحد، وأنه إله كل شيء وخالق كل شيء. |
في ظلال اية {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ} يا له من تفضل ، ويا لها من مكافأة، إن الله _جل جلاله وعز سلطانه_ يجعل ذكره لعباده الذين يذكرونه مكافأة لهم ذكرهم إياه. إنه الفضل الذي لا يفيضه إلا الله الذي لا حاسب لعطاياه ولا خازن لفضله. قيل إن موسى عليه السلام قال: يا رب كيف أشكرك؟ قال له ربه: (تذكرني ولا تنساني فإذا ذكرتني فقد شكرتني، وإذ نسيتني فقد كفرتني) قال الحسن البصري: إن اللّه يذكر من ذكره، ويزيد من شكره، ويعذب من كفره. وقال الحسن البصري أيضا في قوله: {فاذكروني أذكركم}: اذكروني فيما افترضت عليكم أذكركم فيا أوجبت لكم على نفسي. وفي الصحيح: (يقول اللّه تعالى مَن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومَن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه) وعن أنَس قال: قال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم : (قال اللّه عزّ وجلّ يا بن آدم إن ذكرتني في نفسك ذكرتك في نفسي، وإن ذكرتني في ملأ ذكرتك في ملأ من الملائكة - أو قال في ملأ خير منه - وإن دنوت مني شبراً دنوتُ منك ذراعاً، وإن دنوت مني ذراعاً دنوت منك باعاً، وإن أتيتني تمشي أتيتك هرولةً) "أخرجه البخاري من حديث قتادة، ورواه الإمام أحمد عن أنَس بن مالك". فاللهم إنا نسألك ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. |
والله ما جتمعنا هنا الا مع "العظيم"
مشاء الله تبارك الله،، هنا نستضل بأجمل المعاني و الكلمات،، هنا وجهتنا "سماوية" نحو "العظيم عز وجل" هنا ريحُ من الجنة،، / / "وسن" تعجز الكلمات عن وصف جمالكِ دائماً "أفّاقة" كما النجم.. سجلوني متابعة وسأشارك.. بإذنه تعالى...38. |
في ظلال آية
{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ} يذكر تعالى حال المشركين به في الدنيا وما لهم في الدار الآخرة، حيث جعلوا له أنداداً أي أمثالاً ونظراء، يعبدونهم معه ويحبونهم كحبه، وهو اللّه لا إله إلا هو ولا ضد له ولا ند له ولا شريك معه، وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود قال، قلت: يا رسول اللّه أيُّ الذنْب أعظم؟ قال: (أن تجعل لله ندا وهو خلقك) ولا ريب فإن أعظم ذنب يمكن لإنسان أن يقترفه أن يجعل لله شريكا يعبده معه أو من دونه. {والذين آمنوا أشد حبا لله} إن المؤمنين لا يحبون شيئا حبهم لله ، لا أنفسهم ولا سواهم ، ولحبهم للّه وتمام معرفتهم به وتوقيرهم وتوحيدهم له لا يشركون به شيئاً، بل يعبدونه وحده ويتوكلون عليه، ويلجئون في جميع أمورهم إليه. ثم يتوعد تعالى المشركين به الظالمين لأنفسهم بذلك فقال: {ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا} قال بعضهم: تقدير الكلام لو عاينوا العذاب لعلموا حينئذ أن القوة للّه جميعاً، أي أن الحكم له وحده لا شريك له وأن جميع الأشياء تحت قهره وغلبته وسلطانه، {وأن اللّه شديد العذاب} ، كما قال: {فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد} يقول: لو يعلمون ما يعاينونه هنالك، وما يحل بهم من الأمر الفظيع، المنكر الهائل على شركهم وكفرهم، لانتهوا عمّا هم فيه من الضلال. |
السلام علكيم ورحمة الله
ما شاء الله بارك الله فيك "وسن" جهد أكثر من رائع الله يثبتك ويجعل كل حرف في ميزان حسناتك يوم القيامة مع ودي _________ |
تغريد & دفء
منورات يالغوالي و جزيتم بالمثل :) |
في ظلال آيـة {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ. وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} إنه لمشهد مؤثر: مشهد التبرؤ والتعادي والتخاصم بين التابعين والمتبوعين، بين المحبين والمحبوبين ، لقد انشغل كل بنفسه وسقطت الرياسات والقيادات التي كان المخدوعون يتبعونها وعجزت عن وقاية أنفسها فضلا على وقاية تابعيها . ويتبدى الغيظ والحنق من التابعين المخدوعين في القيادات الضالة {وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤوا منا} أي لو أن لنا عودة إلى الدار الدنيا، حتى نتبرأ من هؤلاء ومن عبادتهم، فلا نلتفت إليهم بل نوحّد اللّه وحده بالعبادة، وهم كاذبون في هذا بل لو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون، كما أخبر اللّه تعالى عنهم بذلك، ولهذا قال: {كذلك يريهم اللّه أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار}. |
الله يبارك في عمرك وسن...موضوع جميييل جدا جعله الله في ميزان حسناتك...
وانا ان شاء الله بساعدك.... تحياتي... اخت الشهيد |
مشكوووووووورة على الموضوع الرائع...
|
اية اليوم..." ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ماقدمت لغدٍ واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون"
هذه وصية الله لنا معاشر المؤمنين، وصية من هو أرحم بنا من أمهاتنا، وأحن علينا من أنفسنا : ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله : أي خافوا الله واحذروا عقابه، بامتثال أوامره واجتناب نواهيه . ولتنظر نفس ماقدمت لغدٍ. أي ليوم القيامة، قال بن كثير: انظروا ماذا ادخرتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة وسمي يوم القيامة غداً لقرب مجيئه ( وماأمر الساعة إلا كلمح البصر) واتقوا الله : كررها للتأكيد ولبيان منزلة التقوى التي هي وصية الله تعالى للأولين والآخرين (ولقد وصينا الذين أتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله). ولنقف اليوم مع : ولتنظر نفس ماقدمت لغدٍ ، الغد هو المستقبل الذي نخطط من أجله. ونسعى ونجد ونجتهد ونكدح ليل نهار، وحين نسأل لماذا ؟ يكون الجواب : من أجل تأمين المستقبل، ولكن أي مستقبل هذا الذي نخطط؟!! كلنا يعرف الجواب ! ولااعتراض على أن يخطط الإنسان ويسعى من أجل مستقبله في حياتة الدنيا، ولكن أليس مستقبله الحقيقي هو الآخر جدير بالتخطيط والعمل ؟! كم نمضي من أعمارنا من سنوات على مقاعد الدراسة لتحصيل الشهادات من أجل تأمين المستقبل ؟ وكم نمضي في العمل والوظيفة من أجل جمع المال للمستقبل ؟ ومقابل ذلك كم خصصنا من أوقاتنا من أجل تأمين حياة الآخرة التي هي أطول وأبقى؟ وهي الحياة الحقيقية ؟ أما تستحق منا أن نخطط لها وأن نبدأ في التحضير لها من الآن ؟ أما تستحق أن نبذل من أجلها الوقت والجهد والمال ؟ فواعجباً لإبن آدم يخطط للمستقبل الذي قد لايأتي وينسى مستقبله الآتي لامحالة ! تجد من الناس من نذر نفسه للوظيفة مخلصاً في عمله مجتهداً بكل ماأوتي من قوة يسابق الطير في بكورها ولايخرج إلا متأخراً يعمل بلا كلل ولاملل يشار إليه بالبنان في الجد والإجتهاد ويضرب به المثل في الدوام والإنضباط ولكن إذا بحثت عنه في المسجد لم تجده ! وإذا فتشت عنه بين الصائمين لم تعثر له على أثر ! وإن تحسسته في الصدقة وأعمال الخير من كفالة يتيم أو نصرة مجاهد أو رعاية محتاج أو إيواء مسكين أو إطعام جائع أو كسوة عار لم تجد له فيها سهماً ولادرهما ولاديناراً. نعوذ بالله من الخسران ومن الذل والهوان. ولنعد إلى الآية الكريمة ونتأمل لفظ ولتنظر : إن النظر يقتضي الفكر والفكر يقتضي التخطيط والتخطيط يقود إلى العمل والمقصود بالعمل هنا العمل من أجل الآخرة والآخرة خير وأبقى كما أخبر ربنا تبارك وتعالى... فياأخي في الله هل امتثلنا لأمر ربنا وهو العالم بما يصلح حالنا ومآلنا ؟ وهل وقفنا مع أنفسنا وقفة تأمل في لحظة محاسبة وتفكرنا في أعمالنا كم منها نعمله من أجل الآخرة ؟ وهل بإمكاننا أن نقدم أكثر وأكثر؟ هل تفكرنا في أعمال الخير ووضعنا لنا برنامجاً بحيث نضرب في كل مجال منها بسهم. كم قدمنا لآخرتنا من قيام الليل ؟ وكم قدمنا من قراءة القرآن - كنز الحسنات - كل حرف منه بحسنة والحسنة بعشر أمثالها ؟ كم قدمنا من الصدقات ؟ كم قدمنا من الصيام ؟ من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا. كم حجينا وكم اعتمرنا ؟ كم ذكرنا الله ؟ كم هللنا وسبحنا الله وحمدناه وكبرناه في اليوم والليلة ؟ وكم وكم من أبواب الخير وأعمال الآخرة التي كلها سهلة وميسورة وفي متناول الفقير قبل الغني والوضيع قبل الوزير ؟ولكن أين المشمرون؟ أين طلاب الآخرة؟ فاليقظة اليقظة ياعبدالله !! لايأتيك الموت وأنت غافل ساهٍ تركض في حياتك الدنيا تجري وراء متاعها الزائل غافلٌ عن الآخرة والآعمال الصالحة .. حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب إرجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت ، كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون. اللهم لاتجعل الدنيا أكبر علمنا ولامبلغ علمنا ولاإلى النار مصيرنا، اللهم بصرنا بعيوبنا ونور أبصارنا واصلح أحوالنا واهدنا إلى صراطك المستقيم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وإلى اللقاء في وقفة أخرى مع آية من كتاب إلى الله تحياتي... اخت الشهيد |
السلام عليكم و رحمة ا لله و بركاتة
آية اليوم {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ {22} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} اللؤلؤ في أصله - حيوان . ولعل اللؤلؤ أعجب ما في البحار ، فهو يهبط إلى الأعماق ، وهو داخل صدفة من المواد الجيرية لتقيه من الأخطار ، ويختلف هذا الحيوان عن الكائنات الحية في تركيبه وطريقة معيشته ، فله شبكة دقيقة كشبكة الصياد ، عجيبة النسج ، تكون كمصفاة تسمح بدخول الماء والهواء والغذاء إلى جوفه ، وتحول بين الرمال والحصى وغيرها . وتحت الشبكة أفواه الحيوان ، ولكل فم أربع شفاه . فإذا دخلت ذرة رمل ، أو قطعة حصى ، أو حيوان ضار عنوة إلى الصدفة ، سارع الحيوان إلى إفراز مادة لزجة يغطيها بها ، ثم تتجمد مكونة لؤلؤة! وعلى حسب حجم الذرة التي وصلت يختلف حجم اللؤلؤ ! والمرجان من عجائب مخلوقات الله ، يعيش في البحار على أعماق تتراوح بين خمسة أمتار وثلاث مائة متر .. ومن دلائل قدرة الخالق ، أن حيوان المرجان يتكاثر بطريقة أخرى هي التزرر . وتبقى الأزرار الناتجة متحدة مع الأفراد التي تزررت منها ، وهكذا تتكون شجرة المرجان التي تكون ذات ساق سميكة . تأخذ في الدقة نحو الفروع التي تبلغ غاية الدقة في نهايتها . ويبلغ طول الشجرة المرجانية ثلاثين سنتيمترا . والجزر المرجانية الحية ذات ألوان مختلفة ، نراها في البحار صفراء برتقالية ، أو حمراء قرنفلية ، أو زرقاء زمردية ، أو غبراء باهتة " . "والمرجان الأحمر هو المحور الصلب المتبقي بعد فناء الأجزاء الحية من الحيوان ، وتكون الهياكل الحجرية مستعمرات هائلة " . ومن اللؤلؤ والمرجان تتخذ حلى غالية الثمن عالية القيمة ، ويمتن الله على عباده بهما ، فيعقب على ذكرهما في السورة ذلك التعقيب المشهود : ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ؟ ) |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة في ظلال آية {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ. فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} يا للهول المرعب المزلزل ، الذي لا يثبت له إنس ولا جان . ولا تقف له الجبال الرواسي ولا النجوم والأفلاك ! الله . جل جلاله . الله القوي القادر ، القهار الجبار ، الكبير المتعال . الله - سبحانه - يفرغ لحساب هذين الخلقين الضعيفين الصغيرين : الجن والإنس ، في وعيد وانتقام ! والله - سبحانه - ليس مشغولا فيفرغ . وإنما هو تقريب الأمر للتصور البشري . وإيقاع الوعيد في صورة مذهلة مزلزلة ، تسحق الكيان بمجرد تصورها سحقا . فهذا الوجود كله نشأ بكلمة . كلمة واحدة . كن فيكون . وتدميره أو سحقه لا يحتاج إلا واحدة كلمح بالبصر .. فكيف يكون حال الثقلين ، والله يفرغ لهما وحدهما ، ليتولاهما بالانتقام ؟! وفي ظل هذا الهول الرعيب يسأل الثقلين المسكينين : ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ؟ ) |
{إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ. لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ. خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ. إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا. وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا. فَكَانَتْ هَبَاء مُّنبَثًّا} هذا المطلع واضح فيه التهويل في عرض هذا الحدث الهائل .. فمرتين يبدأ بإذا الشرطية يذكر شرطها ولا يذكر جوابها . ( إذا وقعت الواقعة . ليس لوقعتها كاذبة . خافضة رافعة ) .. ولا يقول : ماذا يكون إذا وقعت الواقعة.. ولكن يبدأ حديثا جديدا : ( إذا رجت الأرض رجا . وبست الجبال بسا . فكانت هباء منبثا . ) .. ومرة أخرى لا يقول : ماذا يكون إذا كان هذا الهول العظيم .. فكأنما هذا الهول كله مقدمة ، لا يذكر نتائجها ، لأن نتائجها أهول من أن يحيط بها اللفظ ، أو تعبر عنها العبارة ! هذا الأسلوب الخاص يتناسب مع الصورة المروعة المفزعة التي يرسمها هذا المطلع بذاته . فالواقعة بمعناها وبجرس اللفظ ذاته ..تلقى في الحس كأنما هي ثقل ضخم ينقض من عل ثم يستقر ، لغير ما زحزحة بعد ذلك ولا زوال ! ( ليس لوقعتها كاذبة ) .. ( خافضة رافعة ) .. وإنها لتخفض أقدارا كانت رفيعة في الأرض ، وترفع أقدارا كانت خفيضة في دار الفناء ، حيث تختل الاعتبارات والقيم ؛ ثم تستقيم في ميزان الله . |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة في رحاب آيـة {أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ. أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ. لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ. إِنَّا لَمُغْرَمُونَ. بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ} هذا الزرع الذي ينبت بين أيدي الناس وينمو ويؤتي ثماره . ما دورهم فيه ؟ إنهم يحرثون ويلقون الحب والبذور التي صنعها الله . ثم ينتهي دورهم وتأخذ يد القدرة في عملها المعجز الخارق العجيب . ثم يقول الناس : زرعنا !! وهم لم يتجاوزوا الحرث وإلقاء البذور . أما القصة العجيبة التي تمثلها كل حبة وكل بذرة . وأما الخارقة التي تنبت من قلبها وتنمو وترتفع فكلها من صنع الخالق الزارع . ولو شاء لم تبدأ رحلتها . ولو شاء لم تتم قصتها . ولو شاء لجعلها حطاما قبل أن تؤتي ثمارها . وهي بمشيئته تقطع رحلتها من البدء إلى الختام ! ولو وقع هذا لظل الناس يلونون الحديث وينوعونه يقولون :( إنا لمغرمون ): غارمون ( بل نحن محرومون ) .. ولكن فضل الله يمنحهم الثمر ، ويسمح للنبتة أن تتم دورتها ، وتكمل رحلتها .. وهي صورة من صور الحياة التي تنشئها القدرة وترعاها . فماذا في النشأة الأخرى من غرابة . وهذه هي النشأة الأولى ؟ .. |
في ظلال اية {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ. وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ . فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ. لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ. تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ } اختلف المفسرون حول زيادة لا هنا : فقال بعضهم: لا ههنا زائدة، وتقديره: أقسم بمواقع النجوم، ويكون جوابه: {إنه لقرآن كريم}، وقال آخرون: ليست لا زائدة بل يؤتى بها في أول القسم إذا كان مقسماً به على منفي، تقدير الكلام: لا أقسم بمواقع النجوم، ليس الأمر كما زعمتم في القرآن أنه سحر أو كهانة بل هو قرآن كريم. ولم يكن المخاطبون يومذاك يعرفون عن مواقع النجوم إلا القليل ، الذي يدركونه بعيونهم المجردة . ومن ثم قال لهم : ( وإنه لقسم - لو تعلمون - عظيم ) .. فأما نحن اليوم فندرك من عظمة هذا القسم المتعلقة بالمقسم به ، نصيبا أكبر بكثير مما كانوا يعلمون . وإن كنا نحن أيضا لا نعلم إلا القليل عن عظمة مواقع النجوم .. وهو في الوقت ذاته أصغر بما لا يقاس من الحقيقة الكلية لعظمة واقع النجوم ! ( فلا أقسم بمواقع النجوم ) .. فالأمر أوضح وأجلى من أن يحتاج إلى قسم .. {وإنه لقسم لو تعلمون عظيم} أي وإن هذا القسم الذي أقسمت به لقسم عظيم، لو تعلمون عظمته لعظمتم المقسم به. وقوله تعالى: {تنزيل من رب العالمين} أي هذا القرآن منزل من اللّه رب العالمين، وليس هو كما يقولون إنه سحر أو كهانة أو شعر، بل هو الحق الذي لا مرية فيه، وليس وراءه حق نافع. |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة في ظلال آية {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} السماوات والأرض تواجه هذا القلب وتروعه بضخامتها وجلالها ، وتناسقها وجمالها ، كما تواجهه وتروعه بدقة نظامها وانضباط حركاتها ، واطراد ظواهرها . والأيام الستة لا يعلم حقيقتها إلا الله . فأيامنا هذه .. وجدت بعد خلق الأرض والشمس فليست هي الأيام التي خلق الله فيها السماوات والأرض .. وكذلك العرش . فنحن نؤمن به كما ذكره ولا نعلم حقيقته . أما الاستواء على العرش فنملك أن نقول : إنه كناية عن الهيمنة على هذا الخلق . استنادا إلى ما نعلمه من القرآن عن يقين من أن الله - سبحانه - لا تتغير عليه الأحوال . فلا يكون في حالة عدم استواء على العرش ، ثم تتبعها حالة استواء . والقول بأننا نؤمن بالاستواء ولا ندرك كيفيته لا يفسر قوله تعالى : ( ثم استوى ) .. والأولى أن نقول : إنه كناية عن الهيمنة كما ذكرنا .. ومع الخلق والهيمنة العلم الشامل اللطيف ، يصور النص القرآني مجاله تصويرا عجيبا : ( يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها ، وما ينزل من السماء وما يعرج فيها ) .. وفي كل لحظة يلج في الأرض ما لا عداد له ولا حصر من شتى أنواع الأحياء والأشياء ؛ ويخرج منها ما لاعداد ولا حصر من خلائق لا يعلمها إلا الله . وفي كل لحظة ينزل من السماء من الأمطار والأشعة والنيازك والشهب ، والملائكة والأقدار والأسرار ؛ ويعرج فيها كذلك من المنظور والمستور ما لا يحصيه إلا الله .. ( وهو معكم أينما كنتم ، والله بما تعملون بصير ) .. وهي كلمة على الحقيقة لا على الكناية والمجاز . فالله - سبحانه - مع كل أحد ، ومع كل شيء ، في كل وقت ، وفي كل مكان . مطلع على ما يعمل بصير بالعباد . وهي حقيقة هائلة حين يتمثلها القلب . حقيقة مذهلة من جانب ، ومؤنسة من جانب . مذهلة بروعة الجلال . ومؤنسة بظلال القربى . وهي كفيلة وحدها حين يحسها القلب البشري على حقيقتها أن ترفعه وتطهره .. كما تدعه في حذر دائم وخشية دائمة ، مع الحياء والتحرج من كل دنس ومن كل إسفاف . ... دمتم بود |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة في ظلال آية { وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} إن ميراث السماوات والأرض ملك لله مالك الملك وراجع إليه ، وما استخلفوا فيه إذن سيؤول إليه في الميراث ! فما لهم لا ينفقون في سبيله حين يدعوهم إلى الإنفاق .. وما الذي يبقى من دواعي الشح وهواتف البخل أمام هذه الحقائق في هذا الخطاب ؟ ولقد بذل الصحابة من المهاجرين والأنصار ، ما وسعها من النفس والمال ، في ساعة العسرة وفترة الشدة – قبل الفتح .. أيام أن كان الإسلام غريبا محاصرا من كل جانب .. قليل الأنصار والأعوان . وكان هذا البذل خالصا لا تشوبه شائبة من طمع في عوض من الأرض ، ولا من رياء أمام كثرة غالبة من أهل الإسلام .. ولكن ما بذلوه - من ناحية الكم - كان قليلا بالقياس إلى ما أصبح الذين جاءوا بعد الفتح يملكون أن يبذلوه . فكان بعض هؤلاء يقف ببذله عند القدر الذي يعرف ويسمع أن بعض السابقين بذلوه ! هنا نزل القرآن ليزن بميزان الحق بذل هؤلاء وبذل أولئك ، وليقرر أن الكم ليس هو الذي يرجح في الميزان ؛ ولكنه الباعث وما يمثله من حقيقة الإيمان : ( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل . أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا ) .. إن الذي ينفق ويقاتل والعقيدة مطاردة ، والأنصار قلة وليس في الأفق ظل منفعة ولا سلطان ولا رخاء . غير الذي ينفق ويقاتل والعقيدة آمنة ، والأنصار كثرة ، والنصر والغلبة والفوز قريبة المنال . ذلك متعلق مباشرة بالله ، متجرد تجردا كاملا لا شبهة فيه .. لا يجد على الخير عونا إلا ما يستمده مباشرة من عقيدته . وهذا له على الخير أنصار حتى حين تصح نيته ويتجرد تجرد الأولين . وبعد أن قرر القيم الحقيقية في ميزان الله لهؤلاء ولهؤلاء عاد فقرر أن للجميع الحسنى : ( وكلا وعد الله الحسنى ) ..فقد أحسنوا جميعا ، على تفاوت ما بينهم في الدرجات . ومرد ذلك التفاوت وهذا الجزاء بالحسنى للجميع ، إلى ما يعلمه الله من تقدير أحوالهم ، وما وراء أعمالهم من عزائمهم ونواياهم . وخبرته تعالى بحقيقة ما يعملون : ( والله بما تعملون خبير ) . |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة في ظلال آيه { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ} .... إنه عتاب مؤثر من المولى الكريم الرحيم ؛ واستبطاء للإستجابة الكاملة من تلك القلوب التي أفاض عليها من فضله.. عتاب فيه الود ، وفيه الحض ، وفيه الاستجاشة إلى الشعور بجلال الله ، والخشوع لذكره ، وتلقي ما نزل من الحق بما يليق بجلال الحق من الروعة والخشية والطاعة والاستسلام ، مع رائحة التنديد والاستبطاء في السؤال : ( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق). وإلى جانب التحضيض والاستبطاء تحذير من عاقبة التباطؤ والتقاعس عن الاستجابة ، وبيان لما يغشى القلوب من الصدأ حين يمتد بها الزمن بدون جلاء ، وما تنتهي إليه من القسوة بعد اللين حين تغفل عن ذكر الله ، وحين لا تخشع للحق: ( ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل ، فطال عليهم الأمد ، فقست قلوبهم ، وكثير منهم فاسقون ) .. وليس وراء قسوة القلوب إلا الفسق والخروج . إن هذا القلب البشري سريع التقلب .. وهو يشف ويشرق فيفيض بالنور .. فإذا طال عليه الأمد بلا تذكير ولا تذكر تبلد وقسا ..وأظلم وأعتم ! فلا بد من تذكير هذا القلب حتى يذكر ويخشع .. ولا بد من اليقظة الدائمة كي لا يصيبه التبلد والقساوة . |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة في ظلال آيه {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} إن مقام الصديقين مقام رفيع .. ومع علو هذا المقام فهو بفضل الله ميسور لمن أراد ، وليس وقفا على أفراد ولا على طائفة . فكل من يحقق إيمانه بالله ورسله يطمع في هذا المقام الرفيع ، ولا حجر على فضل الله. وتلك خاصية هذا الدين وميزته . إنه طريق مفتوح لجميع البشر.. وليس إلا العمل يصعد بصاحبه إلى أرقى الدرجات .. فهذه لمسة الإيمان . فأما لمسة الفداء فقوله بعد ذلك : ( والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم ) .. والحديث عن مقام الشهداء ورد مرات في القرآن ، وتواترت به الأحاديث النبوية . فهذا الدين لا يقوم بغير حراسة ؛ ولا يتحقق في الأرض بغير جهاد . جهاد لتأمين العقيدة وتأمين الدعوة وحماية أهله من الفتنة وشريعته من الفساد . ومن ثم كان للشهداء في سبيل الله .. مقامهم ، وكان لهم قربهم من ربهم . القرب الذي يعبر عنه بأنهم ( عند ربهم ) .. وبينما الصديقون في ذلك المقام والشهداء في هذا المقام يقول النص القرآني عن الكافرين المكذبين : ( والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم ) .. فمن ذا الذي يترك الكرامة والنعيم ، ويختار أن يكون من أصحاب الجحيم ؟ |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة في رحاب آيـة {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} الحياة الدنيا حين تقاس بمقاييسها هي وتوزن بموازينها تبدو في العين وفي الحس أمرا عظيما هائلا . ولكنها حين تقاس بمقاييس الوجود وتوزن بميزان الآخرة تبدو شيئا زهيدا تافها . . لعب . ولهو . وزينة . وتفاخر . وتكاثر .. هذه هي الحقيقة وراء كل ما يبدوا فيها من جد حافل واهتمام شامل .. ثم يمضي يضرب لها مثلا مصورا على طريقة القرآن المبدعة .. ( كمثل غيث أعجب الكفار نباته ) .. والكفار هنا هم الزراع . فالكافر في اللغة هو الزارع ، يكفر أي يحجب الحبة ويغطيها في التراب . ولكن اختياره هنا فيه تورية وإلماع إلى إعجاب الكفار بالحياة الدنيا ! ( ثم يهيج فتراه مصفرا ) للحصاد . فهو موقوت الأجل ، ينتهي عاجلا ، ويبلغ أجله قريبا ( ثم يكون حطاما ) . فأما الآخرة فلها شأن غير هذا الشأن :( وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان ) .. إنها حساب وجزاء .. ودوام .. يستحق الاهتمام ! ( وما الحياة الدنياإلا متاع الغرور ) .. فما لهذا المتاع حقيقة ذاتية ، إنما يستمد قوامه من الغرور الخادع ؛ كما أنه يلهي وينسي فينتهي بأهله إلى غرور خادع . وهي حقيقة .. لا يقصد بها القرآن العزلة عن حياة الأرض ، ولا إهمال عمارتها وخلافتها .. إنما يقصد بها تصحيح المقاييس الشعورية والقيم النفسية ، والاستعلاء على غرور المتاع الزائل وجاذبيته المقيدة بالأرض . هذا الاستعلاء الذي كان المخاطبون بهذه السورة في حاجة إليه ليحققوا إيمانهم . والذي يحتاج إليه كل مؤمن بعقيدة ، ليحقق عقيدته ؛ ولو اقتضى تحقيقها أن يضحي بهذه الحياة الدنيا جميعا . |
في رحاب آيـة
{وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} يرسم سياق الآية للمنافقين صورة فريدة مبدعة ؛ تثير السخرية والهزء والزراية: فهم أجسام تعجب . لا أناسي تتجاوب ! وما داموا صامتين فهم أجسام معجبة للعيون .. فأما حين ينطقون فهم خواء من كل معنى ومن كل حس ومن كل خالجة .. ( تسمع لقولهم كأنهم خشب ) .. ولكنها ليست خشبا فحسب . إنما هي ( خشب مسندة ) .. لا حركة لها . ( يحسبون كل صيحة عليهم ) .. فهم يخشون في كل لحظة أن يكون أمرهم قد افتضح وسترهم قد انكشف . والتعبير يرسمهم أبدا متلفتين حواليهم ؛ يتوجسون من كل حركة ومن كل صوت ومن كل هاتف ، يحسبونه يطلبهم ، وقد عرف حقيقة أمرهم !! وهم بهذا وذاك يمثلون العدو الأول للرسول وللمسلمين : ( هم العدو فاحذرهم ). هم العدو الحقيقي . العدو الكامن داخل المعسكر ، المختبئ في الصف . وهو أخطر من العدو الخارجي الصريح . ( فاحذرهم ) (قاتلهم الله أنى يؤفكون) .. فالله مقاتلهم حيثما صرفوا وأنى توجهوا . والدعاء من الله حكم بمدلول هذا الدعاء ، وقضاء نافذ لا راد له ولا معقب عليه .. وهذا هو الذي كان في نهاية المطاف . |
في ظلال آية { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} يهيب القرآن بالذين آمنوا ليؤدوا واجبهم في بيوتهم من التربية والتوجيه والتذكير ، فيقوا أنفسهم وأهليهم من النار . ويرسم لهم مشهدا من مشاهدها . وحال الكفار عندها. فتبعة المؤمن في نفسه وفي أهله تبعة ثقيلة رهيبة . فالنار هناك وهو متعرض لها هو وأهله ، وعليه أن يحول دون نفسه وأهله ودون هذه النار التي تنتظر هناك . إنها نار . فظيعة مستعرة : ( وقودها الناس والحجارة ) .. الناس فيها كالحجارة سواء .. وما أفظعها نارا هذه التي توقد بالحجارة .. وكل ما بها وما يلابسها فظيع رهيب : ( عليها ملائكة غلاظ شداد ) . تتناسب طبيعتهم مع طبيعة العذاب الذي هم به موكلون .. ( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ) .. فمن خصائصهم طاعة الله فيما يأمرهم ، ومن خصائصهم كذلك القدرة على النهوض بما يأمرهم .. وهم بغلظتهم هذه وشدتهم موكلون بهذه النار الشديدة الغليظة . |
في ظلال آية {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} يرجع السياق هنا إلى ما تقدّم من لزوم الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقوله (كُنتُم) أيها المسلمون خير أمة ، و"كان" لمجرد الربط، لا بمعنى الماضي ، وإنما كان المسلمون خير أمة لخصال ثلاث بها تترقى الأمم الى الأوج هي : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن المجتمع إذا خلا عن هذين الواجبين أخذ يهوي نحو السفل لما جُبل عليه من الفساد والفوضى والشغب، فإذا تحلّى المجتمع بهذين الأمرين أخذ يتقدّم نحو مدارج الإنسانية والحضارة الحقيقية حتى يصل الى قمة البشرية . والأمر الثالث: الإيمان بالله إيماناً صحيحاً لا كإيمان أهل الكتاب والمشركين، والإيمان الصحيح بالله رأس الفضائل فإنه محفّز شديد نحو جميع أنواع الخير ومنفّر قوي عن جميع أصناف البشر. ولو آمن أهل الكتاب إيماناً صحيحاً لكان إيمانهم خيرا لهم في دينهم ودنياهم حتى تنظم على ضوء الإسلام فتخلو من الجهل والمرض والفقر والرذيلة ويكونون في الآخرة سعداء ينجون من عذاب الله، ثم بيّن سبحانه أن ليس كل الذين كانوا من أهل الكتاب بقوا على طريقتهم فإن منهم المؤمنون بالله وبالنبي وبما جاء به كالنجاشي وابن سلام وغيرهما وأكثرهم فاسقون خارجون عن طاعة الله باتباع أهوائهم المضلّة وطرائقهم الزائفة، فالخيرية إذن إنما لهذه الأمة دون غيرها من الأمم. |
في رحاب آيه
{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَب وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَه حُسْنُ الْمَآبِ} يخبر الله تعالى عما زين للناس في هذه الحياة الدنيا من أنواع الملاذ ، لأن حب الإنسان للمشتهيات والملذات سبب لهم أن تتزيّن الدنيا في نفوسهم فيطلبون اللذائذ ولو في المحرّمات ، فبدأ بالنساء لأن الفتنة بهن أشد ثم ثنى بحب البنين، فإن حب الأولاد يسبّب إطاعتهم والتحفّظ عليهم ولو بذهاب الدين . ومن الزينة كذلك حب الأموال الكثيرة المجمعة أو المضاعفة البالغة حدا واسعا ،من الذهب والفضة، والخيل الأصيلة المعلمة المميزة ببعض العلامات ، والأنعام من الإبل البقر والغنم والزرع ، فإن هذه كلها محببة للناس ، لكن ذلك كله زهرة الحياة الدنيا وزينتها الفانية الزائلة ، لا تنفع في الدار الآخرة إلا إذا بذلت في سبيل الله .ثم يختم عز وجل الآية: بأن المرجع الحسن في الآخرة منوط بالله سبحانه فاللازم أن يتزهّد الإنسان في الملذات ولا يتناول المحرّم منها رجاء ثواب الله ونعيمه المقيم الذي لا زوال له ولا اضمحلال، فلا تسبّب هذه المشتهيات والملذات عدول الإنسان عن الحق إلى الباطل وعن الرشاد إلى الضلال. |
في رحاب آيـة
{إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} يخبر الله جل ثناؤه عباده أنه عليم بهم، وبما استقر في قلوبهم من بواعث، وبما أنفقوا، فلا خوف من الظلم في جزائهم؛ لأنه سيوفيهم أجورهم، فلن يظلم أحدا من خلقه يوم القيامة، ولن ينقص ثواب عمله وزن ذرة بل يوفيها له ويضاعفها له إن كانت حسنة ، فيا له من كرم ، ويا له من فيض ، لا يقعد عنه إلا جاهل خسران. روي عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :يؤتى بالعبد يوم القيامة فيوقف وينادى على رؤوس الخلائق هذا فلان بن فلان من كان له عليه حق فليأت إلى حقه ثم يقول آت هؤلاء حقوقهم، فيقول يا رب من أين لي وقد ذهبت الدنيا عني فيقول الله تعالى للملائكة انظروا إلى أعماله الصالحة فأعطوهم منها فإن بقي مثقال ذرة من حسنة قالت الملائكة يا رب قد أعطى لكل ذي حق حقه وبقي مثقال ذرة من حسنة فيقول الله تعالى للملائكة ضعفوها لعبدي وأدخلوه بفضل رحمتي الجنة. وإن كان عبدا شقيا قالت الملائكة إلهنا فنيت حسناته وبقيت سيئاته وبقي طالبون كثير فيقول تعالى خذوا من سيئاتهم فأضيفوها إلى سيئاته ثم صكوا له صكا إلى النار) نسأله سبحانه رضاه والجنة. |
الساعة الآن 03:51 PM |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.