عتاب صديقه
بسم الله الرحمن الرحيم
لله درك كم أثرت في قلبي بركانا ثائر لا يمكن إخماده ، آه منك يا أخي … كيف تنقض العهود ، و تنسى المواثيق ؟ بل كيف تطبع على قلبك باللامبالاة ؟ أرميت وراء ظهرك كل العقائد التي اتفقنا عليها ، حتى أبسطها ، أبسطها الذي اتفقنا عليه من المناصحة والمناقشة حتى نهتدي إلى جادة الطريق ، أيغيرك شخص في يوم وليلة حتى يجعلك تقفل الباب في وجهي ، أهانت لذيك تلك السنين التي لم نفترق فيها إلا في الضرورات ، أين لساننا الموحد الذي إذا تكلمت فكأنما قد أديت عني ، أين تلك اللحظات التي إذا أقبلت فكأنما أنت مقبل ؟ ياللأسف … إن الألم الذي في صدري لا تحتمله سطور هذه الرسالة بل لو عرضته على البحر لما احتمله ، كيف أثق في علاقة هي أوهن من بيت العنكبوت فأعتبرها أقوى من عرين الأسد ، كم كنت غبيا ، أين عقلي قبل هذا ، كيف أثق فيك تلك الثقة العمياء ، و أنت لا تستحق غير الحذر و الحيطة ، أف أف لم أعد أحتمل نفسي ، أشعر بالخزي والعار حين أذكر أن نفسي ـ أو التي أعتبرها نفسي ـ قد خانت نفسي ، أأتجه لك بالنصح فأراك تدير ظهرك كأن لم يكن بيني وبينك عشرة ، تبا للأيام التي عشتها مخدعا بصداقتك .
عزيزتي
إن الحرقة التي في داخلي تجعلني أنسى اسمي ، و المشاعر التي أشعر بها تجعلني أفقد الثقة في نفسي ، بل أن الصدمة التي صدمتني بها لو أنزلت على جبل لهدته ، فكيف بي وأنا الذي لم أشك يوما بأخوتك ، إن أخوتي التي جعلتني أقصدك ناصحا بعد أن سمعت بعضهم ينالك بلسانه بل يلدغني في فؤادي لدغات هي أشد خطر من سم الثعبان ، و قرصات العقرب ، كيف أحتمل أن أسمعهم يلمزونك و هم يضحكون دون أن أوسعهم ضربا وركلا ، فلما رأيت منك الإعراض عن قبول النصيحة تكسرت على إعراضك نفسي ، و عرفت عيني الدموع بسببك ، فلان الذي تحاشاه الناس لتاريخه الأسود تتمسك به و تتركني ، لابد أنها نزوة عابرة تعود معتذرا بعدها ، فيا ترى أتعود أم تسلك سبيل الشيطان فيختم الله على قلبك .
عزيزتي
أبعث لك بهذه الرسالة في محاولة أخيرة حيث أنه قد بقي عندي فيك أمل ينتهي برفضك الرسالة ، فأرجو أن تنظر في أمرك بروية بعيدا عن التعصب ، فتنظر في تاريخ الرجل الأسود ، و تنصت لهمسات الناس لتحفظ سمعتك مما ينالها من القدح ، و تبتعد عما يشينها ، لتعود إلى حقل صداقتنا من جديد طاهرا نقيا نقاء الوليد ساعة الولادة ، و أستميحك عذرا على المقدمة الجوفاء التي لا تحتوي على سلام ، بل أرجو منك العذر عن الكلمات القاسية التي لم أكتبها إلا من أعماق عاطفة ترى نفسها تضيع أمام عينها فلا تستطيع فعل شيء ، و لا أملك الآن إلا توديعك و الألم لا يزالينهش في صدري حتى تثوب فيلتئم الجرح الذي انفتح منذ استدارتك ، و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المخلصه دائما
ملاحظة
أرجو أن تحتفظي بهذه الرسالة كآخر شيء بيني و بينك إذا رفضت وصلي ، فقد تذكرني يوما فتجلس تتذكر عهودنا و مواثيقنا ، أو تندم على معرفتي أو تركي