صور
الكبيرة الثالثة عشر : أكل مال اليتيم وظلمه
قال الله تعالى :" إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيرا"
وقال رسول الله ص ( من ضم يتيما من المسلمين إلى طعامه و شرابه حتى يغنيه الله تعالى أوجب الله له الجنة إلا أن يعمل ذنباً لا يغفر )
ومما حكي عن بعض السلف قال : كنت في بداية أمري مكباً على المعاصي وشرب الخمر , فظفرت يوماً بصبي فقير فأخذته و أحسنت إليه و أطعمته وكسوته و أدخلته الحمام و أزلت شعثه و أكرمته كما يكرم الرجل ولده بل أكثر فبت ليلة بعد ذلك فرأيت في النوم أن القيامة قامت و دعيت للحساب أمر بي إلى النار لسوء ما كنت عليه من المعاصي فسحبتني الزبانية إلى الحساب ليمضوا بي إلى النار و أنا بين أيديهم حقير ذليل يجروني سحباً إلى النار وإذا بذلك اليتيم قد اعترضني بالطريق وقال : خلوا عنه يا ملائكة ربي حتى أشفع له إلى ربي فانه قد أحسن إلي و أكرمني
فقالت الملائكة: إنا لم نؤمر بذلك ,
و إذا النداء من قبل الله تعالى يقول : خلوا عنه فقد وهبت له ما كان منه بشفاعة اليتيم و إحسانه إليه
قال : فاستيقظت وتبت إلى الله عز وجل وبذلت جهدي في إيصال الرحمة إلى الأيتام
ومما جاء في فضل الحسان إلى الأرملة واليتيم عن بعض العلويين – وكان نازلاً ببلخ من بلاد العجم – وله زوجة علوية وله منها بنات وكانوا في سعة ونعمة , فمات الزوج و أصاب المرأة وبناتها بعده الفقر والقلة , فخرجت ببناتها إلى بلدة أخرى خوف شماتة الأعداء , واتفق خروجها في شدة البرد فلما دخلت ذلك البلد أدخلت بناتها في بعض المساجد المهجورة , ومضت تحتال لهم في القوت فمرت بجمعين :
جمع على رجل مسلم وهو شيخ البلد ,
وجمع على رجل مجوسي وهو ضامن البلد .
فبدأت بالمسلم وشرحت حالها له
فقالت : أنا امرأة علوية ومعي بنات أيتام أدخلتهم بعض المساجد المهجورة و أريد الليلة قوتهم
فقال لها : أقيمي عندي البينة أنك علوية شريفة
فقالت : أنا امرأة غريبة ما في البلد من يعرفني
فاعرض عنها
فمضت من عنده منكسرة القلب فجاءت إلى ذلك الرجل المجوسي فشرحت له حالها وقصت عليه ما جرى لها مع الشيخ المسلم
فقام و أرسل بعض نسائه وأتوا بها و بنتاها إلى داره فأطعمهن أطيب الطعام و ألبسهن أفخر اللباس وباتوا عنده في نعمة و كرامة
قال فلما انتصف الليل رأى ذلك الشيخ المسلم في منامه كأن القيامة قد قامت وقد عقد اللواء على رأس النبي ص , و إذا القصر من الزمرد الأخضر شرفاته من اللؤلؤ و الياقوت و فيه قباب اللؤلؤ و المرجان ,
فقال: يا رسول الله لمن هذا القصر؟
قال ص: لرجل مسلم موحد
فقال: يا رسول الله أنا رجل مسلم موحد
فقال رسول الله ص: أقم عندي البينة أنك مسلم موحد
فبقي متحيراً
فقال له ص: لما قصدتك المرأة العلوية قلت أقيمي عندي البينة أنك علوية فكذا أنت أقم عندي البينة أنك مسلم
فانتبه الرجل حزيناً على رده المرأة خائبة
ثم جعل يطوف بالبلد و يسأل عنها حتى دل عليها أنها عند المجوسي ,فأرسل إليه فأتاه
فقال له: أريد المرأة الشريفة العلوية وبناتها
فقال: ما إلى هذا من سبيل وقد لحقني من بركاتهم ما لحقني
قال: خذ ألف دينار وسلمهن إليّ
فقال: لا أفعل
فقال: لا بد منهن
فقال: الذي تريده أنت أنا أحق به والقصر الذي رأيته في منامك خلق لي . أتدل عليّ بالإسلام؟ فو الله ما نمت البارحة أنا و أهل داري حتى أسلمنا كلنا على يد العلوية وبناتها , و رأيت مثل الذي رأيته في منامك
وقال لي رسول الله ص : العلوية و بناتها عندك؟
قلت: نعم يا رسول الله
قال: القصر لك و لأهل دارك و أنت و أهل دارك من أهل الجنة خلقك الله مؤمناً في الأزل
فانصرف المسلم و به من الحزن و الكآبة ما لا يعلمه إلا الله
فانظر رحمك الله إلى بركة الإحسان إلى الأرملة و الأيتام ما أعقب صاحبه من الكرامة في الدنيا !