
الكبيرة الثالثة و الأربعون : النمام
وهو من ينقل الحديث بين الناس على جهة الافساد بينهم
قال الله تعالى " ولا تطع كل حلاف مهيمن هماز مشاء بنميم "
مر رسول الله ص بقبرين فقال ( إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أنه كبير أما أحدهما فكان لا يستبرئ من بوله و أما الأخر فكان يمشي بالنميمة , ثم أخذ جريدة رطبة فشقها اثنتين وغرز في كل قبر واحدة وقال لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا
قال رسول الله ص ( تجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه ومن كان ذا لسانين في الدنيا فإن الله يجعل له لسانين من نار يوم القيامة )
جاء رجلاً ذكر لعمر بن عبد العزيز رجلاً بشيئ فقال عمر : يا هذا إن شئت نظرنا في أمرك فإن كنت صادقاً فأنت من أهل هذه الآية ( إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ) و إن كنت كاذباً فأنت من أهل هذه الآية ( هماز مشاء بنميم ) و إن شئت عفونا عنك
فقال الرجل : العفو يا أمير المؤمنين لا أعود إليه أبداً
ورفع إنسان رقعة إلى الصاحب بن عباد رحمه الله يحثه على أخذ مال اليتيم وكان له مال كثير فكتب على ظهر الرقعة : النميمة قبيحة و إن كانت صحيحة و الميت رحمه الله و اليتيم جبره الله و المال ثمره الله و الساعي لعنه الله
قال الحسن البصري : من نقل إليك نقل عنك فاحذره
قال ابن المبارك : ولد الزنا لا يكتم الحديث أشار به إلى أن كل من لا يكتم الحديث ومشى بالنميمة دل على أنه ولد زنا استنباطاً من قول الله تعالى " عتل بعد ذلك زنيم "
والزنيم : هو الدّعي
وروي أن بعض السلف الصالحين زار أخاً له و ذكر له عن بعض إخوانه شيئاً يكرهه فقال له : يا أخي أطلت الغيبة و أتيتني بثلاث جنايات : بغضت إلي أخي و شغلت قلبي بسببه واتهمت نفسك الأمينة
وكان بعضهم يقول : من أخبرك بشتم عن أخيك فهو الشاتم لك
وقيل في قوله تعالى " حمالة الحطب " يعني امرأة أبي لهب أنها كانت تنقل الحديث بالنميمة سمى النميمة حطباً لأنها سبب العداوة كما أن الحطب سبب لاشتعال النار
ويقال عمل النمام أضر من عمل الشيطان لأن عمل الشيطان بالوسوسة و عمل النمام بالمواجهة
روي أن رجلاً رأى غلاماً يباع وهو ينادى عليه ليس به عيب إلا أنه نمام فقط فاستخف بالعيب و اشتراه فمكث عنده أياما ثم قال لزوجة سيده : إن سيدي يريد أن يتزوج عليك أو يتسرى و أنه لا يحبك فإن أردت أن يعطف عليك ويترك ماعزم عليه فإذا نام غخذي الموسى واحلقي شعرات من تحت لحيته واتركي الشعرات معك
فقالت في نفسها : نعم . واشتغل قلب المرأة وعزمت على ذلك
ثم جاء إلى زوجها وقال : سيدي إن سيدتي زوجتك قد اتخذت لها صديقاً ومحباً غيرك ومالت إليه وتريد أن تخلص منك وقد عزمت على ذبحك الليلة و إن لم تصدقني فتناوم لها الليلة وانظر كيف تجيء إليك وفي يدها شيء تريد أن تذبحك به
فلما كان الليل جاءت المرأة بالموسى لتحلق الشعرات والرجل يتناوم لها
فقال فب نفسه : و الله صدق الغلام بما قال
فلما وضعت الموأة الموسى و أهوت إلى حلقه قام و أخذ الموسى وذبحها
فجاء أهلها فرأوها مقتولة فقتلوه
فوقع القتال بين الفريقين بشؤم ذلك العبد المشؤوم
فلذلك سمى الله النمام فاسقاً في قوله تعالى " إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين "[/SIZE][/FONT][/B]