

أخواتي في الله إن صلاح المسلمين لن يكون إلا بعودتهم إلى الإسلام الصحيح بقيمه و مناهجه و عقيدته السليمة ليقيموا عليه كل أمور حياتهم
و أساس بناء المجتمع المسلم هو الأسرة المسلمة و محضن الأسرة هو البيت و التربية فيه وعماد هذه التربية هو المرأة .
والتربية المنزلية تمثل القاعدة العريضة في الدعوى إلى الله تبارك وتعالى
وبين أيدينا الان كتاب المرأة راعية في بيتها داعية
وهو من تأليف الدكتور أحمد بن محمد أبابطين وقد طبع الكتاب بالمملكة العربية السعودية
والكتاب يحتوي على عدة فصول ولنتاولهم واحدا تلو الآخر وأرجو أن يعجبكم وتستفيدوا منه إن شاء الله
السند الشرعي لمسؤولية الوالدين الدعوية
لقد حمل الإسلام الأسرة مسؤولية عظيمة تجاه أفرادها يتحملها كل من الأبوين ومن في حكمهما على قدر الاستطاعة و الإمكانات وتلك المسؤولية هي مسؤولية التربية و التعليم و الدعوة إلى الدين الإسلامي مما يؤدي إلى وقاية النفس و الأهل من عذاب و أليم عقابه
السند الشرعي من القرآن الكريم :
وتتضح هذه المسؤولية من أمر الله – عز وجل – للمؤمنين في قوله – تعالى – " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم و أهليكم ناراً وقودها الناس و الحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون " سورة التحريم 6
السند الشرعي من السنة المطهرة
كما تتضح هذه المسؤولية كذلك من قول نبينا محمد صلى الله عليه و سلم مبيننا مسؤولية الرعاة نحو الرعية قال : ( ألا كلكم راع , و كلكم مسؤول عن رعيته , فالإمام الأعظم الذي على الناس راع و هو مؤول عن رعيته , و الرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته ,و المرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم ,و عبد الرجل راع على مال سيده و هو مسؤول عنه , ألا فكلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته )
وهذه المسؤولية المذكورة في هذا الحديث مسؤولية عامة و شاملة , فمسؤولية الرجل لا تقتصر على الكسب المادي فحسب , كما أن مسؤولية المرأة لا تقتصر على ما تعارف عليه الناس من القيام بخدمات النظافة و إعداد الطعام فحسب , بل إن كلاً من الرجل و المرأة على اختلاف موقعهما الاجتماعي مسؤول عن جوانب التربية الإيمانية و الاجتماعية ويدخل في ذلك مسؤولية الدعوة إلى الإسلام
والنصان ( القرآني و الحديثي ) المذكوران آنفاً يؤكدان مسؤولية الأبوين ( من في حكمهما ) في عملية التفاعل الاجتماعي و التأثير في الأولاد
هذا بالإضافة إلى أن هذين النصين يحمّلان المرأة المسلمة مسؤولية مستقلة عن مسؤولية الرجل , كما أن حديث المسؤولية قد خص المرأة المسلمة بنصيب كبير من التبعات و الأعباء التي تقع على كاهلها وذلك واضح في هذا النص (و المرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم ) بل إن هذا النص قد وسع مسؤولية المرأة لتشمل أبناء الزوج من غيرها و ذلك يؤكد عظم المسؤولية الملقاة على عاتقها في رعاية الأولاد و خاصة البنات , لطول مكثهن في البيت و ملازمتهن للأم , وتأتي ضمن هذه المسؤوليات مسؤولية الدعوة إلى الله.
ولو قمنا بموازنة بين مسؤوليات الرجل و مسؤوليات المرأة في الأسرة بالذات لوجدنا أن المرأة تتحمل العبء الأكبر , ذلك لأنها هي الحامل و المرضع و الحاضن و الملازم للطفل حتى سن التمييز ملازمة دائمة و كذلك بعد سن التمييز وقبل سن البلوغ في معظم الأوقات سواء كانت داخل البيت أو خارجه وسواء كان الأب حاضراً أو غائباً , مسافراً أو مقيماً , كما أن ملازمتها لأبنائها و تأثيرها فيهم يمتد حتى بعد وفاة أبيهم وهذا يكشف بعض أهداف الإسلام حيث أمر النساء بالقرار في البيوت كما في قوله سبحانه و تعالى " وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى و أقمن الصلاة و آتين الزكاة و أطعن الله و رسوله "
ولقد لاحظ أئمة التفسير و الفقه في الآية " وقرن في بيوتكن " ملاحظة دقيقة حيث قالوا : إن البيوت مضافة إلى ضمير النسوة مع أن البيوت غالباً للأزواج لا للزوجات فخرجوا من ذلك أنها ليست إضافة تمليك بل إضافة إسكان تقررت لاستمرار لزوم المرأة للبيت إلا لحاجة حتى أضيفت إليها
وفي الحديث يقول الرسول صلى الله عليه و سلم مؤكداً قرار المرأة في بيتها ( صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها )
وهذا يؤكد أن وظيفة المرأة الحقيقية مرتبطة بالبيت من صلاة و تربية و دعوة و إرشاد و توجيه و خدمة لجميع أفراد البيت
ولو أن المرأة المسلمة التزمت أمر ربها بالقرار في البيت , وقصرت نفسها عليه مع وقاية نفسها و أهلها وولدها من النار بحسن الإتباع و الرعاية و التوجيه , و الإعداد و الدعوة إلى الله , و الأمر بالمعروف , و النهي عن المنكر , و التربية المثلى لمن تحت يدها ومن في محيطها الأسري و النسوي لكفاها ذلك شرفاً لقيامها بما أوجب الله تعالى عليها في ذلك
وللحديث بقية إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته