
سادساً : الدعوة بتعليم أحكام البلوغ :
إن فقه أحكام البلوغ من الضرورات الواجب تعلمها في حياة المسلم و المسلمة لما ينبني عليه أحكام فقهية تتعلق بالطهارة الحسية و المعنوية وما يترتب على البلوغ من أحكام تتعلق بالاحتلام و الحيض و النفاس و المحافظة على الأعراض بعمل الاحتياطات الأمنية التي تحفظ الإنسان من الوقوع في الفواحش وكبائر الذنوب
وقد ورد في القرآن الكريم وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم نصوص كثيرة تمثل القواعد العامة في الاحتياجات الأمنية في ذلك
عالجت موضوع أحكام البلوغ علاجاً جذرياً بأسلوب عفيف محتشم بعيداً عن الإثارات الجنسية المنحرفة مع توفير متطلبات الفطرة في إشباع الغرائز الجنسية بطريق مباح عن طريق الزواج الشرعي عندما تتوفر شروطه و مستلزماته
وقد أحاط الإسلام هذه الغريزة بضوابط أمنية و أمينة تعف الرجال و النساء من أن تمتد عيونهم إلى ما حرم الله عليهم فقال تعالى في حق الرجال " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم و يحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون " سورة النور 30
وقال تعالى في حق النساء " وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها و ليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون " سورة النور 31
ولا ريب أن هذه الأوامر الربانية جاءت لتحمي ماء عيون المؤمنين و المؤمنات من أن تهدر فتسبب إثارة الغرائز وتدفعها في طريق الحرام
وقد جعل الإسلام تنظيم الميول الجنسية وتهذيبها عند الناشئة من الواجبات التي تقع على عاتق الأبوين ومن في حكمهما
كما راعى الإسلام التدرج الزمني لعمر الولد حتى يتعرف على القضايا الجنسية بالتدريج فلا يفاجأ بحقيقة الاتصال الجنسي بطرق مشوهة
ولذلك فلا يجوز للآباء ولا للأمهات أن يتركوا شرح هذه المسائل لرفاق الولد أو زملائه مما يسبب معرفة هذه الحقائق مشوهة وبطرق ملتوية قد تؤدي به إلى الانحراف وتلقي به في محاضن الرزيلة و الفجور
كما ينبغي أن تكتمل حقيقة الأمور الجنسية متزامنة مع فترة المراهقة المليئة بالقلق و التوتر عند الأولاد ذكوراً و إناثاً مع تحذيرهم من الانزلاق في أسباب الجريمة و دواعيها
ولقد قام فقهاء الإسلام بتوضيح هذه القضايا و شرحها شرحاً وافياً شافياً لكل مسألة شملت ذكر المراحل التي يمر بها الإنسان في حياته الجنسية مع ذكر الآداب و الأحكام المشروعة التي يلزم إتباعها ومن أهم هذه القضايا ما يلي :
مرحلة السن التي يلزم الأطفال فيها بالاستئذان في أوقات معينة
مرحلة سن التفريق في المضاجع : بتخصيص فراش لكل طفل بلغ العاشرة من عمره و تخصيص كل من الجنسين بغرفة مستقلة
مرحلة سن الاستئذان المطلق : وهي لمن بلغ الحلم
وفي هذه المرحلة تظهر علامات البلوغ التي يختلف فيها الذكر عن الأنثى حيث تتميز الأنثى بظهور علامات خاصة مثل خروج دم الحيض وفي هذه السن يجب عليها الحجاب عن الرجال الأجانب
وتمشياً مع الأحكام الشرعية في التزام الحشمة و العفاف في المجتمع المسلم فإن المطلوب من كل مسلم و مسلمة مهما كان موقعه الاجتماعي و الوظيفي استبعاد كل ما يثير الغرائز الجنسية سواء ما كان منها على هيئة منشورات أو كتب أو ما يبث عبر وسائل الإعلام المقروءة و المسموعة و المرئية
ولقد اعتنى الإسلام بالإنسان في هذه السن حيث حثه على الزواج عند أول فرصة يستطيع القيام بالأعباء الزوجية حفاظاً على الأعراض و الأخلاق و طلباً للذرية وحذر من اختلاط الأنساب فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( يا معشر الشباب من استطاع الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر و أحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء )
وحيث إن الحديث هنا يتناول إعداد المرأة المسلمة للدعوة فإن التربية الجنسية من أهم القضايا التي يجب أن تلم بها المرأة لمعرفة أحكام دينها في الطهارة من الحيض و النفاس و الاحتلام وغير ذلك مما يعد لازماً لأداء عبادتها على الوجه المطلوب ومن ثم القيام بواجب الدعوة لبنات جنسها وهذا مما لا ينبغي الحياء فيه فعن عائشة رضي الله عنها قالت : نعم النساء نساء الأنصار لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين
وهنا نذكر حديث المرأة التي جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله عن كيفية التطهر من الحيض وهو شاهد قوي على وجوب تعلم المرأة أحكام دينها
فعن عائشة رضي الله عنها أن امرأة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحيض كيف تغتسل منه ؟ قال ( خذي فرصة من مسك فتطهري بها ) قالت : كيف أتطهر ؟ قال ( تطهري بها ) قالت : كيف ؟ قال ( سبحان الله تطهري !!) فاجتذبتها إلي فقلت : تتبعي بها أثر الدم
وأما في مسألة الاحتلام فعن أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إن الله لا يستحي من الحق هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( نعم إذا رأت الماء )
وللحديث بقية إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته