
سوء الخلق (مظاهره – أسبابه – علاجه)
ومن مظاهر سوء الخلق أيضاً
إفشاء الأسرار :
فبعض الناس من أن يسمع سراً إلا ويضيق به ذرعاً فتراه يبحث عمن يخبره بسره و يفضي إليه بمكنونه
وربما ترتب على إفشاء السر عداوة وفساداً عريضا
وبعض الناس يثق بكل أحد فيفضي إليه بسره فإذا انتشر الخبر وذاع لام من أذاعه و أفشاه وما علم أنه هو الملوم لأنه هو أول من نشره
قال عمرو بن العاص رضي الله عنه : ما وضعت سري عند أحد فلمته على أن يفشيه كيف ألومه وقد ضقت به ؟!
وإن من حفظ الأسرار بل مما يدل على صدق الوفاء وكرم العشيرة أن يحفظ المرء سر صاحبه بعد أن تتصرم حبال المودة بينهما ذلك أن دواعي الإفشاء تقوى في تلك الحالة فإذا كتم المرء سر صاحبه وحفظ ما كان له من ود دل ذلك على كرم نفسه و رسوخ قدمه في الفضيلة
المؤاخذة بالزلة
فهناك من الناس من إذا صدر في حقه زلة من صديق أو بدرت هفوة من قريب زهد به و تنكر له و آخذه بزلته
وهذا المسلك مسلك خاطئ و الذي يقوم به ويطرد هذه القاعدة لن يصفو له بال ولن يرضى عن أحد بل سيعيش وحيداً طريداً فأي الرجال المهذب ؟!
عدم قبول الأعذار :
فتجد من يقع في خطأ في حق أخ له ثم يعتذر من خطئه ويلتمس من أخيه مسامحته ثم يفاجأ بعد ذلك بأن عذره لم يقبل و بأن عثرته لم تقل
قيل : المؤمن طالب عذر إخوانه و المنافق طالب عثراتهم
التهاجر و التدابر :
وما أكثر وقوع هذا الأمر بين المسلمين فبمجرد اختلاف يسير لا يترتب عليه فساد في الدين تجد من يهجر أخاه ويعطيه ظهره ويقطع شواجر المحبة و الرحمة و الأخوة
قال النبي عليه الصلاة و السلام ( لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا و كونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث )
الحسد :
وهو تمني زوال نعمة المحسود أهو البغض و الكراهية لما يراه من حسن حال المحسود
والحسد داء عضال وسم قتال لا يسلم منه إلا من سلمه الكبير المتعال
ولهذا قيل : ما خلا جسد من حسد ولكن اللئيم يبديه و الكريم يخفيه
فما أكثر وقوع الحسد بين الناس فهذا يحسد لعلمه وهذا لماله وهذا لمنزلته بين الناس
و أكثر ما يقع بين النظراء و المتشاركين و أكثر منه ما يكون بين صفوف النساء
والحسد خلق ذميم ومسلك شائن فهو مضر بالبدن و الدين وهو من أعظم الأسباب الموجبة للفرقة و الاختلاق
قال بعض السلف : الحسد أول ذنب عصي الله به في السماء – حسد إبليس لآدم
و الحسد في الحقيقة اعتراض على قضاء الله و حكمته ولهذا قيل : من رضي بقضاء الله لم يسخطه أحد ومن قنع بعطائه لم يدخله حسد
الحقد :
فنجد من الناس من يحمل قلباً أسود لا يعرف للعفو طريقاً ولا للصفح سبيلاً فإذا ما أسي في حقه من أي أحد فإنه يحفظ تلك الإساءة ولا يكاد ينساها مهما تقادم العهد عليها
فتجده يتربص بصاحبه الدوائر وينتظر منه غرة لينفذ إليه من خلالها فيروي غليله و يشفي غيظه
مجاراة السفهاء :
فهناك من إذا ابتلي بسفيه ساقط لا خلاق له ولا مروءة فيه أخذ يجاريه في سفهه و قيله وقاله مما يجعله عرضة لسماع مالا يرضيه من ساقط القول و مرذوله فيصبح بذلك مساوياً للسفيه إذ نزل إليه وانحط إلى رتبته
قيل : من لم يصبر على كلمة سمع كلمات , ورب غيظ تجرعته مخافة ما هو أشد منه
وللحديث بقية إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته