علمتني الحياة في ظل العقيدة أنه لا نجاح للدعوة ولا ثمرة لها إن نحن أعطينها فضول أوقاتنا. إذا لم ننسى معها طعامنا وشرابنا وراحتنا، إذا لم نجند كل طاقاتنا فلن نفلح في إيصال الأمانة التي كلفنا الله بها. يقول (صلى الله عليه وسلم): (بلغوا عني ولو آية). لم يدع فرصة لكسول ولا لخامل ولا لتنبل ولا لبطال، بلغوا عني ولو آية. ألا فليكن الوجود للإسلام، والرسالة الإسلام والهوية الإسلام، له نحي وبه نحي وعليه نموت، حزننا لله وغضبنا لله ورضانا لله، حياتنا لله، ومماتنا لله ها هو نوح عليه السلام يدعو ويسعى كما سمعتم لا يفتر ولا ييئس بالليل والنهار لمدة تسع مائة وخمسين عاما، ماذا بقي من حياة نوح لم يسخر للدعوة إلى الله، وما النتيجة كما سمعتم لم يؤمن معه لا قليل. رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يحمل هم هذا الدين ويدخل الهم به حتى يواسيه ربه سبحانه وتعالى بقوله: ) فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَات)(فاطر: من الآية8) يريد حياتهم ويريدون موته، يريد نجاتهم ويريدون إنهائه، يأخذ بحجزهم وهم يتهافتون كالفراش على النار. ثم أنظر من بعده إلى صحابته رضوان الله عليهم تجد حياتهم قد أوقفت لله رب العالمين، في اليقظة يعملون لهذا الدين، في الليل يعملون لهذا الدين، أمانيهم لخدمة هذا الدين، لم تكن حول قضايا شخصية ولا هموما أرضية، يجمع عمر أصحابه يوما من الأيام ويقول تمنوا: فيقول أحدهم أتمنى أن يكون معي ملئ هذه البيت جواهر فأنفقها في سبيل الله. ويقول الآخر أتمنى أن يكون معي ملئ هذا البيت ذهبا أنفقه في سبيل الله. فيقول عمر لكني أتمنى أن يكون معي ملئ هذا البيت رجالا أستعملهم في طاعة الله. ليسأل كل واحد منا نفسه كم جعل من وقته للدعوة إلى الله ؟ ماذا قدم لدين الله عز وجل ؟ ماذا قدم لنفسه ؟ كم اهتدى على يديه ؟ إن الإيجابيات واضحة ومخجلة. لم نعطي للدعوة سوى فضول أوقاتنا، وسوى فضول جهودنا إلا عند من رحم الله. لكن الفرصة لا زالت قائمة فرسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما زال الخير في أمتي إلى يوم الدين فجد واجتهد عبد الله، وسارع فستبقى طائفة على الحق منصورة فجند نفسك أن تكون في ركاب هذه الطائفة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته