آذار
الأيام الماضية مرت مزخرفة بتراتيل " شباط " من دون أن يثقل على خلق الله أكثر و رغم رحيله إلا أنه طبع على جبين كل منهم قبلة مرتجفة تنبئهم بأن آذار سيأتي لكي يصدح بألحان لم تعهدوها طوال العام .. تمر الأيام متثائبة، خصوصا في الليل حيث يتشرنق البشر على أنفسهم طلباللدفء ، يستجمعون دفء أجسادهم و يصبونه بغرفة واحدة مع كاسات الشاي و الكستناء جنبا إلى جنب.
صار التنقل من غرفة إلى أخرى يطرح إمكانية بإصابتك بنزلة برد من العيار الثقيل مع أن أهل الحي هنا ليسو مضطرين للقلق حول التنقل من غرفة لأخرى،خصوصا إن كان المنزل العتيد بكامله غرفة تضم أفراد العائلة مهما زاد عددهم أو قل ..لم تتوقف المدرسة عن مجابهة البرد فهاهو الطريق على حاله و محل (شام و سنا) تصر حروفه البقاء من دون أن تتزحزح من مكانها، لقد ألصقها بشكل جيد
.. المعلمةلطفية تكابر الرياضيات كما العادة ,الورد اليومي مازال مستمرا كما " صوفي" لا يمل الدوران ينادي أن يا الله !!.. ذلك إذا ما اعتبرنا صوت صراخه المكابر للورد نداء بأن يا الله ألم يحن وقت الحج إلى وطن الحروف أعدك أن أصمت بعدها..خمسين عاما أو أكثر كما تشاء..يدور الدنيا معه من دون أن يكل أو يمل .. و دورة صاحبنا تتمثل بإيصال دعائه للشارع المقابل ثم بقائه في الغرفة محكمة الإغلاق.معتكفا هناك. اشترى أبو جواد قفلا نتيجة كسر جواد للقفل القديم ..
ملائكة الطقس تعلن عن صدع يشق صدور الخلق بينما أخبار تتردد عن مظليين سوف يهطلون على أكتافهم قريبا.انضمت السيول و الرعود إلى سيمفونية آذار أكرم أهل الحي بحب طاغ كاد يغرق منازلهم .. تنظر من النافذة إلى كل تلك الرياح و الكراتين و الأكياس و الثياب التي أرغمت على فراق حبال الغسيل.. تتشاجر هي و ريم و محمد على النافذة من سيحظى بالإطلالة الأفضل.كانت تتمنى الصعود للسطح لكن أباها لم يرض أبدا ..
تتأمل القطة التي جلست على شرفة أبي إسماعيل ماذا كان سيفعل لو رآها..تدفعها ريم من جديد..لو أن الثلج يتساقط القليل منه.. فقط حتى نلعب به خمس دقائق أو عشرة..مرت الليلة تلك مكللةبـ الصقيع كسابقاتها..