بسمِ الله الرحمن الرحيمْ
{ ألم [1] ذلك الكتاب لا ريب فيه هدًى للمتقين [2] الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة
ومما رزقناهم ينفقون [3] والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون
[4] أولئك على هدًى من ربهم وأولئك هم المفلحون [5]
إن الذين كفروا سواءٌ عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون [6] ختم الله على قلوبهم وعلى
سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم [7]
ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين [8] يُخادعون الله والذين آمنوا وما
يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون [9] في قلوبهم مرضٌ فزادهم الله مرضًا ولهم عذابٌ أليمٌ بما
كانوا يكذبون [10] وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحنُ مصلحون [11] ألا إنهم هم
المفسدون ولكن لا يشعرون [12] وإذا قيل لهم آمنـوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كمـا آمن
السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون [13] وإذا لقوا الذين آمنـوا قالوا آمنـا وإذا خَـلَوا
إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحنُ مستهزئون [14] اللهُ يستهزئ بهم ويمدّهم في
طغيانهم يعمهون [15] أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهُدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين
[16]
مَثلهم كمثل الذي استوقد نارًا فلمـا أضاءت ما حولَه ذهب الله بنورهم وتركهم في ظُلُماتٍ لا
يُبصرون [17] صمٌ بكمٌ عميٌ فهم لا يرجِعون [18] أو كصيّبٍ من السمـاء فيه ظُلُماتٌ ورعـدٌ وبـرقٌ
يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت واللهُ محيطٌ بالكافرين [19] يكادُ البرق
يخطف أبصارهم كلمـا أضـاءَ لهم مشَـوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شــاء الله لذهب
بسمعهم وأبصارهم إن الله على كلّ شيءٍ قدير [20]
يا أيها الناسُ اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون [21] الذي جعل لكم
الأرض فراشًا والسمـاء بنـاءً وأنزل من السمـاء مـاءً فأخرج به من الثمرات رزقًا لكم فلا تجعلوا لله
أندادًا وأنتم تعلمون [22] وإن كنتم في ريبٍ مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورةٍ من مثلهِ وادعوا
شهدائكم من دون الله إن كنتم صادقين [23] فإن لم تفعلـوا ولـن تفعلوا فاتقوا النارَ التي وقودها
الناسُ والحجارة أعدّت للكافرين [24]
وبشّـر الذين آمنـوا أن لهم جنّـاتٍ تجري من تحتها الأنهار كلما رُزقوا منها من ثمرةٍ رزقًا قالوا هذا
الذي رُزقنا من قبل وأتوا به متشابهًا ولهم فيها أزواجٌ مطهرةٌ وهم فيها خالدون [25] إن الله لا
يستحيي أن يضرب مثلاً ما بعوضةً فما فوقها فأمّا الذين آمنوا فيعلمون أنهُ الحق من ربهم وأما
الذين كفروا فيقولون ماذا أراد اللهُ بهذا مثلاً يُضل به كثيرًا ويهدي به كثيرًا وما يُضل به إلا
الفاسقين [26] الذينَ ينقضون عهد الله من بعدِ ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصَلَ
ويُفسدون في الأرض أولئـكَ هم الخاسـرون [27]
كيفَ تكفرون بالله وكنتم أمواتـًا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه تُرجعون [28] هو الذي
خلقَ لكم ما في الأرض جميعًا ثم استــوى إلى السمـاء فسواهنّ سبع سماوات وهو بكل
شيءٍ عليم [29]
وإذ قال ربك للملائكة إني جاعلٌ في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يُفسد فيها ويسفكُ
الدمـاء ونحنُ نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلمُ ما لا تعلمون [30] وعلّم آدم الأسمـاء
كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين [31] قالوا سبحانك
لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك انـتَ العليم الحكيم [32] قال يا آدم أنبئهم بأسماءهم فلما أنبأهم
بأسماءهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تُبدون وما كنتم تكـتُمون
[33]
وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجـدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين [34] وقلنا يا
آدم اسكن أنتَ وزوجُك الجنّة وكُلا منها رغـدًا حيثُ شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من
الظالمين [35] فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعضٍ عدوٌّ
ولكم في الأرض مستقرٌ ومتاعٌ إلى حين [36] }
صدق اللهُ العظيمْ