منذ /03-12-2009, 10:00 PM
|
#138
|
مشرفة " الـنـادي الـرياضـي و الـصـحـي "
|
قصة قوم يس
قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ
قال محمد بن إسحاق عن بعض أصحابه عن ابن مسعود رضي الله عنه, أنهم وطئوه بأرجلهم حتى خرج قصبه من دبره, وقال الله له: "ادخل الجنة" فدخلها فهو يرزق فيها قد أذهب الله عنه سقم الدنيا وحزنها ونصبها.
وقال مجاهد : قيل لحبيب النجار : ادخل الجنة, وذلك أنه قتل فوجبت له
فلما رأى الثواب "قال يا ليت قومي يعلمون"
قال قتادة : لا تلقى المؤمن إلا ناصحاً لا تلقاه غاشاً.
لما عاين ما عاين من كرامة الله تعالى: قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين فتمنى أن يعلم قومه بما عاين من كرامة الله فقال لو اطلعوا على ما حصل لي من هذا الثواب والجزاء والنعيم المقيم, لقادهم ذلك إلى اتباع الرسل
وقال ابن عباس : نصح قومه في حياته بقوله "يا قوم اتبعوا المرسلين" وبعد مماته في قوله " يا ليت قومي يعلمون * بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين " رواه ابن أبي حاتم .
فرحمه الله ورضي عنه فلقد كان حريصاً على هداية قومه.
وقوله تبارك وتعالى: " وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِّنَ السَّمَاء وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ "
يخبر تعالى أنه انتقم من قومه بعد قتلهم إياه غضباً منه تبارك وتعالى عليهم, لأنهم كذبوا رسله وقتلوا وليه, ويذكر عز وجل أنه ما أنزل عليهم وما احتاج في إهلاكه إياهم إلى إنزال جند من الملائكة عليهم وما كاثرناهم بالجموع بل الأمر كان أيسر من ذلك.
وما كنا ننزل الملائكة على الأمم إذا أهلكناهم بل نبعث عليهم عذاباً يدمرهم
قال: فأهلك الله تعالى ذلك الملك الجبار, وأهلك أهل أنطاكية
قال المفسرون بعث الله تعالى إليهم جبريل عليه الصلاة والسلام, فأخذ بعضادتي باب بلدهم, ثم صاح بهم صيحة واحدة, فإذا هم خامدون عن آخرهم لم تبق بهم روح تتردد في جسد فبادوا عن وجه الأرض فلم يبق منهم باقية
وقد تقدم عن كثير من السلف أن هذه القرية هي أنطاكية, وأن هؤلاء الثلاثة كانوا رسلاً من عند المسيح عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام, كما نص عليه قتادة وغيره وفي ذلك نظر من وجوه:
1 - أن ظاهر القصة يدل على أن هؤلاء كانوا رسل الله عز وجل, لا من جهة المسيح عليه السلام كما قال تعالى:
" إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ* قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ * قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ * وَمَا عَلَيْنَا إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ "
ولو كان هؤلاء من الحواريين لقالوا عبارة تناسب أنهم من عند المسيح عليه السلام. والله تعالى أعلم
2 - أن أهل أنطاكية آمنوا برسل المسيح إليهم, وكانوا أول مدينة آمنت بالمسيح, ولهذا كانت عند النصارى إحدى المدائن الأربعة اللاتي فيهن بتاركة, وهن:
القدس لأنها بلد المسيح,
وأنطاكية لأنها أول بلدة آمنت بالمسيح عن آخر أهلها, والإسكندرية لأن فيها اصطلحوا على اتخاذ البتاركة والمطارنة والأساقفة والقساوسة والشمامسة والرهابين,
ثم رومية لأنها مدنية الملك قسطنطين الذي نصر دينهم وأوطده, ولما ابتنى القسطنطينية نقلوا البترك من رومية إليها, كما ذكره سعيد بن بطريق وغيره من أهل الكتاب والمسلمين,
فإذا تقرر أن أنطاكية أول مدينة آمنت, فأهل هذه القرية ذكر الله تعالى أنهم كذبوا رسله وأنه أهلكهم بصيحة واحدة أخمدتهم, والله أعلم.
3 - أن قصة أنطاكية بعد نزول التوراة وقد ذكر أبو سعيد الخدري رضي الله عنه وغيره من السلف أن الله تبارك وتعالى بعد إنزاله التوراة لم يهلك أمة من الأمم عن آخرهم بعذاب يبعثه عليهم
بل أمر المؤمنين بعد ذلك بقتال المشركين عند قوله تبارك وتعالى: " وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى " القصص (43)
فعلى هذا يتعين أن هذه القرية المذكورة في القرآن قرية أخرى غير أنطاكية
أو تكون أنطاكية إن كان لفظها محفوظاً في هذه القصة مدينة أخرى غير هذه المشهورة المعروفة, فإن هذه لم يعرف أنها أهلكت لا في الملة النصرانية ولا قبل ذلك, والله سبحانه وتعالى أعلم.
فأما الحديث الذي رواه الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا الحسين بن إسحاق التستري , حدثنا الحسين بن أبي السري العسقلاني , حدثنا حسين الأشقر , حدثنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "السبق ثلاثة: فالسابق إلى موسى عليه الصلاة والسلام يوشع بن نون , والسابق إلى عيسى عليه الصلاة والسلام صاحب يس , والسابق إلى محمد صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه" فإنه حديث منكر, لا يعرف إلا من طريق حسين الأشقر , وهو شيعي متروك من الغلاة،وتفرده بهذا مما يدل على ضعفه بالكلية والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
وإلى اللقاء مع قصة أخرى من قصص الأنبياء
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
|
|
|