منذ /24-01-2010, 12:25 AM
|
#162
|
مشرفة " الـنـادي الـرياضـي و الـصـحـي "
|
موسى عليه السلام
17 – عبادة قوم موسى العجل
بعد أن ترك موسى قومه لمناجاة ربه وتلقى من ربه الألواح وفيها الوصايا الإِلهيةوواعده ربه ثلاثين ليلة, ثم أتبعها عشراً, فتمت أربعين ليلة
قال الله تعالى لموسى (وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى) طه 83 لمجيء ميعاد أخذ التوراة قال موسى هم قادمون ينزلون قريباً من الطور وعجلت إليك ربي لتزداد عنى رضا
(قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ) طه 85
أخبر الله تعالى نبيه موسى بما كان بعده من الحدث في بني إسرائيل وعبادتهم العجل الذي عمله لهم ذلك السامري
وقد تقدم في حديث الفتون عن الحسن البصري أن هذا العجل اسمه بهموت, وحاصل ما اعتذر به هؤلاء الجهلة أنهم تورعوا عن زينة القبط
وهارون عليه السلام هو الذي كان أمرهم بإلقاء الحلي في حفرة فيها نار, وهي في رواية السدي عن أبي مالك عن ابن عباس , إنما أراد هارون أن يجتمع الحلي كله في تلك الحفيرة, ويجعل حجراً واحداً, حتى إذا رجع موسى عليه السلام, رأى فيه ما يشاء
ثم جاء ذلك السامري فألقى عليها تلك القبضة التي أخذها من أثر الرسول, وسأل من هارون أن يدعو الله أن يستجيب له في دعوته, فدعا له هارون وهو لا يعلم ما يريد فأجيب له, فقال السامري عند ذلك: أسأل الله أن يكون عجلاً, فكان عجلاً له خوار أي صوت ولهذا قال: فكذلك ألقى السامري فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار( تفسير ابن كثير )
(فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ) طه 88
ويقال أن السامري جمع ما مع بني إسرائيل من الحلي والذهب، وصنع لهم صنما مجوفًا على هيئة عجل إذا دخل فيه الهواء من جانب خرج من الجانب الآخر محدثا صوتًا يشبه صوت العجل
قال ابن عباس رضي الله عنه: لا والله ما كان خواره إلا أن يدخل الريح في دبره فيخرج من فمه فيسمع له صوت
وأخبرهم أن هذا هو إلهكم وإله موسى، فصدقوه وعبدوا العجل وتركوا عبادة الله الواحد الأحد وعكفوا عليه وأحبوه حباً لم يحبوا شيئاً قط يعني مثله
فألقى بني إسرائيل عنهم الحلي وعبدوا العجل, فتورعوا عن الحقير وفعلوا الأمر الكبير
فتوجه إليهم نبي الله هارون ينصحهم ويعظهم، وأنهم قد فتنوا بهذا الأمر، لكنهم استمروا في جهلهم، ولم ينتفعوا بنصح هارون، بل اعترضوا عليه وكادوا أن يقتلوه، وأعلنوا له أنهم لن يتركوا عبادة هذا العجل، حتى يرجع إليهم موسى
ولما عاد موسى غضبان أسفاً بعد أن أخبره الله بأمر قومه فكان في غاية الغضب والحنق عليهم
هو فيما هو فيه من الاعتناء بأمرهم, وتسلم التوراة التي فيها شريعتهم, وفيها شرف لهم, وهم قوم قد عبدوا غير الله, ما يعلم كل عاقل له لب وحزم بطلان ما هم فيه وسخافة عقولهم وأذهانهم
ولما وجد قومه على تلك الحالة غضب منهم غضبًا شديدًا، ومن شدة حزنه وغضبه مما فعله قومه ألقى الألواح التي فيها التوراة من يديه، وتوجه إلى أخيه هارون وأمسك برأسه وجذبه إليه بشدة، وقال له بصوت ظهر فيه الغضب
(قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي)[طه: 92-93].
فقال هارون: (قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي )[طه: 94]، وأخبره أن القوم كادوا أن يقتلوه
فتركه موسى وتوجه إلى السامري
(قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ) طه 95
يقول موسى عليه السلام للسامري: ما حملك على ما صنعت ؟ وما الذي عرض لك حتى فعلت ما فعلت ؟
(قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي) طه 96
قال علمت بما لم يعلموه القوم فقبضت قبضة من تراب أثرحافر فرس جبريل حين جاء لهلاك فرعون وألقيتها في صورة العجل المصاغ وكذلك زينت لي نفسي أن آخذ قبضة من تراب ما ذكر وألقيها على ما لا روح له يصير له روح ورأيت قومك طلبوا منك أن تجعل لهم إلها فحدثتني نفسي أن يكون ذلك العجل إلاههم
قال محمد بن إسحاق عن حكيم بن جبير , عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كان السامري رجلاً من أهل باجرما أو كرمان أو سامرا وكان من قوم يعبدون البقر وكان حب عبادة البقر في نفسه وكان قد أظهر الإسلام مع بني إسرائيل, وكان اسمه موسى بن ظفروهذا هو المشهور عند كثير من المفسرين أو أكثرهم والله أعلم
فقال له موسى عليه السلام اذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس فكما أخذت ومسست ما لم يكن لك أخذه ومسه من أثر الرسول فعقوبتك في الدنيا أن لا تماس الناس ولا يمسونك وإن لك موعداً يوم القيامة لا محيد لك عنه.
وانظر إلى إلهك أو معبودك العجل الذي ظلت عليه عاكفاً وأقمت على عبادته لنحرقنه وسحله بالمبارد وألقاه على النار
وقال قتادة : استحال العجل من الذهب لحماً ودماً, فحرقه بالنار, ثم القى رماده في البحر
ثم قال لقومه ليس هذا إلهكم, إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو, ولا تنبغي العبادة إلا له أفلا ترون أنه لا يرجع لكم قولا ولا يملك لكم ضرا ولا نفعا في دنياكم ولا في أخراكم ولا يجيبكم إذا سألتوه ولا إذا خاطبتوه
ألم يعدكم ربكم وعداً حسناً ووعدكم على لساني كل خير في الدنيا والاخرة وحسن العاقبة, كما شاهدتم من نصرته إياكم على عدوكم وإظهاركم عليه وغير ذلك من أيادي الله أفطال عليكم العهد في انتظار ما وعدكم الله ونسيان ما سلف من نعمه وما بالعهد من قدم أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم بصنيعكم هذا فأخلفتم موعدي
فقالوا لموسى: ما أخلفنا موعدك عن قدرتنا واختيارنا, ثم شرعوا يعتذرون بالعذر البارد ويخبرونه عن تورعهم عما كان بأيديهم من حلي القبط الذي كانوا قد استعاروه منهم حين خرجوا من مصر, فألقيناها عنا
ثم أحس بنو إسرائيل بسوء صنيعهم فندموا عليه، وأعلنوا توبتهم إلى الله، وسألوه الرحمة والمغفرة فأوحى الله-عز وجل-إلى موسى أن هارون برئ منهم وأنه حاول معهم كثيرًا ليبتعدوا عن عبادة العجل، فاطمأن قلب موسى إلى أن أخاه لم يشارك في ذلك الإثم، فتوجه إلى الله تعالى مستغفرًا لنفسه ولأخيه، قائلاً:
(قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ )[الأعراف: 151].
وللحديث بقية إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
|
|
|