فصل [ المعاصي عواقبها سيئة ]
الحذر الحذر من المعاصي , فإن عواقبها سيئة , وكم من معصية لا يزال صاحبها في هبوط أبداُ من تعثير أقدامه , وشدة فقره , وحسراته على ما يفوته من الدنيا , وحسرة لمن نالها . فلو قارب زمان جزائه على قبيحه الذي ارتكبه كان اعتراضه على القدر في فوات أغراضه يعيد العذاب جديداً , فوا أسفاً لمعاقب لا يحس بعقوبته , وآه من عقاب يتأخر حتى ينسى سببه . أوليس ابن سيرين يقول : عيرت رجلاً بالفقر فافتقرت بعد أربعين سنة . وابن الجلاء يقول : نظرت إلى شاب مستحسن فنسيت القرآن بعد أربعين سنة .
فوا حسرة لمعاقب لا يدري أن أعظم العقوبة عدم الإحساس بها .
فالله الله في تجويد التوبة عساها تكف كف الجزاء , والحذر الحذر من الذنوب خصوصاً ذنوب الخلوات , فإن المبارزة لله تعالى تسقط العبد من عينه , وأصلح ما بينك وبينه في السر وقد أصلح لك أحوال العلانية .
ولا تغتر بستره أيها العاصي فربما يجذب عن عورتك , ولا بحلمه فربما بغت العقاب . وعليك بالقلق واللجأ إليه والتضرع . فإن نفع شيء فذلك وتقوت بالحزن , وتمزز كأس الدمع واحفر بمعول الأسى قليب قلب الهوى , لعلك تنبط من الماء ماء يغسل جرم جرمك .