السلامُ عليكُنّ ورحمة الله وبركـاته**
* * الْحُرِّيَّة; كَلِمَة يَتَدَاوَلُهَا الْكُل وَيُنَادِي بِهَا الْجَمِيْع و يُطَبِّقُهَا و يَعْرِف مَعْنَاهَا قِلَّة الْقِلَّة ... لَسْنَا الْيَوْم بِصَدَد فَلْسَفَة الْحُرِّيَّة وَلَا مُنَاقَشَة نَظَرِّيَاتِهَا ..
بَل نَوَد إِن نُنَاقِش هَل فِعْلَا نَحْن نَرْغَب بِالْحُرِّيَّة الْمُطْلَقَة ؟ أَم نُرِيْد أَن نَضَع قُيُودا عَلَى الْحُرّيّة ؟!
الْحُرِّيَّة كَلِمَة أَصْبَح الْكُل يُنَادِي بِهَا مِن الْانْسَان الْبَسِيْط وَحَتَّى الانظمّة فِي الْدُّوَل
، هِي بِالْطَّبْع كَلِمَة {سِحْرِيَّة} تُعْطِي ارْتِيَاحَا لِلْكَاتِب وَالْمُنَادِي وَالْسَّامِع بِهَا مَهْمَا كَانَت دَوَافِهَا وَاسْبَابِهَا
فَفِي الْآوِنَة الْأَخِيْرَة اخْتَلَف الْكَثِير عَلَى تِلْك الْكَلِمَة فَالْبَعْض أَعْطَىالْحُرِّيَّة صِفَة مُطْلَقَة و الْبَعْض قَيَّدَهَا بِقُيُوْد اجْتِمَاعِيَّة و دِيْنِيْة و وَطَنِيَّة أَيْضا
الْحُرِّيَّة شَمْس يَجِب ان تُشْرِق فِى كُل نَفْس فَمَن عَاش مَحْرُوْما مِنْهَا عَاش فِى ظُلْمَة حَالِكَة.
وَلَا سَبِيِل الَى الْسَّعَادَة فِى الْحَيَاة الَا اذَا عَاش الْانْسَان فِيْهَا حُرّا طَلِيِّقَا.وَهِى الْفِطْرَة الَّتِى شَب عَلَيْهَا مُنْذ ان كَان فِى بَطْن امِّه جَنِيِنا.
وَهِي لَيْسَت شَيْئا ثَانَوِيْا فِي حَيَاة الْإِنْسَان بَل حَاجَة مُلِحَّة وَضَرُوْرَة مَاسَّة مِن ضَرُوْرَاتِه، بِاعْتِبَارِهَا تَعْبِيْرَا حَقِيْقِيّا عَن ارَادَتِه وَتَرْجَمَة صَادِقَة لِأَفْكَارِه.
و الْحُرِّيَّة عُمُوْمَا لَيْسَت مُقْتَصِرَة فِى تَصَرُّفَات مُعَيَّنَه فَقَط فَهِي مُوْجُوْدَة فِي كُل شَي , فِى الْاكُل
و فِى الْمَلْبَس وَالْكَلَام وَالْكِتَابَة و لَكِن يَجِب عَلَى الْانْسَان ان يَسْتَخْدِمُهَا بِحُدُود بِحَيْث لَا تَكُوْن اذَاء لِغَيْرِه و لَا تُؤَدَّى الَى الْضَّرَر بِمَشَاعِر الْاخِرِين او الْضَّرَر بِسَلُوكِياتَة حَتَّى يَكُوْن الْمُجْتَمَع عَلَى
اسَّس و اخْلَاق رَائِعَة حَسَنَة يَرْضَى عَنْه الْلَّه و يَرْضَى عَنْه الْرَّسُوْل. وَاذّا عَاش الْانْسَان مِن مَحْرُوم الْحُرِّيَّة لَا يُمْكِنُه مِن تَتَحَقَّق الْارَادَة وَعَدَم تَحْقِيْق الْارَادَة يَعْنِي تَكْبِيْل الْإِنْسَان وَوَأْد كَافَّة طُمُوَحَّاتِه وَتَطَلُّعَاتِه،الِقَائِه فِي هُوَّة الْضَّيَاع وَالْمَوْت الْبَطِيء، وَهُو مَا لَا يَنْسَجِم أَبَدا مَع الْغَايَة مِن وُجُوْد هَذَا الْكَائِن وَالْدُّور الْمَنَاط بِه وَالْمَسْؤُوْلِيَّة الَّتِي تَقَع عَلَى عَاتِقِه، وَبِدُوْن الْحُرِّيَّة لَا تَتَحَقَّق ذَاتِيَّة الْإِنْسَان وَكَرَامَتِه وَقُدْرَتِه عَلَى تَقْرِيْر مَصِيْرُه
و الْحُرِّيَّة ايْضا لَيْسَت عَلَى الْانْسَان
فَقَط و لَكِن عَلَى اى كَائِن حّى فَمَن حَقَّه ان يَتَمَتَّع
بِالْحُرِّيَّة.
قَال الْرَّسُوْل (صلى الله عليه وسلم ) :"دَخَلْت امْرَأَه الْنَّار فِى هِرّه حَبَسَتْهَا و لَم تُطْعِمْهَا و لَم تَدَعْهَا تَأْكُل مِن خَشَاش الْارْض". اذَا نَفْهَم مِن كَلَام حَبِيْبَنَا مُحَمَّد صَلَّي الْلَّه عَلَيْه وَالْسَّلام ان حَتَّى الْحَيَوَانَات يَجِب ان تَعِيْش فِي الْحُرِّيَّة وَلَيْس مِن حَق أَي انْسَان ان يَحْرُم أَي كَان مِن حُرِّيَّتِه
فَفِي حَقِيْقَة الْامْر الْحُرِّيَّة لَهَا حُدُوْد وَحُدُوْد هَذِه الْحُرِّيَّة يَضَعُهَا الْشُعَب عَلَى حَسَب وَضْعَة الْدِّيْنِي و الاجْتِمَاعِي (الْعَادَات وَالْتَّقَالِيْد) و الْسِّيَاسِي و التَّرْكِيْبَة الْسُّكَّانِيَّة وَتَارِيْخ الْدَّوْلَة .و لَهَا ضَوَابِط و مَعَايِيْر لَيْسَت مُطْلَقَة بِحَد ذَاتِهَا بَل تَلْزَمُهَا مُذَكِّرَة تَفْسِيْرِيَّة تَتْبَعُهَا.
[فَالْعَادَات وَالْتَّقَالِيْد] تُشَكِّل قَيْدا كَبِيْرا امَام الْحُرِّيَّة الْافْرَاد ولَايُشْكِل سِجْنَا للافْرَاد وَلَكِنَّه يَسْتَطِيْع ان يَكُوْن حِصْنَا يَحْمِي حُرِّيَّاتِهِم الْفَرْدِيَّة وَيُطَوِّر مَوَاهِبَهُم وَيُعَمِّق اعْتِقَادَاتِهِم وُثَقَافَاتِهِم
فَالَمُجْتَمَع فِي حَد ذَاتِه مَجَالَا لِمُمَارَسَة الْحُرِّيَّات
يَسْتَحِيْل عَلَى الْفَرْد مُمَارَسَة الْحُرِّيَّة أَلانْسانِيّة فِي صُوْرَتِهَا الْمُطْلَقَة فَالْحُرِّيَّة إِجْتِمَاعِيَّة بِطَبِيْعَتِهَا طَالَمَا انَهَا تُمَارَس دَاخِل الْمُجْتَمَع
قَرَأْت لِأَحَد الْعِلْمَانِيَّيْن مَقَالَا اقْتَطَفَت مِنْه هَذَا الْجُزْء الَّذِي يَقُوْل فِيْه: (وَعَلَيْه ـ أَي الْإِنْسَان ـ ان يُعْرَف ان هُنَاك فَرْق بَيْن الْحُرِّيَّة وَالْتَّسَيُّب وَالِانْفِلَات
حَيْث أَن الْحُرِّيَّة قَانُوُن وَانْضِبَاط سُلُوْكِي لَه مُحَدِّدَات وَلَه شُرُوْط وَمَوُاصَفَات أَخْلَاقِيَّة حَضَارِيَّة
أَمَّا الْتَسَيُّب وَالِانْفِلَات فَهُو سُلُوْك حَيَوَانِي لَا يَمْت لِلْإِنْسَان الْمُتَحَضِّر بَصَلَه )
فَاذَا كَان هَذَا رَأَي الْعِلْمَانِيَّيْن فِي الْحُرِّيَّة ، فَالاسْلام جَاء بِالْحُرِّيَّة وَيَدْعُو بِهَا وَأَعْطِهَا لِجَمِيْع الْكَائِنَات الَّتِي تَعِيْش عَلَى هَذِه الارْض و صّوَر الْحُرِّيَّة بِأَجْمَل صُوَرِهَا فَقَد عَبَّر الْامَام عَلِي «عَلَيْه الْسَّلَام»
ارْوَع تَعْبِيْر عَن الْحُرِّيَّة الْإِنْسَان وَحَقَّه الْطَّبِيْعِي فِيْهَا حِيْنَمَا قَال مُخَاطِبَا الْإِنْسَان: « لَا تَكُن عَبْد غَيْرِك وَقَد جَعَلَك الْلَّه حُرّا». وَالْحُرِّيَّة بِهَذَا الْمَفْهُوْم الَّذِي يَطْرَحُه الْامَام «هِي الَّتِي تُخْلَق الثَّوْرَات وَتُنْشِيء الْحَضَارَات وَتُقِيْم عَلَاقَات الْنَّاس عَلَى أُسُس الْتَّعَاوُن الْخَيْر، وَتُرْبَط الْافْرَاد بِالْجَمَاعَات بِمَا يَشُدُّهُم إِلَى الْخَيْر»
فَالإِنْسَان الَّذِيْن يَكُوْن مُقْتَنِعَا بِهَذَا الْدِّيْن بِقَلْبِه وَبِكُل جَوَارِحُه ومُتَتَبَعا بِقُيُوْدِه ،الَّتِي جَاءَت مِن صَالِح الْإِنْسَان وَلَيْسَت سَّلْبِيَّه كَمَا يَرَهَا الْبَعْض فَهَذِه الْقُيُوْد لَهَا
نَتَائِج عَظِيْمَة : نَعِيْشَهَا وَنَتَمَتَّع بِهَا وَهِي نَتَائِج شَخْصِيَّة وَنَتَائِج اجْتِمَاعِيَّة فَالنَتائِج عَلَى الْصَّعِيْد الْشَخْصِي تَشْمَل طْمَئِنِيْه الْقَلْب وَسَعَادَتِه وَثَم تَوْفِيْق الْلَّه فِي الْحِفْظ وَالْرِّعَايَة وَالْهِدَايَه وَالْرِّزْق امّا النَّتَائِج عَلَى الْصَّعِيْد الِاجْتِمَاعِي فَالْامْن وَالاسْتِقْرِار وَالْاعْمَال الْتَّطَوُّعِيَّة الْخَيْرِيَّة لِكَثِيْر مِّن الْمَصَالِح وَدُرَّا لِكَثِيْر مِّن الْمَفَاسِد
ثُم ان الْسَّعَادَة لَا تَتِم إِلَا بِالْأَمْن، وَمَن لَا حُرِّيَّة لَه لَا أَمْن لَه
فَالْحُرِّيَّة اذُن مِنْحَة الَهِيَّة لِلْانْسَان الَّذِي حَبَاه الْلَّه تَعَالَى بِكُل الْمُقَوِّمَات الْاخْرَى الْلَّازِمَة خِلَال مَسِيْرَتِه الْحَيَاتِيّة وَالَّتِي تَضْمَن لَه ادَاء دَوْرُه الْرِّيَادِي عَلَى الارْض فِي أَحْسَن صُوْرَة * *
إلـي هُنا ننتهـي عزيزاتـي.,
نستودعكُنّ الله
مجموعـة "حُريّه"
|
ڷhf] ڷgrdڍ ٲڼ ﯾﻨﮕڛڔ L FREEDOM grop
الموضوع الأصلي :
ڷابد ڷلقيڍ ٲڼ ﯾﻨﮕڛڔ / FREEDOM grop
||
القسم :
مُستظل لِ أرواحٍ حالمة
||
المصدر :
منتديات بنات دوت كوم
||
كاتبة الموضوع :
pnadoola