[ابتسمت أنا]

. . . . || وعَلَىْ مَشَارِفِ الغُرُوبْ . . وَقفتُ هُنَاكَ أرتَشِفُ قَهوَةً سَودَاءْ لَا يَختَلِفُ سَوَادُهَا كَثِيرًا عَنْ سَوَادِ اللَّيلْ الّذِيْ بَدأتْ السَّمَاءْ تلتَحِفُ بِهْ هُنَــاكْ بَدأتُ الإبْحَارْ فِيْ بِحَارِ ذِكرَيَاتِيْ التِّيْ أصبحتْ شِبَهْ مُهمَلة فِيْ الزَّوَايَــا ، لَا يَكَادُ يَلحَظهَا أحدْ ! || وعَلَىْ مَشَارفِ الغُرُوبْ . . سَافرتُ بَعِيدًا لِأجِدَ مَنزِلًا كُنتُ أسكُنهْ لمَحتُ بَابَهُ المَفتوحْ وتخيَّلتُنِيْ أقعدُ عَلىْ عَتبتِهِ أنتظِرُ مَجِيءَ أحدِهمْ لِيلهُو معِيْ نِيَابَةً عَنْ ألعَابِيْ التِّيْ اكتَشفتُ مُؤخَرًا بأنَّهَا مُجرد قطع بلَاستيكيَةْ لَا تعِيْ مِنَ الوُجودِ شَيئًا ! || وعَلَىْ مَشَارِفِ الغُرُوبْ . . لَمحتُ طَيفًا كَانَ يُريحُنِيْ مُجردُ النَّظرِ إليْهْ ، لَهُ طَلَّة بَهيَّةْ دَافِئَةْ وابتِسَامَة شَفَّافةْ بِمُجرّدْ ذِكرَاهَـا أمتَلِيءُ عَزمًا وطُموحًا ، ولكِنْ الفَرقْ بَيْنَ الابتِسَامَةْ وذِكرَاَهَا بأنَّ ذِكرَاهَا تُجبرُنِيْ قَسرًا عَلىْ أنْ أخفِيْ دَمَعةً تَاقتْ للحُريَّةْ ذَاكَ أنَّ الطَيفَ البَهِي لمْ يَعُدْ عَلَىْ قَيدِ الحَيَــاةْ ! || وعَلَىْ مَشَارِفِ الغُرُوبِ . . تَخيَّلتُ بُستَانــًا فَوَّاحًا بأزَاهِيرٍ تَسَرُّ النَّاظِرينْ عَلىْ حَوَافِهِ أنْهَارٌ تُصدِرُ خَريْرًا يُبهجُ القَلبَ مَسمَعُهُ وفِيْ وَسَطِ البُستَانْ وبِجَانِبِ شَجرَةٌ عَرِيقَةْ اخَضَوضَرتْ أورَاقهَا واعشَوشَبتْ أرضهَا فتجلُسينَ تَحتهَا تتَفيَّأينْ بِظِلَالهَا وتنْعمِينَ بنسَمَاتِهَا النَّاعمَةْ ثُمَّ تُنَادِينِيْ لأجلَسَ بجَانِبكِ لنتَسَامَـرْ ونتَضاحَكْ معًا ! || وعَلَىْ مَشَارِفِ الغُرُوبْ . . طَارَتْ بِيَ آلَــةُ الزَّمَنْ لأجِدنِيْ أجلَس القُرفصَاءْ أتنَهدُ وأستَرجعُ الأسَىْ الذِيْ اجتَاحَنِيْ بِقسوَتِهِ المَريرَةْ ، فَأتلوَّى مَعْ كُلِّ آهَةٍ مَصدَرُهَا قَلبِيْ ، ثُمَّ أفتحُ عَينِيْ وقَدْ بهتَتْ كُلَّ حَواسِيْ لأجِدَ شُعَاعينِ تُحِيطُ بهمَا هَالةٌ مِنْ نُــورْ يحتَويَانِيْ فأجِدُ أنَّ دُمُوعِيْ قَدْ عَادَتْ للوُجودْ ولَكِنْ تَختَلِفُ فيْ كَونِهَا دُمُوعُ فَرحٍ وارتيَاحْ لأنَّهمْ لَا يَزَالُونَ هُنَا ، بقُربِيْ ! || وعَلَىْ مَشَارِفِ الغُرُوبْ . . اشتَقتُ للجَنَّةْ للخُلُودْ فيْ نَعيمِهَا ، لأنهَارهَا وخمرِهَا وقُصورِهَا وبَسَاتينهَا وكُلَّ الأحلَامْ التِّيْ لنْ تتحَقّقْ إلّا فِيهَا ، اشتَقتُ لَشَيءٍ لَنْ أُجِيدَ وَصفهُ ، ولنْ ينطَفِئَ شَوقِيْ إلَّا حينَمَا أجِدُنِيْ فِيْ الجَنَّةْ بجَانبِيْ مَنْ أُحبُّ لَا أفقدهُمْ أبدًا ولا نعَانِيْ مِنَ الحُزنِ أو الخوفِ أبدًا وأرتَشفُ مِنْ حَوضِ النَّبيْ صلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمْ وأراهُ يَبتسِمُ ليْ ، ولنْ يتحَقق ذلِكْ إلَّا بعَمَلٍ شَاقٍّ خَالِص النَّوَايَــا ! || وعَلَىْ مَشَارِفِ الغُرُوبْ . . لَنْ يَنتَهِيْ حَدِيثِيْ ، فَحُرُوفِيْ قَدْ وَجَدتْ عَلَى مَشَارِفِ الغُروبِ حَقلًا وَاسِعًا لا حَدَّ لنهَايتِهْ ! || . . . .