كم هو عظيم هذا الدين ، كفل الحقوق ، أقر الواجبات ، وضع الأسس والمبادئ
للتعاملات بين بني البشر ، أعز الأبوين وأعلى شأنهما ، قرن برهما بالصلاة والجهاد ...
بل وقُـدِّما على الجهاد ، جعل عقوقهما من الكبائر ، وتعدى هذا القدر إلى أن أُمرنا
أن نصل صديقهما ، فسبحان الخالق وتعِس المخلوق الذي فرط في الرابط بينه وبين خالقه ،
ذاك الذي أنكر جميلهما وإحسانهما وصنائعهما على مر المراحل العمرية التي تدرج فيها ،
من الحمل وآهاته إلى الوضع وآلمه مرورا بطفولته وصباه وما بها من معاناة ،
يتظرعان له في كل صلاة أن يهديه ويسدد خطاه ، حتى إذا ما ترعرع وشاب وجاء يوم الحساب ،
ذلك اليوم الذي طالما إنتظره والديه لعله يرد قليلاً من الدين الذي عليه ، إذا به يتنكر بل ومنهما
يتظجر ، الله أكبر ... نسيت يابن آدم أن ذلك دين إن أوفيته سقط عنك وأُجرت عليه وإلا بقي في
عنقك يستوفيه منك أبنائك ، عققت وأدبرت وتعست ورب الكعبة ، كيف تطاوع هواك والشيطان
الذي أغواك في عقوق من رباك ، بل ووصل بك المطاف إلى أن تكون دار المسنين لهما آخر مطاف
ما سبق .. ليس بكلام مكتوب بل واقع يدمي القلوب ،