|
" عالم قصص الأنمي " [ خيآل ، ﺂڪشن ، مغآمراتَ ، ۊ غيرهِا ﺂلڪثير | بَ قلمکِ ﺂنتِ ♥ ] |
يمنع منعا باتا رفع المواضيع القديمة .. و يمكن معرفة المواضيع القديمه من خلال ظهور التنبيه اسفل صندوق الرد
|
أدوات الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
المشاهدات: 13047 | التعليقات: 94
+.،حاضر ومستقبل .. وماضٍ نسف إلى الأبد ~ بحلّتها الجديدة °[كـاملـة]
بعد غيابٍ طويلٍ .. عادت .، بحلّتها الجديدة .. ●●● حـــاضر ومستقبل .. وماضٍ نُسِفَ إلى الأبد بيـــن الماضي والحاضر خيط رفيع دقيق يصل بينهما .. وللمستقبل علاقة لا يمكن نكرانها مع كل منهما .. لكــــــــــن ، ماذا لو قطع هذا الخيط الرفيع بين الماضي والحاضر ؟ وهل للمستقبل ضرر جراء هذا الإنقطاع ؟ غُربةٌ في أرض الوطن ! كيف ذلك ؟! أيُعقل أن يعيش المرء منّا في غربة وسط أهله وعلى تراب وطنه ؟ ●●● مؤلفــــــة الرواية : ṠuḾu! ṢhŐuĴo ( سوموي شوجو ) عدد الأجزاء : لمـ يحدد بعد .. نوع الرواية : درامـــــا واقعية ، رومانسية ، وكذلك قصص مدرسية .. سنة التأليف : 2009 للميلاد .. سنة التعديل : 2010 للميلاد .. ●●● قد تعجبنّ من وجود الرواية نفســـها لكن بعنوانٍ جديدٍ .. وقد تتساءلنّ عن سبب اختفاء الردود التي امتدت لأربعة عشر صفحةً .. لا داعي لكل ذلك .. فأنا قررتُ - بعد مشاورة الغالية sweet -pink - أن أضع الرواية نفسها لكن بحلّتها الجديدة .. فبعد أن راجعتها ، قطعتُ الشك باليقين ، فقد مُلِئت أخطاءً إملائيةً ، كما بدا لي أنها تحتاج بعض التعديل حتى في مجريات الأحداث ، ناهيكنّ أن التصفح أصبح عسيرًا ! والفضل يعود للردود الكثيرة ، سواءٌ كانت صادرة مني أمـ منكن .. شيئٌ آخرٌ .. بعض الأجزاء كنتُ قد وضعتها وأنا في ضغطٍ كبيرٍ .. إمّا بسبب تأخــــري ، أو للرداءة التي كانت بالأجزاء السابقة .. فلمـ تكن الرواية كما أردتها ... والآن .. سأضع الرواية ، بعد تعديلها .. لن تختلف كثيرًا عمّا تابعتنّ .. فقط التغييرات الطفيفة .. كما أنها ستكون متواصلةً ، أي : أجزاءً طويلةً بلا فواصل ، إلى آخر جزءٍ تمـَّ وضعه في النسخة السابقة .. قبل أن أضع الرواية المعدلة .. لي طلبٌ واحدٌ منكنّ ، سأبذل جهدي لأضع الأجزاء بسرعة .. لكن .. مناي ألاّ تستعجلنني وتطالبنني بالجزء الجديد .. فبذلك أشعر بالتوتر ، ولا يخرج الجزء الجديد بالمستوى المطلوب .. ●●● أرجو عدمـ الرد .. إلى أن أنتهي المصدر: منتديات بنات دوت كوم +>Kphqv ,lsjrfg >> ,lhqS kst Ygn hgHf] Z fpg~jih hg[]d]m °F;JhlgJmD الموضوع الأصلي : +.،حاضر ومستقبل .. وماضٍ نسف إلى الأبد ~ بحلّتها الجديدة °[كـاملـة] || القسم : " عالم قصص الأنمي " || المصدر : منتديات بنات دوت كوم || كاتبة الموضوع : ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo
التعديل الأخير تم بواسطة sweet -pink ; 17-06-2010 الساعة 04:27 PM |
#ADS | |
:: إعلانات ::
Circuit advertisement
تاريخ التسجيل: Always
الدولة: Advertising world
العمر: 2010
المشاركات: Many
|
|
منذ /15-01-2010, 12:32 PM | #2 | |||||||||||||||||||||||
محررة مجلة بنات|ملكة التنسيق
سوموي ♥ شوجو
|
حلقت الطــــائرة المتجهة إلى [ المملكة المغــــربية ] حاملة معها جـــلَّ أشواق تلك الفتاة .. وضعت يدهــا على خدها المحمر .. وتمتمت قائلةً : " ما دامـ قلبي ينبض ، فلن ينبض ناسيًا لكِ يا أرض وطني " .. ما إن أنهت جملتها تلك .. حتى سقطت دمعة حارة على خدها ، من عينيها المخضرّتين .. التفتت إليها أمـــها الجالسة بجوارها ، وقالت : " ما يبكيكِ يا [ رانيــــــا ] ؟ " ردت [ رانيــــا ] وهي تميل برأسها يمينًا ويسارًا وعلى وجهها ابتسامة لطيفة : " لا .. لا شيء " أكملت حديثها بنبرة بدا عليها الحزن : " كــل ما في الأمر أنني أخشى أن أبقى معلقة بتلك الأرض التي تركتها توًا " والدتها واضعة يدها الحنون على خد [ رانيـــا ] : " الأمر يحتاج وقتًا لتعتادي عليه .. لا داعي للقلق .. صحيحٌ أنك تركتِ أرضًا تحسبينها وطنك .. إلا أنك ذاهبة الآن إلى وطنك الحقيقي .. فأين المشكلة في ذلك ؟ " [ رانيـــا ] مقطبة حاجبيها : " أمـــي .. الأرض التي تركتها أمضيتُ فيها عمري كله .. أمــا الأرض المتجهة إليها لمـ أجلس بها سوى في العطل الصيفية .. الفارق شاسعٌ يا أمي " والدتها محاولة تهدئتها : " وطنكِ يناديكِ .. فهل سبق لكِ وأن أهملتِ نداءً وجِّه لكِ ؟ " [ رانيـــا ] : " لا .. لمـ يسبق لي أن فعلت هذا " والدتها : " إذًا ؟ " ابتسمت [ رانيا ] : " معكِ حق .. وطني الأصلي أَوْلَى بي " وضعت [ رانيـــا ] سمّاعات على أذنيها أسفل حجابها ، وأدارت شريطًا يعرض بعضًا منآيات القرآن الكريمـ .. وغفت لبعض الوقت .. -- [ أعـــــزائي الحضور .. الرجاء ربط الأحزمة فنحن نستعد للهبوط ] -- كان هذا صوت المضيفة معلنةً عن وصول الطائرة إلى مملكة المغـــــرب .. ما إن نزلت [ رانيـــا ] حتى هبَّ نسيمـٌ دافئ مداعبًا حجـــابها بلطف شديد .. التفت [ رانيـــا ] تبحث عن أحدٍ ما .. قالت باهتمامـٍ بالغ وهي تلتفت : " أين هو ؟ أيــــن ؟ " أتت إليها والدتها مشيرة إلى الأمامـ وهي تقول : " توقفي عن الإلتفاف هكذا وانظري هناك .. ها هو ذا يقف ملوحًا لنا " ما إن رأته [ رانيـــا ] حتى قالت سعيدة تكاد تطير من الفرحة : " أبــــــي ! " ركضت [ رانيـــا ] متجهة إلى والدها إلى وصلت إليه ضامة إياه .. والدها وقد بدا في غاية السعادة " أحمـــــد الله على سلامتكما " .. [ رانيـــا ] : " لا تدري كمـ اشتقتُ إليكَ يا أبي ! " أبوها : " من يسمعكِ يقول أنك لمـ تريني منذ سنة .. سبقتكما بأسبوعين فقط ! " [ رانيـــا ] : " ومع هذا لا أنكر اشتياقي لكَ " .. أتت أمـ [ رانيـــا ] وقد بدت عليها السعادة : " أرى أنكما قد نسيتما فردًا مهمًا جدًا " والد [ رانيـــا ] : " وكيف لنا أن ننسى هذا الفرد المهمـ ؟ حمدًا لله على سلامتكما " .. وضمـ كلٌ من والد [ رانيـــا ] ووالدتها الآخر .. وقفت هي بالجانب سعيدة .. بل لنقل أنها تكاد تطير من السعادة .. صعدت [ رانيـــا ] ووالداها إلى السيارة .. قاصدين في وجهتهمـ مدينتهمـ .. ظلت [ رانيـــا ] تتابع المناظر الطبيعية البادية خلف نافذة السيارة باهتمامـ وهي تقول في نفسها : " آمــــل أن أستطيع التكييف بسرعة مع وضعي الجديد " تابعت محدثة نفسها وهي تمسك قلادتها المتدلية من حجابها : " لا بأس .. ففي النهاية كنتُ أعلمـ أنني سأعود
لوطني عاجلاً أمـ آجلاً " .. ●●● نصف ساعة أمضتها [ رانيـــا ] وهي تفكر وتفكر .. في شتى الأمور .. وصلت إلى منزلها .. ما إن رأت [ رانيـــا ] منزلها حتى دخلت إليه راكضة قاصدة غرفتها .. فتحت الباب بسرعة لتفاجئ بجمال غرفتها .. كانت كما أرادتها .. جدران بيضاء ناصعة ، سريرٌ أحمر زاهي تخلله اللون الأبيض ، وعلى طرف الغرفة كان مكتبها الاحمر متخللاً إيَّاه اللون الأبيض .. استلقت [ رانيـــا ] فوق سريرها وهي تمرر يدها الناعمة البيضاء على غطائه .. فجأة .. تذكرت [ رانيـــا ] أن هذا السرير يشبه كل الشبه سرير صديقتها المقربة لها [ ريهـــــامـ ] التي تركتها في أرض وطنها ,, هنـــــا بدأت [ رانيـــا ] بالبكاء .. نزعت حجابها ليتدلّى شعرها الأشقر الذهبي الطويل على السرير .. واستلقت مجددًا على السرير .. قالت بابتسامة شقت تلك الدموع : " الأمر يحتاج وقتًـــــــا .. هذا كل ما في الامر " .. ●●● { اليومـ التالي } انتصف النهــــار ، وأذن مؤذن المسجد معلنًا عن بدء موعد صلاة الظــــهر .. فتحت [ رانيـــا ] عينها ببطئ شديد - فقد كانت تغط في نومـ عميق - ليقع نظرها على الساعة التي أشارت إلى تمامـ الواحدة بعد الزوال .. " يا إلهــــي .. صلاة الظــــهر!!" هكذا صرخت [ رانيـــا ] بعدما ارتدت من فوق السرير قاصدة مغسلة الحمامـ ؛ لتتوضأ مستعدة للصلاة .. وبالفعل كبّرت [ رانيـــا ] معلنة عن بدء صلاتها بكل خشوعٍ وخضوعٍ .. ركعة تلو الركعة ، وسجدة تلو السجدة .. أنهت [ رانيـــا ] صلاتها مسلّمة يمينًا ويسارًا .. ما إن قامت من على سجادتها ، حتى رن جــــــوالها صغير الحجمـ الموضوع بجانب سريرها .. " من يمكن أن يتصــــل بي الآن ؟! " هكذا تمتمت [ رانيـــا ] بداخلها عندما سمعت رنين هاتفها .. التقطت هاتفها لترد وهنـــــا بدأت المكالمة الهاتفية .. [ رانيـــا ] بهدوء : " ألــــو ؟ الســـــلامـ عليكمـ ! " [ ؟ ] : " وعليكِ الســــلامـ ورحمة الله وبركاته .. " [ رانيـــا ] بعدما أدركت من يحادثها بالهاتف : " [ عبيـــــر ] ؟ أهذه أنتِ ؟ " [ عبير ] : " هي بشحمها ولحمها .. كيف حالكِ ؟ اشتقنا لكِ يا فتاة ! " [ رانيـــا ] : " الحمد لله في أحسن حال ، ماذا عنكِ ؟ صدقيني فإن إشتياقكِ لي لن يعدل حتى ربع إشتياقي لكِ ولأهلــــكِ يا فتاة ! " [ عبير ] بضحكة خفيفة : " الحمد لله .. كيف كانت رحلتكِ ؟ على أمل أنها لمـ تكن شاقة ؟! " [ رانيـــا ] : " لا .. لا تقلقي .. لا بأس بها .. " تابعت [ رانيـــا ] حديثها : " يبدو أن هنالك أمرًا مهمًا جراء هذا الإتصال أمـ أنني مخطئة ؟ " [ عبير ] وقد اتسعت عيناها : " ماذا ؟ أبهذه السهولة نسيتي الموضوع ؟ " [ رانيـــا ] وقد بدا عليها التفاجئ : " أي موضوع ؟! " [ عبيــــر ] : " ألمـ أخبركِ قبل سفركِ أننا سنذهب لنسجلكِ بالمدرسة الثانوية التي ستدرسين فيها ؟ أمـ أنكِ تفضلين أن يذهب والدكِ عوضًا عنا ؟ " [ رانيـــا ] : " صحيــــح ! .. ممممممـ .. أفضِّل أن يذهب والدي .. فما عندي إستعدادٌ لأذهب إلى المدرسة منذ الآن " [ عبير ] بتذمر : " وماذا عن لوازمـ المدرسة ؟ إيَّاكِ أن تقولي لي أنها مهمة والدكِ ايضًا ؟ " [ رانيـــا ] : " لا لا لا .. هذه مهمتي أنا .. حسنٌ .. إنتظـــريني ريثما أرتدي ثيابي " [ عبير ] : " حسنٌ .. نلتقي بالقرب من المكتبة العمومية " [ رانيـــا ] : " إن شاء الله " هنـــــا إنتهت المكالمة الهاتفية بين [ رانيـــا ] و [ عبير ] . [ عبير ] تكون هي ابنة عمـ [ رانيـــا ] الوحيد .. فلمـ يكن لــــ [ رانيـــا ] أعمامـ سوى عمها هذا ، وخال وخالة من أقرباء والدتها .. [ عبير ] لا تقلّ جمالاً عن [ رانيـــا ] ، فهي ذات شعرٍ أسود قاتمـ امتزج بلمعة كحلية اللون ، طويل يصل لفخذها ،وعيناها سوداء بطـــوقٍ كحلـــي اللون ، بشرتها بيضاء متوردة ، وهي بمثل عمر [ رانيـــا ] ، ابنة الخامسة عشر ربيعًا .. انطلقت [ رانيـــا ] تستئذن والديها بالذهاب للمكتبة ، فلمـ تجد عند أيٍ منهما أي إعتراضٍ البتة ، شريطة أن تعود مبكرة وقبل هبوط الظلامـ .. صعدت غرفتها ترتدي ثيابها .. ثيابٌ محتشمة تدل أنها تسير على دينٍ حنيفٍ ، تنورة سوداء قاتمة اللون طويلة ثقيلة القماش ، وقميض طويل الأكمامـ أبيض اللون تخلله اللون الاسود ، يصل طوله إلى فخذ [ رانيـــا ] .. وبالطبع حجابها الكامل والمكتمل .. وخرجت من المنـــزل .. ● ● ● انتصفت الشــــمس بأشعتها الدافئة وبريقها الذي إنعكس على عيني [ رانيـــا ] المخضرّتين في كبد السماء الصافية ، وداعب نسيمـ الصيف الدافئ ثيابها ، وسط هذا الجو البديع سارت [ رانيـــا ] بالطريق المؤدي للمكتبة العمومية .. إلى أن وصلت إلى التقاطع الفاصل بينها وبين المكتبة .. " كل شيءٍ إلى الآن على ما يرامـ .. والحمد لله " .. هكذا همست [ رانيـــا ] تطمئن نفسها . ازدحمـ المشاة أمامـ الإشارة المرورية ، مترقّبين ظهور الإشارة الخضراء لتسمح لهمـ بالمرور .. " أمـــــي .. اشتري لي تلك البالونات الملونة " قالها طفل بدا في الثالثة من عمره مشيرًا إلى بائع البالونات المتجول الواقف في الطرف الآخر من الشارع ، محدَّثًا والدته ، ردت عليه والدته : " اصبر إلى أن نعبر الشارع ، فلا يجوز أن نمر هكذا " .. بكى الصغير وقال :" لا يهمني .. أريد تلك البالونات حالاً .. " وازداد بكاؤه .. حاولت الوالدة التهدئة من روعه .. فما نجحت .. انطلق الطفل ذو ثلاث سنين نحو البائع غير مكترثٍ للسيارات المنطلقة بسرعة .. " يا إلهـــــي .. ستدهس السيارات ذاك الطفل ! " هكذا صرخ بعض المشاة الواقفين بالقرب من الإشارة مترقبين ما الذي سيحدث خائفين عليه .. دون وعيٍ .. انطلقت [ رانيـــا ] نحو الصبي لا ترَ سواه .. وبالمقابل انطلقت سيارة بسرعة جنونية نحوه ، جرته [ رانيـــا ] نحوها في آخر لحظة .. نتفس الحضور الصعداء بنجاتهما ، إلا أن فرحتهمـ لمـ تدمـ .. فقد اتجهت صوب [ رانيـــا ] والطفل سيارة أخرى توازي سرعة التي سبقتها لتظن [ رانيـــا ] أنها نهايتها هي والصبي . تعالت أصوات الحـــادث الناتج عن إصطدامـ السيارة المجنونة بعمود الإنارة .. مخلّفة ورائها غيمة كبيرة من الغبار ،وآثار العجلات التي احتكت بالطريق ، وسط هذه الأجواء السريعة والمخيفة ,, وقف الحضور لا يحرّكون ساكنًا من دهشتهمـ ، نادت والدة الطفل المزعج ابنها وهي تذرف الدموع تبحث عنه ، هنا بات على الحضور التأكد من أنه ليس هنالك ضحايا .. حصلت المعجزة .. فتحت [ رانيـــا ] عينيها لترى نفسها ملقاةً على الرصيف وفي حضنها ذاك الصغير .. لمـ ييصب أيٌ منهما بأذىً .. تجمهر الحضور الذي انقسمـ نصفهمـ يتفقدون [ رانيــا ] والطفل حولهما ، وآخرون يتفقدون السائقين .. بدأت تتلفت حولها ، تهزُّ رأسها تارةً جهة اليمين ، وتارةً جهة اليسار ,, " أين هو ؟ أيـــــــن ؟" هكذا بدأت [ رانيـــا ] تقول وهي تبحث وتبحث .. سألتها الأمـ التي حضنت ابنها عن ماذا تبحث .. لتجيبها [ رانيـــا ] : " شابٌ .. أجل شاب .. هو الذي سحبني أنا والصبي ,, يا إلهي .. آمـــل ألا يصيبه مكروه ! " .. هنا نادى أحد الشباب الحضور : " أطلـــــبوا الإسعاف .. ثمة هنالك من أصيبت ذراعة ". التفتت [ رانيـــا ] للخلف ، لترى شابًا يبدو هو كذلك في الخامسة عشر من عمره وقد أصيب في ذراعه اليسرى إصابة بليغة ، سالت دمائه على إثرها .. اتجهت [ رانيـــا ] صوب الشاب المصاب خائفة عليه ، سألته قائلةً : " أأنتَ بخير ؟ أصبتَ بمكروه ؟ " .. رد عليها ذاك الشاب بابتسامة صفراء مصطنعة : " الحمد لله .. لا داعي للقلق " .. " تبارك الله الذي سوّى هذه الملامح ! " هكذا قالت [ رانيـــا ] في نفسها حينما رأت ملامح ذاك الشاب .. كان وسيمًا إلى أبعد الحدود ، أسود الشعر بلمعة بيضاء ، ناعمـ كثيفٌ ، أبيض البشرة أقرب بلونها للمتوردة ، وذو عينان سوداء قاتمة تظهر الذكاء .. أنزلت [ رانيـــا ] رأسها تشعر بالخجل مما حلّ بالشاب ,, فقد كانت هي السبب على حد ظنها ، وبادرت بالإعتذار قائلة : " أ.. أنــا .. آآ .. آسفة لما حدث لك .. عذرًا منك " . رد عليها الشاب بابتسامة لا ينظر إليها بل اتجه نظره بعيدًا عنها : " لا عليكِ .. لمـ يحدث شيء " .. ما إن أنهى الشاب عبارته تلك حتى صرخ متألمًا ماسكًا ذراعه المدماة .. صرخ الشاب الواقف بجانبه الذي بدا أنه صديق المصاب قائلاً : " استدعوا الإسعاف رجاءً " .. قال أحدهمـ : " لا داعي للإسعاف ،، فلأنقله أنا بسيارتي " ركب الشاب المصاب برفقة صديقه سيارة ذاك الرجل ، متجهين إلى أقرب مشفىً لإسعاف المصاب .. ظلّت [ رانيـــا ] تتبع بنظراتها تلك السيارة .. متألمة لما حدث .. " أخيرًا عثرتُ عليكِ !! أين اختفيتِ يا فتاة ؟ " قالت [ عبير ] هذا الكلامـ وهي ممسكة كتف [ رانيـــا ] التي ما انتبهت لوجود ابنة عمها بجوارها ، إذ أنها ظلت تخمن بالخطأ الذي ارتكبته ، ألا وهو تعريض ذاك الشاب للخطر .. حدقت [ عبير ] بوجه [ رانيـــا ] بتعجب ، إذا أنها لمـ تعلمـ بأن [ رانيـــا ] كانت طرفًا بالحادث .. حاولت [ عبير ] الاستفسار بسؤال [ رانيـــا ] .. فما نجحت .. أتت والدة الطفل الصغير إلى [ رانيـــا ] لتقول لها : " لا أعرف ما الذي أقوله لكِ .. إلاّ أن جميلكِ لي لن أنساه ما حييت ! " .. ردت عليها [ رانيـــا ] بلطف : " لا تقولِ شيئًا يا سيدتي .. لا أستحق شكرًا .. اشكري الشاب الذي أنقذنا سويًا ،ليتأذى هو ... " .. أجابتها والدة الصبي : " على العمومـ .. جوزيتما كل الخير يا ولداي " .. وانصرفت تلك الأمـ .. ظلّت [ عبير ] تحدق مجددًا بوجه [ رانيـــا ] الذي بدا ملطخًا بالغبار .. لتفهمـ أنها تعرضت لذلك الحادث .. حكت [ رانيـــا ] لابنة عمها ما حدث بالتفصيل الممل .. وطلبت منها عدمـ إبلاغ والديها بهذا الأمر خشية أن يقلقا عليها .. استجابت [ عبير ] لابنة عمها ، فهي صديقتها المقربة لها .. واتجهتا صوب المكتبة .. ظلّت [ رانيـــا ] تفكر وتفكر .. " ما عواقب هذا الحــــادث ؟ " ●●● أرجو عدمـ الرد .. إلى أن أنتهي
التعديل الأخير تم بواسطة ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo ; 15-01-2010 الساعة 12:37 PM |
|||||||||||||||||||||||
منذ /15-01-2010, 12:54 PM | #3 | |||||||||||||||||||||||
محررة مجلة بنات|ملكة التنسيق
سوموي ♥ شوجو
|
●●● دخلت كلٌ من [ رانيـــا ] و [ عبير ] المكتبة.. قاصدتا بذلك أن تقتنيا لوازمـ المدرسة .. بدا التعب ظاهرًا على محيـــــا [ رانيـــا ] بعدما جرى في التقاطع بجوار المكتبة .. جلست [ رانيـــا ] على كرسي وجدته في إحدى زوايا المكتبة .. تنهدت [ رانيـــا ] نتهيدة طويلة وقالت : " لا أقوَ على السير خطوة أخـــرى ! " .. [ عبير ] وهي تنظر لــ [ رانيـــا ] : " ألن تقتنـــي لوازمك المدرسية ؟ " [ رانيـــا ] : " أنتِ أدرى بالكتب التي أحتاجها هذه السنة .. فاقتني لي ما أحتاجه رجاءً .. " [ عبير ] : " كما تشائين .. لن أعاتبكِ الآن ، فمعكِ حق أن تتعبي كل هذا التعب بعدما جرى " .. قالت [ رانيـــا ] محدثة نفسها : " لو أنني أستطيع الإطمئنان عليه .. لو .. لو " .. مضت نصف ساعة قضتها [ عبير ] و [ رانيـــا ] في المكتبة ، بعد أن قضيتا حاجتهما قررتا العودة إلى المنزل .. وفي طريق عودتهما : [ رانيـــا ] محدثة [ عبير ] : " كما اوصيتكِ يا [ عبير ] .. يبقى ما جرى سرًا بيننا ، لا أريد أن تعلمـ حتى عائلتكِ بما حدث في التقاطع .. " [ عبير ] مطمئنة [ رانيا ] : " حسنٌ ، وعدتكِ وانتهى الأمر .. أمـ أنكِ لا تثقين بابنة عمك وصديقتك الحميمة ؟ " .. [ رانيـــا ] وهي تنضر للأسفل : " ليس هذا ما عنيته .. إنما .. أخشى أن يعلمـ والدي بما جرى " .. [ عبير ] ممسكة يد [ رانيـــا ] : " أفهمـ قلقكِ من أن تسببي خوفًا لوالديكِ ، وإلاّ لما وافقتُ على أن يبقى الأمر سرًا بيننا " .. أكملت [ عبير ] حديثها : " هيا .. أزيلي ذاك الحزن من عينيكِ ، وأريني ابتسامتكِ البهية " .. ابستمت [ رانيـــا ] بلطف : " لا أعلمـ لولاكِ ما كنتُ سأفعل .. شكرًا " .. وحضنت [ عبير ] .. [ عبير ] وهي تربت على كتف [ رانيـــا ] : " هيا يا فتاة .. معدتي تصرخ طالبةً الطعامـ " .. ضحكت [ رانيـــا ] وتابعتا المسير .. إلى ان وصلت كل واحدة إلى منزلها .. ●●● وقفت [ رانيـــا ] أمامـ باب دارها وهي تفكر في طريقة تخفي بها تعبها وإرهاقها ، فتحت الباب ودخلت خلسة دون أن تشعر بها والدتها ، صعدت الدرج المؤدي لغرفتها ، وضعت الأكياس التي بها لوزمها المدرسية على السرير ، اسرعت وبدلت ثيابها المتسخة بالتراب ، غسلت وجهها ،ورسمت عليه ابتسامة لطيفة ؛ لتزيل كل أثرٍ للحزن .. نزلت بهدوءٍ شديدٍ في الدرج قاصدة المطبخ حيث والدتها .. وقفت [ رانيـــا ] خلف والدتها وأغمضت عينيها بيدها وهي تقول : [ رانيـــا ] : " ماذا أعددتِ لنا يا أبهى أمـٍ في الوجود ؟ " والدتها بعدما التفتت للخلف : " أهذه أنتِ يا [ رانيـــا ] ؟ ما بي لمـ أشعر بدخولك للمنزل ؟ " [ رانيـــا ] وهي تحاول تذوق ما أعددته والداها : " أردتُ أن أرى ما إن كنتِ ستشعرين بقدومـ ابنتكِ الوحيدة أمـ لا " .. والدتها بعدما ضربت يد [ رانيـــا ] التي فشلت في تذوق الطعامـ : " اغسلي يدكِ اولاً ، هيا ساعدني في تحضير المائدة قبل قدومـ والدكِ ، فقط جهز الطعامـ " .. ناولت والدة [ رانيـــا ] ابنتها الأطباق ، وباشرتا بإعداد مائدة الغداء .. ( طن طووووووون ، طن طوووووون ) كان هذا صوت جرس المنزل معلنًا عن قدومـ أحدهمـ ,, والدة [ رانيـــا ] : " أظن أن هذا والدكِ .. هيا اذهبي واستقبليه " .. [ رانيـــا ] : " حسنًا .. " فتحت [ رانيـــا ] الباب لتجد أن بالفعل والدها هو من كان رن جرس المنزل .. والدها : " الســــلامـ عليكمـ ورحمة الله وبركاته " .. [رانيـــا ] متناولة عن والدها ما معه من أكياس : " وعليكَ السلامـ ورحمة الله وبركاته ، تفضل يا أبي " .. والدها : " أراكِ قد عدتِ من المكتبة سريعًا ! " [ رانيـــا ] مبتسمة : " أجـــــل .. " والدها : " ماذا عن الكتب ؟ أأخذتِ ما قُرر عليكِ هذه السنة ؟ " [ رانيـــا ] : " أجل يا والدي .. ساعدتني [ عبير ] في شراء الكتب المقررة علي هذه السنة " .. جلس والدها على الأريكة وقال : " المدرسة ستفتح أبوابها بعد أسبوع؛ لذا فقد سجلتكِ في مدرسة ثانوية حكومية قريبة من هنا " .. [ رانيـــا ] ولمـ تبدُ عليها أية علامة للسعادة : " أشكركَ يا والدي " .. والدها وقد انتبه أن [ رانيـــا ] لمـ تسعد بهذا الخبر : " ما بالكِ لمـ تسرِّ بالخبر ؟ " [ رانيـــا ] وهي ترتب الأطباق على المائدة : " تعلمـ يا والدي أنني لست معتادة على مدارس المغرب ،جلُّ ما كنت أسمعه هو أن المناهج الدراسية صعبة ليست سهلة البتة " .. والدها : " في أيامي كانت المناهج شديدة الصعوبة ، ومع هذا لمـ تشكل صعوبتها أية معدلة " .. [ رانيـــا ] : " ريثما تفتح المدارس أبوابها سأحاول أن أحضر في كل مادة أكثر من درس " .. أكملت [ رانيـــا ] حديثها : " تفضل يا والدي إلى المائدة ، ذاهبة لأنادي على والدتي " .. اتجهت [ رانيـــا ] نحو المطبخ لتنادي والدتها .. ساعدتها وتناولت عنها الأطباق لتتجها إلى مائدة الغداء ، والدتها : " الســــلامـ عليكمـ ورحمة الله وبركاته " .. والدها : " وعليكِ الســلامـ ورحمة الله وبركاته " .. والدتها : " ماذا ؟ أوجدتَ كرسيًا شاغرًا لــــ [ رانيـــا ] بالمدرسة ؟ " والدها : " أجل .. " التفت إلى [ رانيـــا ] وقال : " ألححتُ على مدير المدرسة أن يُقيّدكِ بالصف الذي تدرس به ابنة عمك [ عبير ] " [ رانيـــا ] وقد بدت عليها السعادة هذه المرة : " رائـــــع ! أبسط الامور أنني سأجد من أعرفه بالقسمـ " .. والدها : " الآن سررتِ ؟! يبدو أن بينكِ وبين [ عبير ] محبة أخوية جمّة ! " هزت [ رانيـــا ] رأسها بالإيجاب .. جلس الجميع إلى الطاولة مباشرين تناول الطعامـ .. ●●● الثانية والنصف بعد الزوال ، هكذا أشارت الساعة المعلقة بالحائط ، نظرت [ رانيـــا ] إليها وهي تفكر محدثة نفسها : " مضت ساعة ونصف على تلك الحادثة .. أحمد الله أن والديَّ لمـ يشعرا بأي شيء " .. أتت والدة [ رانيـــا ] لتقطع حبل أفكارها صارخة عليها : " [ رانيـــا ] !! " فزعت [ رانيـــا ] من صراخ والدتها والتفتت إليها ... قالت والدتها موبّخة إيّاها : " ما الذي أوصل الدماء إلى كمـ قميصك الأيمن ؟ ولماذا يغصي التراب ثيابك ؟ " تذكرت [ رانيـــا ] بأن ذاك الشاب المصاب مر بجوارها وارتطمت ذراعه المدماة بذراعها صدفة ، فتلطخ كمـّ قميصها بدماء الشاب .. أجابت [ رانيـــا ] وقد بدا عليها الإرتباك : " آآ .. لقد .. ارتطمت ذراعي بـــ .. " والدتها مقاطعة إيّـــاها : " بماذا ؟ تابعي .. " [ رانيـــا ] بعدما وجدت الإجابة : " بــــ .. بباب المكتبة الحاد ، فجرحت ذراعي " .. والدتها : " وماذا عن التراب الذي يغطي ثيابك ؟ " عادت [ رانيـــا ] لإرتباكها : " آها ؟ لقد .. ذهبتُ للحديقة أنا و[ عبير ] .. لعبنا قليلاَ ثمـ عدنا " .. والدتها وقد بدا عليها الشك : " من يسمعكِ يقل أنكما في الخامسة من عمركما ، لا في الخامسة عشر .. في المرة القادمة احترسي أكثر " .. [ رانيـــا ] و قد أنزلت رأسها : " حاضر يا أمــــي " .. ذهبت أمـ [ رانيـــا ] وضمير ابنتها يؤنبها أينما تأنيب على هذه الكذبة .. فلمـ تجرؤ [ رانيـــا ] يومًا على الكذب على والدتها .. ●●● الجمعـــة ، فالسبت ، فالأحد .. تتابع الأيامـ خلف بعضهـــا البعض بسرعة خاطفة أمـــامـ عيني [ رانيـــا ] التي لمـ تستطع مجاراة سرعتها .. إذ أن الأسبوع الذي ظل على فتح المدارس لأبوابها قد تقلص ليبقى منه يومان فقط ..! " غدًا .. يوميَ الأول في المـــدراس المغربية " قالتها [ رانيـــا ] محدثة نفسها تفكر فيما ستلقاه في مدرستها الجديدة .. حملت الكتاب الذي بحوزتها وانتقلت لتجلس من مكتبها إلى سريرها .. استلقت عليه وفي حضنها كتاب مادة الكيمياء ، تناولت المفكِّرة الصغيرة التي وضعتها وسط الكتاب .. " لنرى الآن .. كمـ مادة بقيت لمـ أحضِّر بها أربعة دروسٍ ؟ " قالتها [ رانيـــا ] وهي تقلِّب صفحات مفكِّرتها التي دوَّنت بها عدد الدروس المحضَّرة في كل مادة .. أكملت [ رانيـــا ] حديثها : " ممممممممـ .. لمـ تبقَ أية مادة لمـ أحضِّرها جيدًا " وألقت مفكِّرتها بعيدًا عنها مرتطمة بالجدار أسفل النافذة بقليل ، لتقع على الأرض .. قامت [ رانيـــا ] من سريرها وهي تنظر إلى نافذتها .. تناولت المفكرة من الأرض ، وضعت الحجاب الذي كان ملفوفًا حول رقبتها على رأسها ؛ لتغطي به خصل شعرها ، فتحت النافذة ليتسلل منها نسيمـ عليلٌ راح يداعب حجاب [ رانيـــا ] الرقيق .. وضعت يدها على صدرها تنظر إلى السماء قائلةَ : " لا أعلمـ لما أشعر بهذا الضيق !! يحدِّثني قلبي أن أمرًا ما ينتظرني بالمدرسة غدًا !! " حركت [ رانيـــا ] رأسها يمينًا ويسارًا تحاول إزاحة تلك الأفكار عن رأسها .. ألقت المفكِّرة الصغيرة على السرير ، وخرجت من غرفتها قاصدة غرفة المعيشة التي بها والداها .. نزلت [ رانيـــا ] الدرج لترى أمها وهي ترتب المنزل وقد أعددت الشاي ووضعته على الطاولة الضغيرة وسط الأريكة .. توجهت [ رانيـــا ] نحو والدتها تستغرب من هذه الإستعدادات التي وإن دلّت على شيء ، فإنما تدل على أن هنالك زوّارًا في طريقهمـ لزيارة أسرة [ رانيـــا ] .. [ رانيـــا ] : " أمـــي .. نترقب زوارًا ؟ " .. والدتها ترتب وسائد الأريكة : " أجــــل .. خالتكِ في طريقها إلينا " .. [ رانيـــا ] وقد بدا عليها الإشتغراب : " خالتي [ منــــى ] ؟ ألمـ نزرها البارحة يا أمي ؟ " .. والدتها وقد وقفت أمامها : " زرناها البارحة .. وها هي ذا تود زيارتنا الآن ..هيّا توجهي لغرفتكِ وغيري ثيابكِ إستعدادًا لإستقبال عائلة خالتكِ " .. [ رانيـــا ] بتذمر : " حــــاضر .. عســـى ألاّ أمــل من الجلوس بجانبكما ، وجود [ علــــي ] لن يسمح لي حتى بالتحرك من مكاني .. " .. ضحكت والدتها التي نظرت لابنتها وهي تصعد الدرج المؤدي لغرفتها .. فتحت [ رانيـــا ] باب غرفتها ، قاصدة بذلك الجلوس على سريرها .. "أوفــــــــففف .. تعلمـ جيّدًا أنني لا أطيق [ عليــــــًا ] البتة .. ومع هذا تصُّر على زيارتنا بعائلتها كاملة .. سامحكِ الله يا خالتي !! " .. قالتها [ رانيـــا ] بتذمرٍ شديد ,, توجهت نحو خزانتها وفتحتها مكملة حديثتها : " ما إن يصل حتــــى يزعجني بنظراته تلك لي .. حتى لو تجاهلته فإنه لا يزيح عينيه عني " .. أخرجت [ رانيـــا ] من خزانتها تنورة طويلة واسعة بيضاء تخللها اللون الزهري ، وقميصًا طويل الأكمامـ زهري اللون ., ارتدت تلك الثياب ، لفّت شعرها الأشقر الطويل ، لتضع فوقه حجابها الإسلامي الذي عزمت أن يكون هو كذلك ذا لونٍ زهري أيضًا .. ●●● ( طن طوووووووون ، طن طووووووووون ) صوت جرس باب منزل عائلة [ رانيـــا ] الذي أنبأ عن قدومـ الزوّار المنتظرين .. ما إن سمعت [ رانيـــا ] هذا الصوت حتى قالت محدثة نفسها : " لا شكَّ أنهمـ قد وصلوا .. أسأل الله الصبر " .. خرجت [ رانيـــا ] مجددًا من غرفتها لتنزل الدرج متجهة بذلك إلى غرفة المعيشة التي بها عائلة خالتها .. رسمت [ رانيـــا ] على وجهها إبتسامتها الجميلة وقالت مرحبة بعائلة خالتها : " الســـــلامـ عليكمـ ورحمة الله وبركاته .." .. ردت عليها خالتها : " وعليكِ الســــلامـ ورحمة الله وبركاته .. أهلاً أهلاً بـــ [ رانيـــا ] " ,, سلمت [ رانيـــا ] على خالتها وعلى زوج خالتها من بعيدٍ لبعيدٍ .. لتجد أن [ عليًـــــا ] واقفًا أمامها راسمًا على وجهه ابتسامة تدل على سعادته برؤيتها .. قال [ علـــي ] : " أهــــلاً [ رانيـــا ] .. آآآ - كيف حالكِ ؟ " ردت [ رانيـــا ] وهي تنظر لأسفل : " أهــلاً [ علـــي ] ,, الحمد لله .. ممـ- ماذا عنك ؟ " .. توسعت ابتسامة [ علـــي ] كمن سُعِدَ بسؤال [ رانيـــا ] : " ما دمتُ هنـــا .. فأنا في أحسن حال " .. ردت [ رانيـــا ] خافية بذلك إنزعاجها قدر استطاعتها من رد [ علـــي ] : " الحمد لله " .. [ علـــــي ] يكون ابن خالة [ رانيـــا ] الأكبر ..له أخ يصغره بعشر سنين .. يوازي عمر [ علـــيٍ ] عمر [ رانيـــا ] .. طويل القامة ، قمحي البشرة ، ذو شعرٍ بنيٍ فاتح ، وسيمـ المحيــــــا ، ذو عينان عسليتان فاتحتان . مع وسامة [ علــــي ] الجذابة ، لمـ تطقه [ رانيـــا ] يومًا ، فقد أحست أنه معجبٌ بها ، ويحاول إيصال هذا الشعور إليها ، إلاّ أن [ رانيـــا ] ما حسبت [ علـــيًا ] شيئًا إلاّ ابن عمها ، بمعنىً آخرٍ : لمـ يكن لدى [ رانيـــا ] أي شعورٍ اتجاه [ علي ] .. من جديد .. حاولت [ رانيـــا ] قدر استطاعتها تحمل نظرات [ عليٍ ] لها ، إلى أن انتهت هذه الزيارة الثقيلة كما اعتبرتها [ رانيـــا ] ، التي استمرت لما يقارب الســــاعتين .. ●●● أرجو عدمـ الرد .. إلى أن أنتهي
التعديل الأخير تم بواسطة ѕυмυı ♥ ѕнoυĵo ; 15-01-2010 الساعة 12:56 PM |
|||||||||||||||||||||||
منذ /15-01-2010, 01:05 PM | #4 | |||||||||||||||||||||||
محررة مجلة بنات|ملكة التنسيق
سوموي ♥ شوجو
|
●●● الثامنــــة والنصف مساء يومـ الأحد ، هكذا أشارت الساعة الكبيرة الموضوعة بجانب التلفاز في غرفة المعيشة .. نظرت [ رانيـــا ] إلى الساعة وهي تحدث نفسها : " يســـتحسن بي أن أستحمـ مستعدةً للنومـ ,, أمامي غدًا يومـٌ حافلٌ جدًا " .. نهضت [ رانيـــا ] متجهة إلى غرفتها ؛ لتنتقي ثياب نومها ، دخلت الحمامـ تستحمـ .. وتوضأت مستعدة لأداء صلاة العشاء متبعة بها صلاتي الشفع والوتر .. ارتدت عبائتها الإسلامية ، فرشت سجادة صلاتها وباشرت في أداء صلاة العشاء خلفها صلاة الشفع والوتر .. سلّمت يمينها ويسراها لتنتهي بذلك من أداء صلاواتها .. استلقت على سريرها لتنامـ من فورها .. ●●● يومـ الإثنين الســــاعة السابعة صباحًا ، كان هذا أول يومـٍ في الاسبوع ، ليدل أنه اليومـ الأول من العامـ الدراسي .. فتحت [ رانيـــا ] عينيها المخضرتين لتجد أن الضوء أشعة الشمس قد ملأ أرجاء الغرفة ، توجه نظرها إلى الساعة التي بجانبها المشيرة إلى تمامـ السابعة .. نهضت [ رانيـــا ] من على سريرها متجهة إلى مغسلة الحمامـ ، لتغسل وجهها .. أخذت عباءة الصــلاة التي تركتها على فرياشها بعدما صلّت الفجر وعادت لنومها ، لتدخلها خزانتها .. بدّلت [ رانيـــا ] ثياب النومـ بــالثياب التي جهزتها لأول يومـٍ في المدرسة .. بنطالٌ أسود اللون ثقيل القماش فضفاض ، سترة بيضاء سوداء الأزرار ذات أكمامـ طويلة ، يصل طول السترة لركبة [ رانيـــا ] ، وحجابٌ أسودٌ على أطرافه ظهر اللون الأبيض .. حذاءٌ مغلقٌ من كل الجهات بكعبٍ مريحٍ غير قبقابٍ أبيض اللون .. وحملت حقيبتها المدرسية السوداء .. نزلت [ رانيـــا ] من غرفتها متجهة لغرفة المعيشة حيث والداها يتناولان طعامـ الإفطار .. سلّمت على والديها .. وباشرت بتناول إفطارها ... رن هاتف [ رانيـــا ] الصغير معلنًا عن تلقيه رسالة نصية .. فتحت [ رانيـــا ] هاتفها لتجد أن الرسالة من [ عبير ] .. ~ ( صبـــــــاح الخير يا [ رانيـــا ] .. أنتظركِ أمامـ بوابة المدرسة تمامـ السابعة والنصف ) ~ هكذا كان نص الرسالة المستلمة من [ عبير ] .. نظرت [ رانيـــا ] إلى الساعة الكبيرة التي أشارت إلى تمامـ السابعة والربع .. أنهت طعامها ، سلّمت على والدتها ، وخرجت بصحبة والدها في السيارة .. تسارعت دقات قلب [ رانيـــا ] ، فقد أحست بالتوتر الكبير .. توقفت السيارة أمامـ المدرسة ، سلّمت [ رانيـــا ] على والدها و نزلت من السيارة .. توسعت عين [ رانيـــا ] متفاجئة بما تراه .. شبــــابٌ وفتياتٌ كثرٌ قد تجمعوا في هذه المدرسة .. سن الخامسة عشر والسادسة عشر والسابعة عشر .. كانت هذه أعمــــار أغلبية التلاميذ الذين رأتهمـ [ رانيـــا ] .. توجهت [ رانيـــا ] نحو بوابة المدرسة تبحث عن [ عبير ] .. بدأت تتلفت إذ أنها لمـ تجدها واقفة بجانب البوابة كما أخبرتها في الرسالة .. أتت يدان تغلقان عيني [ رانيـــا ] من الخلف .. خمّنت [ رانيـــا ] لمن هاتان اليدان ,, [ رانيـــا ] وهي تتحسس اليدان : " أجــــزمـ قطعًا أن هذه يد [ عبيــــر ] " .. [ عبيــــير ] بعدما أزاحت يداها : " تجزمين قطعًا ؟ على ماذا استندتِ يا فتاة ؟ " [ رانيـــا ] : " أولاً رائحة عطركِ ، ثانيًا الندب الذي على يدكِ .. أمـ تُراكِ نسيتيه ؟ " ضحكت [ عبير ] ممسكة يدها : " أصبتِ في هذا .. هيّا .. المقاعد لن تنتظرنا حتى نأتي إليها على مهلٍ " .. [ رانيـــا ] : " هيــــــّا .. " كانت [ عبير ] ترتدي تنورة طويلة فضفاضة من الجنز ، سترة زرقاء فاتحة تصل لفخذها ، وقميصًا أبيض اللون تحت السترة ، إلى جانب حجابها الأزرق الذي تخلله اللون الأبيض .. وبالطبع حذاء ذو كعب خفيفٍ أزرق اللون .. دخلت [ رانيـــا ] و [ عبير ] مبنـــى المدرسة الثانوية .. صعدتا الدرج المؤدي لصفوف الأول ثانــــوي .. قبل أن تدخلا القســــمـ المحدد .. أمسكت [ رانيـــا ] يد [ عبير ] تود سؤالها ,, [ رانيـــا ] : " أرى أن عدد تلاميذ هذه المدرسة كثر .. !!! " [ عبيــــر ] بتعجب : " اسمــــها مدرسة حكومية يا [ رانيـــا ] .. ماذا توقعتِ غير أن تجدي شباب وفتياة الشعب هنا ؟ " [ رانيـــا ] : " أعلمـ أن المدرسة حكومية .. إلاّ أنني لمـ أتوقع أن أجد بها كل هذا العدد من التلاميذ ! إن كان هذا حال مدرستنا .. فما بالكِ بالمدارس الأخرى ؟ " .. [ عبيـــــر ] : " حالها من حال مدرستنا .. هيّا كفاكِ تعجبًا وإستغرابًا ادخلي ، أخشى أننا لن نجد مقاعد شاغرة " .. دخلت [ رانيـــا ] و [ عبير ] القسمـ .. وجدتا أن المقعدين الثالثين من صف الطاولات الثالث فارغان ليس بهما أحد .. أسرعت [ عبيــــر ] ووضعت حقيبتها في الكرسي الأيمن ، أمـــّا [ رانيـــا ] فقد جعلت من الكرسي الأيسر مكانها ، جلست [ رانيـــا ] على الكرسي .. ما إن باشرت بوضع حقيبتها على كرسيها حتى أتــــى شابٌ وضع كتابه على الطاولة التي أمامـ طاولة [ رانيـــا ] .. نظـــــرت إليه [ رانيـــا ] لتكون هنــــا المفاجأة التي لمـ يتوقعها أحد .. كان الشاب الذي وضع الكتاب فوق الطاولة هو ذاك الذي أنقذ [ رانيـــا ] من الحادث الذي وقع في التقاطع بالقرب من المكتبة وقد لَفّتِ الضماضات ذراعه الأيسر وربطها كمن كُسِرت ذراعه .. " غيـــــر معقـــــــول !!!! " قالتها [ رانيـــا ] موسعةً عينيها وهي تكاد لا تصدق ما تراه عيناها ، انتبه الشاب لــ [ رانيـــا ] التي وقفت كالصنمـ من هول المفاجأة .. ليتفـــــاجأ هو الآخر بما تراه عيناه ,,, " مستحيــــــــــــل !! هي بذاتها !!!! " .. هكذا قال ذاك الشاب الذي وقف ينظر إلى [ رانيـــا ] نظرة المتفاجئ التي بدالته هي الأخرى نفس النظرة .. التقت أبصار الإثنان .. كلٌ ينظر إلى الآخر وقد اتسعت عيناه .. وكل يردد في نفسه : "غير معقــــــــــــــول !! " ●●● ثانية تلو الثانية .. ودقيقة تلو الدقيقة ، لمـ يشعر كلٌ من [ رانيـــا ] والشاب اللذان التقت أبصارهما بالوقت الذي يمضي سريعًا .. لاحظت [ عيبر ] النظرات التي تبادلها كلٌ من ابنة عمها والشاب .. الفتت تارة لـــ [ رانيـــا ] ، وتارةً أخــرى للشاب الواقف على بُعدِ خطوة منها .. " ما بالهما ينــظران إلى بعضٍ هكذا ؟! " هكذا همست [ عبير ] محدثة نفسها . أخيرًا .. أنزلت [ رانيـــا ] رأسها للاسفل ، مزيحة بذلك أبصارها عن الشاب ، الذي بدوره أدار رأسه إلى يمينه ، مبعدًا بذلك بصره عن [ رانيـــا ] .. " [ وســـــــامـ ] !! " .. قالها أحد الشباب الواقفين بجانب باب القسمـ ، ماديًا بذلك الشاب الذي جمعت الصدفة بينه وبين [ رانيـــا ] .. نظر إليهمـ مبتسمًا ، ورفع ذراهة اليمنى مشيرًا بذلك أنه قادمـ .. نظر مجددًا لــــ [ رانيـــا ] ، أغمض عينيه لبرهة ، ثمّـ ذهب منصرفًا نحو رفاقه .. همست [ رانيـــا ] بصوتٍ سمعته [ عيبر ] : " [ وســــامـ ] ! " ، التفتت إليها [ عيبر ] , حدثتهــا بنبرة بدا عليها الشك : " لمـ أكن أعلمـ أنكِ على معرفةٍ به يا [ رانيـــا ] ! " .. وضعت [ رانيـــا ] يدها على صدرها ، التفتت إلى ابنة عمها .. وقالت : " أتذكرين الحادث الذي طرأ أمامـ المكتبة العمومية ذاك اليومـ ؟ " [ عيبر ] بعدما تذكرت : " أجــل ! .. " .. [ رانيـــا ] : " طيب .. ماذا عن الشاب الذي حدَّثتكِ عنه ؟ أقصد الذي أنقذني أنا والطفل " [ عبير ] : " أجـــل أتذكره .. حسب وصفكِ قلتِ أنه في الخامسة عشر من عمره " [ رانيـــا ] وقد قطّبت حاجبيها : " تمامـــــًا .. " [ عبير ] : " ما به ؟ ما الذي ذكّركِ بهِ الآن ؟ " [ رانيـــا ] وهي تنظر لـــ [ وســامـ ] : " الذي أنقذني ذاك اليومـ ، لتصاب ذراعه ، هو ذاته الذي وضع كتابه فوق الطاولة التي أمامـــي " .. [ عبير ] وقد اتسعت عيناها : " [ وســــــامـ ] ؟! " [ رانيـــا ] : " أجـــــل .. [ وســـامـ ] ، أنظري لذراعه اليسرا ؛ لتتأكدي من صحة كلامي ، مملوءة بالضماد " . أكملت [ رانيـــا ] حديثها : " [ عبير ] ؟ أتعرفينه ؟ " [ عبير ] : " بالتأكيد أعرفه .. فهو زميلٌ لي منذ ثلاثِ سنين .. أي : منذ السنة الأولى من المرحلة الإعدادية " تابعت [ عيبر ] كلامها : " سبحــــــان الله !! " .. جلست [ رانيـــا ] على كرسيها ، وضعت حقيبتها في حضنها ، وجهت أبصارها نحو كرسي [ وســامـ ] .. قالت محدثتةً نفسها : " ويجلس أمــامي أيضًا ؟! " .. ●●● من جهـــةٍ أخــرى .. وقف [ وســـامـ ] برفقة أصدقائه اللذي يتجاذبون أطراف الحديث ، جسده معهمـ ، لكن فِكرَهُ مع ما حدث توًا أمامه .. انتابه التوتر والإرتباك ، فابتعد قليلاً عن رفاقه ، ليجلس في أحد المقاعد الشاغرة .. انتبه إليه أحد أصدقائه ، اتجه إليه ليجده مرتبكًا يغمض عينيه تارةً ، ويفتحها تارةً أخرى .. [ أنــــس ] : " [ وســـامـ ] ؟ ما خطبك " [ وســـامـ ] : " لا تشغـــل بالك " [ أنـــس ] : " كيف لا أُشغِلُ بالي يا أخي ؟ قُل لي ما بالك ؟ " [ وســــامـ ] الذي وضع يده اليمنى فوق ذراعه اليسرا : " [ أنـــس ] .. أُنظر إلى تلكَ الفتاة التي ترتدي ثيابًا سوداء وبيضـــاء " [ أنــــس ] باحثًا عن قصد صديقه : " سوداءٌ وبيضـــاء .. سوداءٌ وبيضاء ! " استقترت عيناه أخيرًا على [ رانيـــا ] : " وجــــدتها !! .. ما بهــــا ؟ " [ وســــامـ ] : " حــاول أن ترى وجهها .. ألا تبدو لكَ مألوفةً ؟ " [ أنــــس ] : " ممممممممـ .. وجهها ليس واضحًا .. تعطيني ظهرها " وقتها استدارت [ عبير ] لتجلس بجوار [ رانيـــا ] يمينًا .. عندها التفتت [ رانيـــا ] نحو ابنةِ عمها ، ليظهر وجهها لــ [ أنـــس ] أخيرًا .. [ أنـــس ] مخاطبًا [ وســامـ ] : " رأيتُ وجهها ! حقًا تبدو مألوفةً لي .. أين أريتها يا ترى ؟ أين ؟ " [ وســــامـ ] الذي أبقى بصره للأسفل : " ألا تذكركَ تلكَ الفتاة بالحادث المروري الذي وقع في ذاك التقاطع ؟ " ضمّـ [ أنـــس ] أصابع يده اليمنى ، وضرب بها كفَّ يده اليسرا : " أجـــــل ! هي ذاتها ! .. " التفت نحو [ وســــامـ ] : " ما رأيك ؟ أهي صدفة ؟ " [ وســــامـ ] : " العلــــمـ عند الله .. " ●●● [ أنــــس ] .. ذاك هو الشاب الذي طلب النجدة عند إصابة [ وسامـ ] في ذراعه .. في نفس سن [ وســـامـ ] ، طويل القامة نوعًا ما ، قُمحي البشرة ، ذو شعرٍ بني قاتمٍ كثيفٍ ولامعٍ ، متســـوط الجمــــال ، ذو عينان بنية كبيرة ، يضع عليهما ناظراتٍ مستطيلة الشكل .. صديق [ وســــامـ ] المقرب له . ●●● وقفت [ رانيـــا ] من عند كرسيها ، إذ أنها شعرت بالتعب من كثرة الجلوس في الكرسي ، جعلت تحدث [ عبير ] متناسية بذلك ما حدث توًا وأمامها .. وقفت جماعة من الفتيات على بُعد مسافة قصيرة من [ رانيـــا ] .. نظرت إحداهن إلى [ رانيـــا ] وبدأت بتجاذب أطراف الحديث حولها : [ وصـــــال ] : " يبدو أنه لدينا طالبة جديدة بالقســــمـ ! " [ أمـــــل ] : " ممممممـ .. ما رأيكِ ؟ تستحق ترحيبًا .. أليس كذلك ؟ " [ وصـــال ] : " لاشكَ في هذا .. هيا يا فتيات " تقدمت [ وصــــــال ] نحو [ رانيـــا ] لتضرب كتفها بشدة متظاهرة بذلك أنه لمـ يكن مقصودًا .. التفتت [ رانيـــا ] نحو [ وصـــال ] وهي تمسك كتفها متألمة من جراء الضربة .. [ وصــــال ] باستهزاء : " المعذرة .. لمـ أقصد ذلك " قطّبت [ رانيـــا ] حاجبيها ، وقالت في نفسها : " يبدو أننا ننتظر مشاكلاً ! " [ عبير ] مخاطبةً [ وصـــال ] : " قلنا توًا بسمـ الله .. هذا أول يومـٍ في العامـ ، ألا تستطيعين إبداء بعض الإحترامـ ولو قليلاً ؟ " [ وصـــــال ] مجددًا باستهزاء : " مممممممـ .. لا .. لا أظـــن ذلك " [ عبير ] : " يستحسن بكِ أن تبتعدي عنا ، وإلا.. " [ وصـــــال ] التي بدا عليها الغضب : " وإلا ماذا ؟ هيـــّا أكملي " [ عبير ] : " وإلا أنسيتكِ حليب أمكِ يا هذه " حاولت [ رانيـــا ] تهدئة [ عيبر ] : " هوني من روعكِ يا [ عبير ] ,, الموضوع لا يستحق كل هذا " [ وصــال ] مخاطبة [ رانيـــا ] : " أرجوكِ ... وقفتِ كالصنمـ أمامي .. ولا يستحق الموضوع كل هذا ؟ " [ رانيـــا ] : " المعذرة .. أنتِ التي اصطدمتِ بكتفي .. لا أنــــــا ! " [ وصــــــال ] : " وتجرئيـــــــن على الكذب أيضًا ؟ " تقدمت [ وصــــال ] نحو [ رانيـــا ] كمن تحاول التشابك معها .. تعالت أصوات الفتيات جراء هذا الشجار .. سمع الشباب الفوضى التي حصلت بين الفتيات .. أسرعوا راكضين نحوهن محاولين بذلك معرفة ما الذي يجري .. نهض [ وســـــامـ ] من كرسيه ، واتجه هو و [ أنــــس ] نحو الفتيات .. وكلٌ يقول في نفســـه سائلاً : " ما الذي يحـــــــدث ؟ " ●●● أرجو عدمـ الرد .. إلى أن أنتهي
|
|||||||||||||||||||||||
منذ /15-01-2010, 03:37 PM | #5 | |||||||||||||||||||||||
محررة مجلة بنات|ملكة التنسيق
سوموي ♥ شوجو
|
●●● [ عبير ] و [ رانيـــا ] من جهة ، [ وصــــال ] وجماعتها من جهة أخـــرى .. تلك التي تصرخ ، وتلك التي ترفع يدهــا للأعلــــى .. بدا الشجار حامي الوطيص بين الفتيات .. أسهمـ من الشتائمـ خرجت من شفتي [ وصـــال ] التي اعتبرت [ رانيـــا ] تتجرأ بالكذب عليها .. أغمضت [ رانيـــا ] عينيها ، مظهرها يدل على الهدوء الشديد ، بينما داخلها يشتعل غضبًا كأنه بركانٌ أوشك على الإنفجار حممًا .. صـــرخت [ وصـــال ] : " من تحسبيـــن نفسكِ أيتها .. المســـتجدَّة ؟! " فتحت [ رانيـــا ] عينيها على اتساعها ، فقد ذكرتها هذه العبـــارة بالوطن الذي كانت تعيش فيه .. لمع وميضٌ أبيضٌ في ذاكرتها ، ليقودهـــا إلى أول يومـٍ لها في مدرستها الإعدادية في ذاك الوطن .. كانت هادئة للغاية ، لمـ تبدِ أية حركةٍ مكروهة ، بل على العكس تمامًا ، جلست على كرسيها بكل هدوء ، التفتت يمناها ويسراها ، لتجد نفسها وحيدة بلا صديقة ولا رفيقة .. قررت النهوض قليلاً علّها تتنشق نسيمـ الهواء العليل ، مبعدة بذلك كل أثرٍ للخوف والإرتباك .. في طريقها نحو البــــاب ، انزلقت قدمهــا بسبب سائلٍ لزجٍ كان مسكوبًا على الأرض ، لتقع على إحداهن دون قصد .. وقفت تلك الفتاة ، بدا عليها جـــلُّ الغضب .. جعلت توبخ [ رانيـــا ] التي لمـ تستطع النطق بكلمة واحدة .. صرخت ووبخت .. إلى أن وصل بهـــا المطاف أن تسألها : " من تحسبيـــن نفسكِ أيتها .. المســـتجدَّة ؟! " لمـ تذكرهــا عبارة [ وصـــال ] بذاك الموقف ، مثلما ذكرتها بالوطــــن الذي ترتكته مُكرهة .. فتحت عينيها المخضرَّتيـــن ، اتجهت أبصارها نحو [ وصـــال ] التي ما زالت تصرخ وترفع يدهـــا .. سقطت تلك الدمعــة الحارة على خدهـــا الذي التهب احمرارًا ، توجهت أنظـــار الجميع نحو [ رانيـــا ] مستغربين من تلك الدمعـــة .. ! حرَّكت شفتيها المحمرتين : " إن سمحتِ وتكرمتِ .. أنزلي يدك " نظرت [ وصــال ] نحو [ رانيـــا ] التي تجلت كل نظرات الغضب نحوها بنظـــرات استغرابٍ ، أتبعت تلك النظـرات بنظرة استهزاءٍ ، قائلةً : " لن أنزلهـــا !! ما أنتِ بفاعلةٍ شيئًا !! " كررت [ رانيـــا ] : "لطفــــًا .. أنزلي يدكِ .. " [ وصــــال ] التي أشارت بيدهـــا نحوهـــا : " قلتُ لن أنزلها ،، ماذا ستفعلين بالمقابل ؟ " أمسكت [ رانيـــا ] يد [ وصـــال ] ، أحكمت قبضتها حول معصمـ التي أمــامها بشدة ، ثمـَّ أردفت قائلة : " للمــــرة الأخيرة .. أنزلي يدكِ ، وإلاّ لن يسركِ ما سترين " بدا الإرتباك متجليًا في محيــا [ وصال ] التي ما توقعت هذه الحركة من [ رانيـــا ] .. [ وصــال ] بتردد : " هيي ,, أنتِ .. اتركي يدي .. اتركيها هيــَّا " أفلتت [ رانيـــا ] يد [ وصـــال ] أخيرًا .. أبقت ناطريها عليها .. ما إن أحست [ وصـــال ] بيدهــا حرةً طليقةً ، حتــى رفعت يدها الأخــرى قاصدة بذلك صفع [ رانيـــا ] .. بحركة خاطفةٍ للأبصـــار ، طبعت تلك اليد أثرها على خدِّ [ رانيـــا ] ، مصدرة بذلك ذاك الصوت المدوي .. شهق الجميع .. اتسعت أعينهمـ لآخرها .. عمـَّ السكون أرجـــاء القسمـ للحظــات .. تقدمت [ عبير ] خطوة للأمامـ ، كمن تريد تلقين [ وصـــال ] درسًا لن تنساه .. أمسكت [ رانيـــا ] يد [ عبير ] .. التفتت [ عبير ] نحوهها ، لتجدها تميل برأسها يمينًا ويساراً .. أغمضت عينيها ببطئٍ شديد ، استدارت معطية بذلك ظهرها لـــ [ وصــال ] ، قاصدةً بذلك الجلوس على كرسيها .. انطلقت تلك الضحكة الخبيثة من فمـ [ وصـــال ] ، ضحكت وضحكت ، معلنةً بذلك انتصارها على [ المســـتجدّة ] كما أسمتها .. بلمح البصــــر ، انطلقت تلك اليد طابعةً تفاصيلها على خدِّ [ وصــــال ] .. كادت عينيها تخرج من مكانها جرَّاء تلك الصفعة ، لمـ تصدق أن مصدرها ... [ رانيـــا ] !!! وقفت كالصنمـ لا تحرِّك ساكنًا .. عادت [ رانيـــا ] لتجلس على كرسيها مجددًا وسط ذاك الصمت الذي لن أبالغ إذا ما شبهته بصمت القبـــــــور ..!! أمسكت كتابًا صغيرًا كان على طاولتها ، وجعلت تتقلِّب صفحاته ، أثار هذا المشهد أعصاب [ وصـــال ] ، هلّمت بضربها ، إلاّ أن رفيقتها منعتـــها ممسكة يدها .. التفتت [ وصـــال ] نحو رفيقتها : " [ أمـــــل ] ؟ ! " مالت [ أمـل ] برأسها يمينًا ويسارًا ، وقالت : " فيما بعد .. الأستـــاذ قادمـ " توجهت أبصار الحضور نحو النافذة ، التي شفَّت عن حضور الأستاذ فعلاً .. صاحت [ وصـــال ] مهددةً : " لا تحسبيها النهاية ، صدقيني .. إن لمـ أطبع اسمي في ذاكرتك فلن أكون ابنة أبـــي " نظرت [ رانيـــا ] نحوهـــا بنظرة جد باردة .. كمن توجه إنذارًا صريحًا بعدمـ العبث معها البتة .. إلاّ أنها سرعان ما أبعدت أبصارها عنها لتعود لصفحات ذاك الكتاب .. استدارت [ وصـــال ] أخيرًا لتعود إلى مكانها ، صاحبةً معها صديقاتها الأربع .. نظرات تعجبٍ واستغراب ,, هذا ما اشترك به كل الحضور ، بعد كل هذا الصراخ وكل هذه الشتمائمـ ، بعد هذه الصفعة المدوية ، التي ما لبثت أن ردّتها إليها .. تجلس [ رانيـــا ] هادئة وبكل هذا البرود !! كيف ؟ كيف ؟ لمـ يجد أحدٌ إجــــابة لهذا السؤال ! ●●● " عجبًا لأمرهـــا ! ترد الصّاع صاعين بكل هدوء ! " ردد [ وســـامـ ] هذه العبارة محدثًا نفسه مستغربًا لما تراه عيناه .. تارةً ينظر اتجاهها .. وتارةً أخـــرى يوجِّه نظراته صوب [ أنــــس ] الذي وقف مذهولاً راسمًا على وجهه علامة تعجبٍ واستفهـــامـ [ ! ؟ ] .. تقدمـ - ذاك الشخص - بخطواتٍ ذابتة صامتة ، وضع يده على كتف [ وســـامـ ] ، ثمـ أردف قائلاً : " ثمّة هنالك مقاعد كثيرة .. فلمـَ هذا التجمهر ؟ " التفت [ وســــامـ ] خلفه ليجد أن الذي حدَّثه هو أحد الاساتذة ، توجهت أبصار الحضور نحو الأستاذ الذي قصد مكانه أمامـ السبورة ، ليعلن بذلك أن الحصة قد بدأت ، وأن على الجميع التوجه لمقاعدهمـ .. وبالفعل .. توجه كل من كان واقفًا إلى مقعده .. ألقوا التحية على الأستاذ ، وباشرت الحصة بالبدء .. وقف الأستاذ بكل ثقة واضعًا يده على الطاولة ، قال بنبرة الواثق : " أدعـــى الأستاذ [ إدريس ] .. أستاذكمـ هذه السنة لمادة العلومـ" ألقـــى نظرة سريعة على القسمـ ، وقال : " قلتُ أنني أستاذ العلومـ ، فأين الكتب ؟ " ما إن سمع التلاميذ عبارة الأستاذ ، حتى أخرج كل واحدٍ منهمـ كتابه على الطاولة التي أمامه .. " جيــــــِّد " ، قالها الأستاذ [ إدريس ] بشبه ابتسامةٍ كان قد رسمها على وجهه الخالي من أي علامة للتهاون والتساهل .. أمسك الطبشور ، وراح يكتب على السبورة نوع المادة وعنوان الدرس الأول .. استدار نحو تلاميذه بنظرة لمـ تعجب الحضور ، ألقى نظرة سريعة في أرجاء القسمـ .. قال بنبرة حادة : " ترتيبكمـ لمـ يعجبني ، يتحتّمـ عليَّ إعادة ترتيبكمـ " أشار بيده نحو صفِّ الطاولات الثالث ، خلف [ رانيـــا ] تمامًا : " أنت .. أجـــل أنت ، قُمـ .. وأجلــــس هنـــاك " مشيرًا بيده في صف الطاولات الثاني .. قامـ ذاك الطالب ، حاملاً معه حقيبته وأغراضه ، متجهًا بذلك نحو المكان الذي قصده الأستاذ .. تسارعت دقَّات قلب [ رانيـــا ] .. وضعت يدها على صدرها ، فقد كانت تخشى أن يُجلسها الأستاذ بجانب أحد الشباب .. أو بعيدًا عن ابنة عمها .. انتبه الأستاذ لـــ [ رانيـــا ] التي بدا عليها القلق ، اتجه صوبها ، ازداد خوفها باقترابه نحوها .. وقف بجانبها ، خُيِّل لها أنها ستُنقل بعيدًا عن [ عبيـــر ] .. رفع الأستاذ يده مجددًا نحــــــــو ..... تلك الفتاة .. الأستاذ [ إدريس ] : " أنتِ .. قفي .. " ، بلمح البصر .. أدارت [ رانيـــا ] رأسها نحو التي قصدها الأستاذ .. لتجد أنه والفضل للهلمـ يقصدها هي ، بل قصد غيرها .. معلومة تلوَ المعلومة ، وكلمة تلوَ الكلمة كُتبت على السبورة ، دقَّ أخيرًا جرس المدرسة مشيرًا إلى إنتهاء حصة الكيمياء الثقيلة ، كما حسِبها التلاميذ .. انصرف الأستاذ [ إدريس ] أخيرًا .. ليتنفَّس الحضور الصعداء بذلك .. ●●● الأستاذ [ إدريس ] ، الأستاذة [ نــــورة ] ، الأستاذة [ محجوبة ] .. توالت الحصص ، ومعهمـ توالت المواد المأخوذة لهذا اليومـ .. أخذت [ رانيـــا ] طابعها الأول عن الأساتذة بالمدرسة .. كثرة الحصص منعت [ وصـــــال ] من التحدث مع [ رانيـــا ] ، أو حـــتى الإقتراب منها .. انتهــــى الدوامـ الأول ,, لتعــــود [ رانيـــا ] و [ عبير ] كلٌ إلى منزلها .. سلَّمت كل واحدةٍ على الأخــــرى ، وتواعدتا على اللقاء قبل دقائق من بدء الدوامـ الدراسي الثاني .. افترقتا ، وقفت [ رانيـــا ] أمامـ باب منزلها ، فتحته ببطئ شديد ، دخلت ، وضعت حقيبتها بجانب الباب .. واستلقت بسرعة على الأريكة .. سقطت تلك الدمعة على خدها ، من عينيها .. قالت محدثة نفســــها : " مجبرة مكرهة .. عليَّ أن أظهـــر جانبي الآخـــر " ●●● بين الحدث والحدث ، جعلت [ رانيــــا ] تتنقل في أرجــاء ذاكرتها بين مواقفها فوق تراب ذاك الوطــــن . تسارعت عقارب الساعة مغافلة في ذلك [ رانيــــا ] السابحة في بحر ذكرياتها .. قطع شريط ذكرياتها صوت خطوات والدتها القادمة من عِند المطبخ ، لتُفاجأ بابنتها المستلقية على الأريكة بعد عودتها من المدرســة . التفتت [ رانيــــا ] نحو والدتها ، مسحت أثر الدمعة الساقطة من عينها ، اعتدلت في جلستها ، ورسمت على وجهها ابتسامتها الحُلوة .. جلست والدتها بجانبها ، تتجاذب معها أطراف الحديث : والدتها : " أهــــلاً [ رانيــــا ] .. أرى أنكِ قد عدتِ من المدرسة ! " [ رانيــــا ] مبتسمة : " أهـــلاً أمــي .. صحيـــح ! " والدتها : "جيِّد .. كمـ حصةً درستِ ؟ وماذا عن الأساتذة ؟ " [ رانيــــا ] : " ثلاث حصصٍ فقط هي التي درستها ، أمـــَّا بشأن الأساتذة ، ممممممممـ .. لا بأس بهمـ " والدتها : " حســنٌ جدًا ! يبدو أن يومكِ الأول بمدرستكِ الجديدةِ لمـ يكن سيئًا " [ رانيــــا ] : " لا بأس به .. ما عدا ....... " والدتها مقاطعة : " ما عدا ماذا " [ رانيــــا ] : " حدث معي موقفٌ أعاد بذاكرتي إلى تراب ذاك الوطن .... " بدا الاستياء على وجه والدتها ، إلاَّ أنها فضَّلت عدمـ التعليق على حديث ابنتها . أرجعت [ رانيــــا ] ظهرها للوراء ، تنهدت تنهيدة خفيفة ، وأكملت حديثها : " آهٍ يا أمـــــي ،، لو تدرين حجمـ اشتياقي لتلك الأرض ، أشعر وكأنهـــــا ....... " والدتها مقاطعة بحدّة : " تشعرين وكأنها ماذا ؟ تلك الأرض ، تلك الأرض ... كمـ مرةً ذكرتِ تلك الأرض يا [ رانيــــا ] ؟ ... في كل الأحوال هذا وطنكِ وليس ذاك ، وتبقين أنتِ محض وافـــدةٍ عليه لا مواطنة " اندهشت [ رانيــــا ] من حديث والدتها ، صمتت والدتها لبرهة .. أغمضت عينيها تحاول تهدئة نفسها ، تنهدت ، وجّهت أبصارها نحو ابنتها وهي على صمتها . أنهت ذاك الصمت بقـــــولها : " منذ طفولتكِ يا [ رانيــــا ] ، وأنتِ تتحدثين عن المغرب حديث المشتاق لأرض وطنه ، تطلبين وتلحين أن نستقر بها لبقية حياتنا . فما الذي تغير الآن يا [ رانيــــا ] ؟ لماذا لمـ تتقبلي حياتكِ هنا ؟ رغمـ أن هذا وطنك ، ولا ينقصه الجمال أبدًا " أنزلت [ رانيــــا ] رأسها للأسفل ، بدا عليها الحزن بعد حديث والدتها .. [ رانيــــا ] : " تلك الأرض مــاضيَّ يا أمي " والدتها : " إذًا انسفي ذاك الماضي ، انسفيه إذا كان يسبب لكِ كل هذا الحزن " [ رانيــــا ] باندهاش : " كيف للمرء أن ينسف ماضيه يا أمي ؟ كيف ؟ " والدتها : " بأن ينساه .. ويعيش حاضره ، ليستطيع بعدها عيش مستقبله " نهضت والدة [ رانيــــا ] من عِندها تقصد المطبخ ، تتبعها أعين ابنتها التي لمـ تستطع فهمـ قصد والدتها . ●●● فتحت باب منزلها ، نزعت حذائها المزرق ذو الكعب الخفيف ، ووضعته بجانب الباب ، رسمت على وجهها المتورد ضِحكةً بهيةً ، رغمـ عِلمها بأن محاولها تلك قد تلاقي الفشل الذريع أمامـ المشاكل التي تعاني منها عائلتها الصغيرة . وضعت حقيبتها بجانب باب غرفة المعيشة ، دخلت إليها بخطواتٍ هادئة ، نظرت بعينيها المخرضتين نحو الأريكة ، لترى من يجلس عليها . اقتربت قليلاً ، سمعت أنينًا أشبه بالكباء .. زادت خطواتها بعد سماعها لذلك الأنين ، " أمــــــي !! " نطقت بهذه الكلمة بعدما وجدت والدتها جالسة على الأريكة تذرف الدموع تغطي بيدها وجهها . أسرعت وجلست بجانب والدتها ، أمسكت يد أمها تحاول إزاحتها بلطفٍ عن وجهها ، إنكشف وجه الأمـ أمامـ عيني ابنتها .. كدمة مزرقة على الخدِّ الأيمن قرب عينها اليمنى ، وجُرحٌ مدمىً أسفل الفمـ بقليل . [ .. ] : " أمـــــاه .. ليس مجددًا ، تشاجرتما ؟ " والدتها تطأطئ رأسها : " بــــــلى .. " مسحت الإبنة دموع والدتها بلطفٍ ، أمسكت رأس والدتها ووضعته على صدرها ، تحاول بذلك تهدئة والدتها ، و التخفيف من حِدّة ألمها .. تمتمت : " السكــــوت عن هذا أيضًا لا يجوز " نهضت من عِند والدتها ، فكَّت حِجابها المزرق ، لينكشف شعرها الأسود الناعمـ الغزير ، والدتها : " إلى أين يا [ عبير ] ؟ " [ عبير ] : " إلـــى أبي .. " والدتها : " لا يا ... " لمـ تنتظر [ عبير ] أن تنهي أمها كلامها ، وانطلقت مسرعة نحو مكتب والدها وكلها غضبٌ ، دقَّت باب الغرفة ، ليأذن لها والدها بالدخول . فتحت [ عبير ] باب المكتب ، كان يجلس على مقعده يعطيها ظهره ، وقفت خلف أبيها وقالت : [ عبير ] : " إلى متى ستستمران على هذا الحال يا أبي ؟ " والدها : " لا علاقة لكِ بهذا يا [ عبير ] " [ عبير ] : " ألستُ ابنتكما ؟ فكيف لا علاقة لي ؟ " ضرب والدتها بقبضته المكتب بشدة ، وقال صارخًا في وجه ابنته : " قلتُ لكِ لا تتدخلي بيننا يا [ عبير ] ، لمـ تكبرِ بعد حتى تفتحي عليَّ محضرًا للتحقيق " صمتت [ عبير ] أمامـ غضب والدها ، غير مصدقة لما يقوله .. تابع والدها حديثه : " تعلمين ما بيننا من خلافٍ ، أمكِ لا تنوِ الخير يا [ عبير ] .. افهمي ذلك " لمعتِ الدموع في عيني [ عبير ] ، وضعت يدها على فمها تحاول كتمـ بكائها ، خرجت من غرفة أبيها مسرعة ، التقت بوالدتها التي استندت على الحائط خلف الباب ، تسمع كل كلمة ينطق بها زوجها . شلالات من الدموع ، هذا ما أبصرته [ عبير ] على وجه والدتها ، لتحكي بذلك كل ألوان الحزن والمعانات . اتجهت [ عبير ] نحو غرفة المعيشة ، ارتدت حِجابها ، حملت حقيبتها ، وخرجت مسرعة من المنزل ، لتعود غلى المدرسة . والدتها : " والغـــــــداء ....... ؟ " أسكتَ والدتها صوت ارتطامـ الباب الذي أحدثته [ عبير ] .. ●●● أنهت [ رانيــــا ] طعامها بسرعة شديدة ، إذ أنها اعتبرت نفسها قد تأخرت عن موعد دوامها المدرسي الثاني . قبَّلت رأس والدتها ، وخرجت من المنزل . في طريقها ، التقطت [ رانيــــا ] هاتفها الخلوي ، وأرسلت عبره رسالة إلى والدها تخبره ألاَّ يحضر لأخذها إلى المدرسة . " أربع حصصٍ أخـــرى ! .. آمـــل ألاَّ أواجه مشاكل جديدةً مع تلك .. الـــ[ وصــــال ] " قالتها [ رانيــــا ] وهي تنظر إلى السماء ، تضع يدها على صدرها .. ●●● أحاديثٌ كثيرةٌ تجاذبها طلاب القسمـ ، دخل [ وســــامـ ] القسمـ بصحبة صديقه [ أنـس ] اللذان قصدا مقعديهما . ضرب [ وســـامـ ] بذراعه اليمنى ذراع [ أنــس ] اليسرى ، منبهًا إياه أن ينظر أمامه .. " أنظر .. " قالها [ وســـامـ ] مشيرًا نحو مقعد [ رانيــــا ] .. تحديدًا يقصد [ أمـــل ] التي بدا أنها تعبث بدرج [ رانيــــا ] ,, بدا الاستغراب على [ أنـس ] ، اقترب من [ أمــل ] ، مال برأسه قليلاً حتى يستطيع النظر إلى ما تفعله [ أمـــل ] .. [ أنــس ] : " [ أمـــل ] ؟ .. ماذا تصنعين هنا ؟ " فزعت [ أمـــل ] لذا سماعها صوت [ أنــس ] ، ردّت عليه مرتكبةً : [ أمـــل ] : " آهـــاه ؟ لقد ... كنتُ .. آآآ .. كنتُ .. " [ أنــس ] : " كنتِ ماذا ؟ أنا أنصِت " [ أمــل ] : " أضعتُ مقلمتي .. خُيِّل لي أنني سأجدها في أدراجكمـ .. ليست في درج هذه الفتاة ، ولا في درج [ عبير ] .. " [ أنــس ] : " والمعنــــى ؟ " [ أمــل ] : " لا شيء .. سأتدبر أمري باستعارتي لأقلامـ [ وصـــال ] .. " وانصرفت من عِند الشابين .. تقصد بذلك العودة إلى [ وصـــال ] .. التفت [ أنــس ] نحو [ وســــامـ ] .. [ أنـــس ] الذي بدا عليه الشك : " ما رأيك ؟ " [ وســــامـ ] الذي شرع بجلوسه على الكرسي : " لا شأن لنا بمشاكل الفتيات يا [ أنــس ] " [ أنـــس ] : " لكن .. ماذا لو عادتا للشجار مجددًا ؟ " [ وســـامـ ] : " رأيتَ بنفسكَ ردَّ فِعلِ [ رانيــــا ] .. لا تحتاج أية مساعدة ، ومن ثمـَّ فإن [ عبير ] معها .. تعادل أربع شباب معًا يتشاجرون فيما بينهمـ " .. جلس [ أنـــس ] قرب [ وســـامـ ] ، وقال : " لا تبـــالغ ، ليس لهذه الدرجة .. " [ وســــامـ ] : " في مطلق الأحوال ، لو تفاقمـ الأمر ، فلا مناص من المساعدة " ●●● دخلت [ عبير ] القسمـ ، بدا عليها الحزن الشديد ، بعد الذي وجدته ينتظرها في بيتها ، جلست على مقعدها ، وضعت الحقيبة في حضنها ، وتنهدت .. دقائقٌ معدوداتٌ حتى وصلت [ رانيــــا ] إلى القسمـ ، بدت عليها السعادة ، ابتسمت [ عبير ] لذا رؤيتها لـــ [ رانيــــا ] ، لتزيل بذلك كل آثار الحزن . جلست [ رانيــــا ] على مقعدها ، وضعت حقيبتها قرب الطاولة . سمعت صوتًا قادمًا من درج طاولتها ، أنزلت رأسها لترى ما الذي يصدر ذلك الصوت . سحبت كتاب الرياضيات الذي بالدرج ، لتُفاجأ بضفدعٍ أخضر اللون يقف على الكتاب .. صمتت [ رانيــــا ] موسعة عينيها من الصدمة ، فجأةً ، قفز الضفدع على وجه [ رانيــــا ] التي صرخت بأعلى صوتها من شدة خوفها لتهزَّ معها القسمـ .. ارتد الضفدع ليسقط على الأرض .. صمت الجميع لبرهة ، قطع ذاك الصمت صوت ضحكات [ أمـــل ] و [ وصــــال ] ، " يا ســــلامـ !! " قالتها [ وصــال ] تضرب كفها بكفِ [ أمـــل ] كمن حقق انتصارًا لمـ يسبق له مثيل .. ضحك الجميع من موقف [ رانيــــا ] ، ضحكوا وضحكوا ، سقط بعضهمـ من شدة الضحك ، جعلت [ رانيــــا ] تنظر بأبصارها يمينها ويسارها ، فاضت عيناها بالدموع ، احمرّ وجهها ، شعرت بالإحراج الشديد ، وضعت يدها على فمها ، وانطلقت مسرعة تخرج من القسمـ .. تابع كلٌ من [ أنــس ] و [ وســـامـ ] بأبصارهما [ رانيــــا ] التي لمـ تتحمل الإحراج الشديد خارجة من القسمـ .. قطّبت [ عبير ] حاجبيها غضبًا مما فعلته [ وصـــال ] بابنة عمها ، نهضت بغضبٍ شديدٍ ، إلاَّ أن نهوض [ وســـامـ ] من مقعده غاضبًا قطع عليها شروعها بالتحدث .. " أمـــا كفاكمـ ضحِكًا ؟! " نطق بها [ وســــامـ ] صارخًا في وجه التلاميذ إثر الغضب الذي اجتاحه مما فعله الطلاب .. التفت الجميع صوب [ وســـامـ ] بعد أن صمتوا جميعهمـ ، بعدها قال : " من العيب لكمـ أن تستقبلوا الطالبة الجديدة بهكذا أسلوب ، هذا بدلاً من أن ترحبوا بها ؟ ما الذي يضحككمـ ؟ ضفدع ؟ أهذا كل ما في الأمر ؟ أمـ لأنها ارتعبت منه ، فسخرتمـ منها ؟ " رفع يده اليمنى ، وجعل يشير بها عشوائيًا ، وهو يقول : " أنتَ ، وأنتِ ، وأنا أيضًا .. كلنا كنا يومًا ما طلاّبًا جددًا على أقسامنا في مرحلة من المراحل .. فهل سبق لأحدٍ منكمـ أن تمـ استقباله بهذه الطريقة ؟ " لمـ يجب أحدٌ ، بل أن البعض قد بدا عليه الشعور بالذنب لما حدث ، أتبع [ وســـامـ ] حديثه : " إذًا ؟ لما هذه المعاملة ؟ من لمـ يجرب .. فلا يكن سببًا في تجربة غيره " نظر [ أنـــس ] نحو [ وســــامـ ] ، وقال مبتسمًا مخاطبًا نفسه : " ممتــــاز ! " " استرح يا [ وســــامـ ] ، لا تتعب نفسك ، مســـتجدِّة .. لا تستحق كل هذا الإهتمامـ " قالتها [ وصــــال ] تخاطب بها [ وســامـ ] مستهزئةً به .. أغمض [ وســـامـ ] عينيه لبرهة ، التفت نحو [ وصــــال ] .. وقال : [ وســــامـ ] : " أذكر أنكِ العامـ الفائت كنتِ جديدةً علينا ، أمـ أنني مخطئ ؟ " [ وصــــــال ] : " بـــــــلى .. ! " [ وســــامـ ] : " واجهتِ مضايقاتٍ عندنا بالقسمـ ؟ " [ وصــــــال ] : " كــــــلاّ ..! " [ وســــامـ ] : " مثلما لمـ تجدِ عندنا المضايقات .. فلا تتسببي بها.. أمـ لأنها [ مســـــتجدِّة ] على حدِّ قولكِ .. تتعاملين معها على هذا الأساس ؟ " أخرج من جيبه منديلاً صغيرًا ، نزل وحمل به الضفدع ، أكمل حديثه بعد أن نهض : " ومن ثمـّ .. حتى الضفادع .. تستحق الرفق " وخرج من القسمـ ، وسط ذاك الصمت . ما إن خرج من القسمـ ، حتى التقى بــ [ رانيــــا ] التي وقفت مستندة على الحائط قرب الباب ، بدا أنها قد سمعت كل كلمة نُطِقَت بالقسمـ .. مرَّ [ وســـامـ ] من أمامـ [ رانيــــا ] متظاهرًا بأنه لمـ يرها .. دخلت [ رانيــــا ] القسمـ ، بعدما مسحت آثار الدموع من عينيها ، فإذا بها تجد أن كل تلاميذ القسمـ قد انطلقوا صوبها .. " أهـــلاً وسهلاً بكِ بيننا " " سعداءٌ بالتحاقكِ بنــــا " نعتذر عمّا بدر منـــــــــا " كانت هذه العبارات جُلَّ ما سمعته [ رانيــــا ] من تلاميذ قسمها ، بدت سعيدة بعد هذا الإنقلاب المفاجئ .. وخجلة من لطفهمـ في نفس الوقت . نظرت نحوها [ عبير ] فرِحةً لفرحها ، وممتنةً لما فعله [ وســـامـ ] من أجل ابنة عمها . دخل صوتٌ لأذني [ عبير ] .. يقول : " مجددًا .. أتوعد بأن أطـــبع اسمي في حياتكِ أيتها .. المســــتجدِّة " التفتت [ عبير ] نحو [ وصـــال ] ، لتجدها في أوجه غضبها ، خاصةً بعد أن رحّب كل التلاميذ بـــ [ رانيــــا ] . رددت [ عبير ] في نفسها : " وأنا لكِ بالمرصاد.. " ●●● أرجو عدمـ الرد .. إلى أن أنتهي
|
|||||||||||||||||||||||
منذ /15-01-2010, 03:57 PM | #6 | |||||||||||||||||||||||
محررة مجلة بنات|ملكة التنسيق
سوموي ♥ شوجو
|
●●● تمامـ الرابعة عصرًا ، هكذا أشارت ساعة يد [ رانيــــا ] ، نظرت بأبصارها بأجواء القسمـ ، كان شبه فارغٍ ، فقد كانت هذه فترة الإستراحة بالمدرسة .. فتحت حقيبتها ، وأخرجت منها سجّادة صغيرة الحجمـ ، توجّهت صوب أحد زوايا القسمـ ، فرشت به سجّادتها .. وكبّرت بادئة صلاتها .. تلت الصور التي اختارتها بصوتٍ أشبه بالهمس ، أربع ركعاتٍ ، إثنتان طويلتان .. وأخريتان قصيرتان .. كانت تلك صلاة العصر .. سلّمت يمناها ويسراها ، قامت من على الأرض ، طوَت سِجّادتها ، وأدخلتها الحقيبة .. التفتت خلفها ، فإذا بها [ عبير ] تفتح إحدى نوافذ القسمـ ، ليدخل من خلالها نسيمـ عليل أخذ يداعب ثيابهما .. استدارت [ عبير ] نحو [ رانيــــا ] .. قالت وعلى وجهها ابتسامة لطيفة : " من بعدك .. أستطيع استعارة سِجادتكِ قليلاً ؟ " ابتسمت [ رانيــــا ] : " بالتأكيد .. " وناولتها السجادة .. بينما [ عبير ] تفرش السجادة بادئة صلاتها ، توجهّت [ رانيــــا ] صوب النافذة .. تنظر بعينيها المخضرّتين نحو السماء الزرقاء ، التي استحوذت الغيومـ البيضاء على شيءٍ من مساحتها ، ظلّت تستغرق بنظرها في السماء لمدة يسيرة .. سمعت صوت ارتطامـ كرة بالأرض ، نظرت للأسفل نحو الساحة لترى مصدر الصوت .. شاب طويل القامة ، ينطط كرةً أشبه في شكلها بكرة السلّة ، بدا مظهر ذاك الشاب مألوفًا لـــ [ رانيــــا ] .. أخذت تدقق ,, اتسعت عيناها .. ونطقت هامسةً : " [ علــــــي ] ؟! " .. حاولت أن تنزل قليلاً لترى .. إلاّ أن الشاب قد انصرف .. التفتت نحو [ عبير ] .. لتجد أنها قد أنهت صلاتها ، انطلقت صوبها ، خطفت منها السجادة ووضعتها في درجها ، أمسكت يد [ عبير ] وجرتها معها .. [ عبير ] باندهاش : " هيي [ رانيــــا ] .. ما خطبك ؟ " توقفت [ رانيــــا ] لوهلة ، نظرت إلى [ عبير ] .. قالت مزيحة عينيها إلى اليسار : " تعرفين [ عليـــًا ] .. أليس كذلك ؟ " [ عبير ] : " بـــــلى .. ابن خــــالتكِ [ منى ] .. " [ رانيــــا ] : " يدرس هنا ؟ " [ عبير ] : " وما أدراني أنا ؟ لمَـ تسألين عنه ؟ " مشت [ رانيــــا ] و [ عبير ] تتبعها : [ رانيــــا ] : " خُيّل لي أنني رأيته بالساحة .. " [ عبير ] : " وماذا في ذلك ؟ هيي [ رانيــــا ] .. أمركِ لا يعجبني ! " [ رانيــــا ] : " ما كان ينقصني هو أن يكون ذاك المختل هنا .. " وصلت الفتاتان إلى الباب المؤدي إلى الساحة .. ارتطمت كرة سلةٍ بقدمـ [ رانيــــا ] .. نظرت [ رانيــــا ] إلى الكرة .. ثمـّ وجّهت أبصارها إلى الأمامـ .. فإذا بهِ شابٌ طويل القامة يأتي راكضًا نحو [ رانيــــا ] و [ عبير ] .. اتسعت عينا [ رانيــــا ] .. وفتحت فمها .. نظرت [ عبير ] إلى [ رانيــــا ] .. ابستمت وضربت بذراعها ذراع [ رانيــــا ] .. وقالت : " ذكرنا القط .. جاءنا ينط .. " بقيت [ رانيــــا ] على صمتها .. وصل [ علي ] إلى الفتاتين .. انحنى ليلتقط الكرة .. قال وهو ينهض : " المعذرة لمـ أقصد أن .... " قطع كلامه بعدما نظر إلى [ رانيــــا ] .. [ علي ] : " أوه ! أهـــــلاً [ رانيــــا ] .. صدفة سارّة " [ رانيــــا ] تحرك عينيها بارتباك : " آآ .. أهــلاً [ علي ] .. ربما .. قد تكون سارّة " [ علي ] مشيرًا إلى الفتاتين : " دعاني أحزر .. تدرسان بنفس القسمـ .. " [ عبير ] : " بــــلى .. لا تخشَ شيئًا .. [ رانيــــا ] بين أيدٍ أمينة .. " [ رانيــــا ] صارخة بوجه [ عبير ] : " [ عبير ] ؟! " ضحكت [ عبير ] .. وابتسمـ معها [ علي ] .. نادى أحد الشباب [ عليــــًا ] ليُحضِرَ الكرة حتى يستطيعوا إكمال المباراة .. أشار [ علي ] يده لذاك الشاب ، معلنًا له عن قدومه .. عاد واستدار نحو الفتاتين ، ابتسمـ تارة ينظر صوب [ رانيــــا ] ، وتارة أخرى صوب [ عبير ] ، وقال : " اسمحا لي .. رُفقةٌ تنتظرني ".. وانصرف من عندهن .. تنهّدت [ رانيــــا ] تنهيدة طويلة ، وقالت بتذمر : " رائــــــع ! اكتملت العائلة .. كمـ أنا محظوظة ! " [ عبير ] : " حسب ما أرى .. أنتِ لا تطيقين [ عليــــًا ] ، ما السبب يا ترى ؟ " [ رانيــــا ] : " لمـ تتعاملِ معه .. لهذا لا تعرفينه " [ عبير ] بتذمر : " يبدو أنني التي لا تعرفكِ جيدًا .. " ●●● دخـــل بخطواتٍ هادئة ، يده في جيبه ، ما إن وطئت قدمه باب القسمـ حتى أنزل أبصاره أسفلاً ، قصد مقعده بلا أي التفات .. جلس عليه ، أرجع يده اليمنى إلى الوراء وأدخلها في حقيبته ، أخرج منها كتابًا صغير الحجمـ ، وجعل يقلّب صفحاته .. هبَّ النسيمـ المنبعث من النافذة التي تركتها [ رانيــــا ] مفتوحة ، ليداعب خصلات شعره الأسود المنسدل على وجهه الجميل .. التفت إلى النافذة ، نظر إليها بشرود ، أعاد نظره إلى الكتاب ، تنهد ، وأعاد ظهره إلى الكرسي .. " لستُ بمُخيّر .. لا بدّ من إخفائه " نطق بتلك الكلمات وهو ما يزال على شروده ، واضعًا يده على صدره ، ضغط على قميصه ، وأغمض عينيه .. التفت يمينه ، فإذا برفيقه قادمـٌ يقصد في وجهته القسمـ ، دخل رفيقه بسرعة كبيرة ، بدا عليه الإنزعاج ، اتجه نحوه ، وقف أمامه منتصب القامة ، ينظر إليه وعلى عينيه علامات الغضب الجامح .. " [ وســــامـ ] .. منذ متى تتركنا ونحن في وسط المباراة ؟ " نطق بها [ أنس ] مخاطبًا صديقه .. أزاح [ وســـامـ ] نظره عن صديقه ، شرع بالحديث ، إلاّ أن [ أنســــًا ] قاطعه : " سببتَ لي الإحراج .. ماذا أقول للشباب ؟ " [ وســــامـ ] : " لا أستطيع اللعب يا [ أنس ] .. متعبٌ فقط ، هذا كل ما في الأمر " [ أنس ] وعلى وجهه علامات الإستغراب : " متعب ؟ لمـ نلعب سوى بضع ثوانٍ .. متى تعبت ؟ " [ وســـــامـ ] : " [ أنــس ] .. رأسي يؤلمني ، لا أستطيع اللعب الآن ، دَع أمر الشباب لي ، أنا من سيشرح الامر لهمـ ، لا لومـَ عليك " [ أنــــس ] : " رائــــع ! قبل قليلٍ لقيتُ منهمـ التوبيخ ، وتقول لي أنني لستُ ملامًا .. جميــــل جدًا ! ,, سلامة رأسك يا أخي " وانصرف غاضبًا من عند صديقه .. تابع [ وســـــامـ ] رفيقه ببصره ، بدا عليه الحزن الشديد ، تمتمـ قائلاً : " اعذرني يا صديقي .. فما بيدي حيلة .. آهٍ لو تدري فقط " استند على الطاولة بذراعه اليمنى ، وضع رأسه عليها ، كمن يريد النومـ فوق الطاولة .. ●●● { ترررر~رررررررن } كان هذا صوت جرس المدرسة ، معلنًا بذلك انتهاء فترة الإستراحة ، شرع تلاميذ المدرسة بالدخول إلى الأقســــامـ ، والأساتذة يساهمون في إدخالهمـ .. أمسكت [ عبير ] يد [ رانيــــا ] ، وأخذت تجرها من وسط الساحة .. [ عبير ] وهي تجر [ رانيــــا ] : " هيــــّا .. لن تجدِ من يحتمل تأخير تلاميذه " [ رانيــــا ] : " طيب طيب .. تمهلي يا [ عبير ] ، هذه ذراعي .. لا تنسِ ذلك " ضحكت الفتاتان .. وواصلتا مسيرهما نحو القسمـ .. صعدتا الدرج ، ما إن وصلتا لنصفه حتى توقفت [ عبير ] مكانها ، وأنزلت رأسها ، نظرت نحوها [ رانيــــا ] ، لمـ تفهمـ لماذا فعلت ذلك ، صوبت نظرها للأمامـ ، فإذا به أستاذٌ ضخمـ الجثة ، يقف أمامها كالجدار .. " أتعانيــــان مشاكل في السمع ؟ " صرخ بهذه الكلمات الأستاذ الواقف أعلى الدرج ، فزعت [ عبير ] و [ رانيــــا ] ، لمـ ترد أيٌ من الفتاتين .. صرخ مجددًا : " أجيبـــــا ! " [ عبير ] : " لا يا سيدي .. لا نعانِ أية مشاكل سمعية " الأستاذ : " هذا يعني أنكما قد سمعتما الجرس " [ رانيــــا ] : " بلى .، سمعناه " الأستاذ صارخًا : " إذاً ما الذي أخركما ؟ " [ عبير ] : " كنّا في طريقنا لقسمنا الآن .. لمـ نقصد التأخر " الأستاذ : " أرشداني هيا إلى قسمكما " أرشدتِ الفتاتان الأستاذ إلى قسمهما ، وقفت [ رانيــــا ] و [ عبير ] أمامـ الباب .. [ رانيــــا ] : " سيدي .. هذا هو قسمنا " أشار الأستاذ للفتاتين أن تتنحيا جانبًا ، ففعلتا ، فتح الأستاذ الباب ، فإذا بالقسمـ أستاذة تقف محدثة الطــــلاب .. دخل الأستاذ ومعه الفتاتان ، نظر في أرجاء القسمـ ، وقال مخاطبًا المعلمة : " عذرًا منكِ سيدة [ نورة ] ، هل القسمـ مكتملٌ لديكِ ؟ " الأستاذة [ نورة ] : " أجــــل .. مكتمل ! " الأستاذ : " تأكدي من ذلك مجددًا إن سمحتِ " أزالت الأستاذة [ نورة ] نظّاراتها الكبيرة ، وشرعت تتنقل بأبصارها في أرجاء القسمـ ، انتبهت أن المقعدين خلف [ أنــس ] و [ ســـــامـ ] فارغين .. تفاجأت الأستاذة ، وقالت مخاطبة التلاميذ : " لمن هذين المقعدين ؟ " التفت الجميع صوب المقعدين .. الأستاذ : " لهاتين الفتاتين .. ادخلا هيّا " دخلت [ رانيــــا ] و [ عبير ] القسمـ ، منزلتا رأسيهما للأسفل تشعران بالإحراج .. " رائــــــع ! مشكلة جديدة .. " نطق بها [ أنــس ] بصوتٍ شبه هامسٍ وهو يضع يده على رأسه .. أكمل الأستاذ حديثه : " عذرًا لتعطيلك يا أستاذة ، وجدتهما في الخارج تمرحان " ردت [ رانيــــا ] : " لمـ نكن نمرح .. لقد ...... " قاطعتها المعلمة : " ولا كلمة .. لستِ في موقفٍ يسمح لكِ بالتحدث " أكملت حديثها موجهة إياه إلى الأستاذ : " أشكركَ يا أستاذ [ عبد الواحد ] .. وصلت أمانتك " الأستاذ : " طيب .. لا شُكر على واجبٍ .. أعتذر مجددًا " وانصرف الأستاذ مغلقًا خلفه الباب .. بقيت الفتاتان واقفتا منزلتا رأسيهما للأرض .. توجهت نحوهما الأستاذة [ نورة ] ، وقالت : " ما اسمكا ؟ " [ رانيــــا ] : " .. [ رانيــــا ] .. " [ عبير ] : " وأنا [ عبير ] .. " الأستاذة : " فكرتُ في أن أنقص كلاً منكما نقاطًا في السلوك على هذا الفِعل .. إلاّ أنني سأتغاضى هذه المرة عن هذا الخطأ .. شريطة ألاّ يتكرر الأمر " طأطأت الفتاتان رأسيما موافقتان على ما قالته المعلمة .. أذِنت المعلمة لهما أن ينصرفا .. فانصرفتا .. عادت [ عبير ] و [ رانيــــا ] إلى مقعديهما تجران معهما أذيال الحرج من هذا الموقف ، ما إن وصلتا إلى مقعديهما ، حتى إنطلقت ضِحكة عرفتها [ عبير ] قبل أن تنظر حتى إلى مصدرها .. أصدرت [ وصــــال ] تلك الضِحكة ، وبنظرة خبيثة نظرت إليهما .. بدا الغضب واضِحًا على وجهه [ عبير ] ، هدّأت [ رانيــــا ] من إنفعالها وجلستا إلى مقعديهما .. أنزلت [ رانيــــا ] رأسها ، باديًا عليها الحزن الشديد .. وقالت محدثة نفسها : " رائـــــــــع!بداية موفقة في يومي الأول .. إحراج في موقفين متتاليين .. كمـ أنا محظوظة ! " أمـــــّا [ عبير ] .. فقد لمعت نيران الغضب في عينيها المخضرّتين جرّاء ضِحكة [ وصـــال ] .. حدّثت نفسها .. قائلة : " تغاضيتُ كثيرًا .. أمـــّا الآن ، فلا " ••• تترقب وتترقب ، تهزّ قدمها بتوتر ، تود فقط لو أن الحصة تنتهي ، حتى تُقبل على ملعمتها تطلب منها السمــــاح .. هذا ما كان يجول داخل [ رانيــــا ] .. دقيقة تلت الدقيقة ، ومعلومة تلت المعلومة .. شارفت حصة اللغة العربية للأستاذة [ منيرة ] على الإنتهاء ، و [ رانيــــا ] تترقب نهايتها على أحرّ من الجمر .. { ترررررر~رررررن } هزّ صوت رنين جرس المدرسة جدرانها ، ليعلن بذلك نهاية الحصة السابعة ، وبداية الحصة الثامنة والأخيرة .. سارعت [ رانيــــا ] وقامت من على مقعدها .. التفتت نحوها [ عبير ] .. [ عبير ] : " إلى أيــــن ؟ " [ رانيـا ] : " إلى الأساذة [ منيرة ] .. " [ عبير ] : " لمـَ ؟ " [ رانيـا ] : " حسنٌ .. أنبني ضميري ، وودتُ لو أعتذر منها .... أتأتين معي ؟ " [ عبير ] : " إذهبي وحدك .. ستردكِ خائبة ولا شك " [ رانيـا ] : " ما سبب ثقتكِ أنها ستردني خائبة ؟ المحاولة خيرٌ من الجلوس بلا حِراك " [ عبير ] : " لن أمنعك .. لو شئتِ فاذهبي " لمـ تكترث [ رانيــــا ] لحديث [ عبير ] ، بل توجهت إلى معلمتها ، تلتمس منها العذر .. تابعتها [ عبير ] بأبصارها ، منتظرة ابتعادها عن المقعد .. " جيــــّد ، ابتعدت أخيرًا " رددت [ عبير ] هذه العبارة في داخلها ، وجّهت أبصارها نحو [ وســـامـ ] .. نادت [ عبير ] [ وســــامًا ] بصوتٍ أشبه بالهمس ، ليلتفت هو نحوها .. [ وســامـ ] : " ناديتني ؟ " [ عبير ] : " بلــــــى .. وددتُ فقط لو .... " [ وســــامـ ] : " مـــاذا ؟ " [ عبير ] : " أشكركَ لما فعلته مع ابنة عمي " صمتَ [ وســـامـ ] لوهلة يسترجع ما بذاكرته ، تذكر موقف الضفدع .. [ وســــامـ ] مبتسمًا : " آه !! لا داعي للشكر .. ابنة عمك ؟! " [ عبير ] : " أجـــل .. ! " التفت [ أنــــس ] إلى [ عبير ] ,, [ أنـــس ] : "اتضح الأمر الآن ! " [ عبير ] : " أي أمر ؟ " [ أنـــس ] : " الشبه الذي بينكما .. وجدنا الآن تفسيره " [ عبير ] بضحكة خفيفة : " والدي ووالد [ رانيــــا ] توأمان .. وكلٌ منّا تشبه أباها .. فلا تستغرب " أكملت حديثها : " على كلِ .. أسعدني موقفكَ يا [ وســـامـ ] .. شكرًا لك " أومأ [ وســـامـ ] برأسه : " لا شُكرَ على واجب " أعادت [ عبير ] أبصارها باتجاه [ رانيــــا ] ، لترى يد المعلمة موضوعة على كتفها ، والمعملة تبتسمـ لها .. استغربت [ عبير ] مما تراه ، فالأستاذة [ منيرة ] معروفة بصلابتها مع تلاميذها ، ولا مجال للتحدث معها . خرجت المعلمة ، وعادت [ رانيــــا ] إلى مقعدها فرِحة سعيدة بما فعلته .. جلست بجوار [ عبير ] ، وعلى وجهها تلك الإبتسامة الحلوة .. [ رانيــــا ] مستهزئة : " ستردكِ خائبة ولا شك .. واضـــــحٌ جدًا ! " [ عبير ] : " وما أدراني أن صلابتها تلك يمكن بإعتذارٍ أن تلين ؟ " [ رانيــــا ] : " أخبرتكِ أن المحاولة خيرٌ من الجلوس بلا حِراك ، لكن .. عبثًا أحوال " حركت [ عبير ] رأسها يمينًا ويسارًا تتأفأف من حديث [ رانيــــا ] ، قامت من مقعدها ، وتوجهت صوب النافذة المفتوحة مسبقًا ، تبعتها ابنة عمها لتقف بجوارها .. ••• دامـ الصمت بينهما طويلاً ، الأول بقيت أبصاره صوب طاولته ، والآخر تارةً يلتفت نحوه ، والتارة الأخرى نحو طاولته .. [ أنــس ] و [ وســـامـ ] اللذان نشب بينهما الخلاف السابق أثناء الإستراحة .. " لا بدّ من إرضائه " هكذا كان [ وســـامـ ] يردد في داخله ، لما أحسه من تأنيبٍ للضمير بعد الذي جرى بينهما .. رسمـ على وجهه شبه ابتسامة ، التفت صوب صديقه ، و شارع في حديثه .. [ وســـامـ ] : " ابتهج يا صـــاحبي " لمـ يرد [ أنــس ] بأي كلمة ، أغمض عينيه وتنهد ، ليثبت بذلك تجاهله التامـ لرفيقه .. عاد [ وســـامـ ] وابتسمـ مجددًا ، اقترب من صديقه ، أمسك بيده اليمنى يد رفيقه ، ليلتفت إليه [ أنـــس ] .. [ وســــامـ ] : " أهنالك مجال للإعتذار ؟ " [ أنـــس ] : " أن تتركني أواجه لومـ الشباب وحدي .. أنانية " [ وســــامـ ] : " أخبرتكَ أنني كنتُ متعبًا ,, ألا يكفي هذا المسوغ ؟ " صمت [ أنـــس ] ، نظر نحو صديقه ، ليجد أنه يبستمـ إليه بصدق .. أغمض عينيه ، وضحك ضِحكة خفيفة غير مسموعة ، فتح عينيه وصوب أنظاره نحو [ وســــامـ ] .. [ أنـــس ] : " إعتذراك مقبول .. لكن ويحك أن تكررها " [ وســــامـ ] : " ألديكَ شكٌ في ذلك ؟ " [ أنـــس ] : " مممممممـ ,, لا .. لا أظن .. " ضحك الإثنان معًا ، كلٌ يقابل الذي أمامه .. ليُصلح الخلاف بينهما .. ••• نظرت بعينيها نحو ساعة معصمها السوداء ، التي انعكست عليها أشعة السمش .. انتقلت أنظارها إلى [ عبير ] .. وعلى وجهها علامات التساؤل .. [ رانيــــا ] : " ألن ندرس هذه الحصة ؟ " [ عبير ] : " صدّقيني .. ستشتاقين إلى الدروس " [ رانيــــا ] : " لمـــاذا ؟ " [ عبير ] : " كثرة الحصص الفارغة ستساهمـ في ذلك " [ رانيــــا ] بتذمر : " وأنا التي أتحمس شوقًا للدراسة .. أقلتُ مسبقًا أنني محظوظة ؟ " [ عبير ] : "بلــــى .. حتى حفظتها منكِ حِفظًا .. " ضحكت [ رانيــــا ] من ردت [ عبير ] ، ضربت بلطفٍ رأس [ عبير ] وكلٌ منهما تضحك للأخرى .. لتنعكس من خلالهما أبهى صور الصداقة .. ••• تمامـ السادسة مساءً ، رنّ جرس المدرسة ليحين موعد إنصـــراف الطلاب إلى منازلهمـ .. إنفصلت [ عبير ] عن [ رانيــــا ] لتذهب كلٌ منهما إلى منزلها .. دخلت [ رانيــــا ] إلى دارها ، لتجد كلاً من والديها يجلس في غرفة المعيشة يترقبان مجيئها ، ألقت التحية على والديها ، قبّلت رأسيهما ، صعِدت إلى غرفتها ، غيرت ثيابها ، واستلقت مباشرةً على سريرها .. " آآآه .. يومـٌ بديع قضيته .. الصدفة الغريبة ، شجار ، إحراجٌ مع الضفدع ، وجود [ علي ] ، وذاك الموقف المحرج الأخير .. " .. قالتها [ رانيــــا ] تعدد ما حصل معها في يومها الأول .. استقامت في جِلستها ، نظرت إلى الساعة الموضوعة قُرب سريرها ، لتجد أن موعد صلاة المغرب قد حـــــان ,, توجهت صوب مغسلة الحمامـ ، توضأت ، لبِسَت عباءتها ، فرشت سِجادتها ، وكبّرت مُعلِنة بدء صلاتها .. أنهت صلاتها ، عادت إلى غرفة المعيشة ، لتشارك والديها جلستهما .. ••• أرجو عدمـ الرد .. إلى أن أنتهي
|
|||||||||||||||||||||||
منذ /15-01-2010, 04:04 PM | #7 | |||||||||||||||||||||||
محررة مجلة بنات|ملكة التنسيق
سوموي ♥ شوجو
|
إنقلب وجهها رأسًا على عقِب ، من فرِحٍ لحزينٍ ، ومن سعيدٍ لعبوس .. كيف لا ؟ وعائلتها تعاني الأمرين .. خلاف والديها ، يدفع ثمنه أبناؤهما .. أجــــــل ،، عائلة [ عبير ] .. فتحت باب المنزل بهدوء ، تنظر خِلسة لمن يتواجد في المنزل ، سمعت صوت تلفاز غرفة المعيشة يملؤ المنزل .. لتتيقن أن أخــــاها متواجد بالبيت .. دخلت ، نزعت حِذائها ، وضعت حقيبتها بجانب الأريكة ، ألقت التحية على أخيها ، وجلست بجــــــــواره .. [ عبير ] : " [ هشـــامـ ] .. أبي بالبيت ؟ " [ هشـــامـ ] : " لا .. خرج قبل قليل .. " [ عبير ] : " وأمــك ؟ " [ هشـــامـ ] : " في غرفتها .. " أكمل حديثه : " آثار وجه والدتك ، دليلٌ على شِجارٍ جديد " تغير وجه [ عبير ] ، ليحمل لمن يراه كل كلمات الحزن والألمـ .. ردّت على شقيقها : " مع الأسف .. ذاك الخِلاف سيدومـ مطولاً " [ هشـــامـ ] : " ونحن علينا الضريبة " [ عبير ] : " والدكَ يقول أنه لا علاقة لنا .. فما رأيك ؟ " [ هشـــامـ ] : " يطلب المستحيل ، فمن حيث ذهبت الإبرة ، تبعها الخيط .. والدانا الإبرة ، ونحن الخيط .. " [ عبير ] : " مــــع الأسف .. أنتَ محق .. " نهضت [ عبير ] من عِند أخيها ، قاصدةً بذلك غرفتها الخاصة .. [ هشــــامـ ] .. الأخ الأكبر لــ [ عبير ] ، يدرس بأول سنة في الجامعة ، الهندسة المعمارية ، هذا ما وقع عليه اختياره كإختصاص .. متوسط القامة ، ليس بطويلٍ ولا بقصير ، أسود الشعر كشقيقته ، يصل لرقبته ، يمتاز بلمعة بيضاء ، أبيض البشرة ، بني العينين .. بهي الوجه .. يشبه أمه في شكله ، خِلاف شقيقته .. التي حضيت بجمال والدها .. ••• وقف أمامـ باب منزله ، ينظر إلى مقبضه بشرود ، تردد قليلاً قبل فتحه ، إلاّ أنه حسمـ أمره في نهاية المطاف .. فتحه بتمهّل ، ليرى أن الظلامـ ساد على المنزل في كل أرجائه ، جعل بقدمه تطأ باب الدار ، بيده اليمنى أشعل ضوء المنزل ، ليزيح ذاك الظلامـ الدامس بالمنزل .. لا أحد بالمنزل ، هذا ما أبصرته أعين [ وســــامـ ] السوداء ، تقّدمـ ناحية الطـــاولة المحيط بها طقمـ الأريكة .. انتبه على جواله ، إذ أنه احتوى على رسالة نصية .. فتحها ، ليــــــــجد بها .. بنــي ~ .. والدك لديه عملية طــارئة يتحتمـ عليه عملها .. وأنا لمـ أنتهِ بعدُ من عملي .. ,, تركتُ لكَ وجبتكَ المفضلة فوق الطاولة .. كله واستذكر دروسك ونمـ ,, سنتأخر ، فلا تنتظرنا .. هكذا احتوت الرســالة التي أرسلتها والدة [ وســــامـ ] لابنها عبر الجــــوال .. قطّب حاجبيه ، ضيّق قبضته حول جواله ، وألقاه بعيدًا عنه ، ليستقرّبين وسائد الأريكة .. ألقى جسده بخفة فوق أريكة لشخصٍ واحدٍ ، كجثةٍ هامدةٍ وقعت عليه .. " وكأنني لمـ أعتد على غيابكما " .. رددها [ وســـامـ ] واضعًا يده على صدره ، شادًا بقوة على قميصه .. أغمض عينيه ، تنهد ، فتحها لتستقر على الطـــاولة التي احتوت على طـــــاجنٍ بني اللون ، فتحه ، فإذا به طــاجن الدجاج مع البطاطس المقلية .. نظر إليه بشرود ، تمتمـ قائلاً : " وكأنني سأشعر بمذاقه ! " ••• صوت خطواته الهادئة قطع صمت ذاك الفجر ، بشفتيه جعل يتابع المؤذّن في أذانه ، رفع أبصـــاره ناحية السماء ، شبه ظلماء ، ذاك الفجر الصادق ، ميقات ذهابه إلى المسجد ، حيث يجد راحته وإطمئنانه ، حيث يجد سكينة قلبه ,, نزع نعله ، ووضعه أمامـ باب المسجد ، بيده اليمنى أمسكَ مقبض الباب ، وبرجله اليمنى كذلك دخل المسجد ، وأذكار دخول المسجد ذكر .. شبه خاوٍ ، هكذا كان حال ذاك الجامع ، جعل بعينيه السوداوتين تجوبان أركان الجامع ، أنزل رأسه ، رفع يده اليمنى وكبّر بها لوحدها ، فكيف يكبّر بيدٍ عاطلة عن العمل ؟ شرع في صلاته ، والخشوع يملؤ قلبه ، بذاك الصوت البديع بدأ يتلو سور صلاته ، ثوانٍ مضت ، عنده كالساعات مرّت ، كَرِه أن يوفقها ، وتمنّى لو تدومـ ,, فاضت عيناه ، سارع بمسح دومعها ، كي لا يراه مخلوقٌ يبكي عدا ربّه ، رفع أبصــــاره إلى الأعــــلى ، ومعها رفه يمناه ، في وضعية من يشكو ربّه ، " اللهمـ ألهمني الصبر .. " هذه هي رسالته إلى الله ، رسالةٌ ما سمعها ورآها غير خالقه ، وما شكاها لأحدٍ سواه ,, إتخذ إحدى زوايا الجامع مكانًا له ، أمسكَ أحد المصاحف الشريفة ، وشارع بتلاوته .. نظر للأمامـ ، فإذا به الإمــــامـ ينظر ناحيته ، ابتسمـ له صاحبنا ، وبادله الإمامـ نفس الإبتسامة .. " ما أسعد والداك بكَ يا [ وســـــامـ ] .. ! " هذا ما ردده إمامـ الجامع لذا رؤيته لصـــاحبنا ,, ••• رفعت أكفّها إلى الأعلـــى ، لمـ تقصد بها عُلوّ السمـــاء ، بل ما فوق ذاك العلو .. تسبّح وتشكر ، أجـــل تخاطب بقليل الكلمات مجيب الدعوات .. مسحت بكفّيها وجهها المتورد ، طوت سجّادتها ، نزعت عبائتها وخِمارها ، إلى سريرها عادت ، ونومها أكملت ، فما ردعها النومـ عن القيامـ بصلاتها ,, غفت بالفعل ، اختفت عيناها المخضرّتان تحت جفنيها ، فتحت والدتها باب غرفتها ، تقصد بذلك الإطمئنان عليها ، نظرت خِلسة خلف الباب ، ها هي ذا تغطُّ في نومها ، كالملاك الصغير ، تغطُّ ابنتها [ رانيــــا ] في نومها كالملاك .. وقف والدها خلف زوجته ، التفتت ناحيته زوجته ، ابتسمت له ، وبادلها الإبتسامة ، أعادت أبصارها ناحية ابنتها ، وبهدوءٍ شديدٍ ، أغلقت الباب ,, ••• السابعة صباح يومـ الأربعاء ، ملأ رنين ساعتها أرجاء غرفتها ، وهي ما تزال مصرّة على نومها ، ترن وترن ,, فلا حياة لمن تنادي ، دخلت والدتها غرفتها ، أمسكت الساعة وأوقفتها عن الرنين ,, خاطبت ابنتها : " أراهن بكل ما أملك أنكِ لن تستيقظِ حتى لو وقعت بجانبكِ أكبر القنابل الذرية " التفتت صوبها ابنتها ، استقامت في جِلستها .. " كمـ الساعة يا أمي ؟ " رددت [ عبير ] هذه العبارة ، ويدها تحكُّ عيناها ,, وقفت والدتها بجوارها ، وقرّبتِ الساعة من ناظريها ، التفتت صوبها [ عبير ] ، والتقت أبصارها بعقارب الساعة .. فإذا بها تشير إلى السابعة والربع ,, " تــــــــــأخرت !!!!! " صرخت بها [ عبير ] بعد أن ارتدت من فوق سريرها ، نحو المغسلة توجهت ، ودقائقٍ أخرى أمضتها في ارتداء ثيابها ,, [ عبير ] : " لماذا لمـ توقضيني يا أمـــاه ؟ " والدتها : " والساعة التي نفذ صوتها من كثرة الرنين ؟! " [ عبير ] : " أكـــانت ترن من الأساس ؟ " والدتها : " الأجدر بكِ أن تجدي حلاً لنومكِ الثقيل " [ عبير ] بعد أن فرغت من وضع حجابها : " وكأن الأمر بيدي ... حسنٌ أنا ذاهبة " والدتها : " والفطور ؟ " [ عبير ] تخرج من غرفتها : " لا داعيَ له .. إلى اللقاء .. " وتركت أمـــها تراقبها بأنظارها .. ظلّت والدتها تفكر .. " في الشكــــــل فقط .. هذا ما تشبهينه " وفي داخلها هذه العبارة رددت .. ••• على مقعدها جلست ، و محفظتها وضعت ، تنتظر رفيقتها ، وناحية الباب ظلّت تتأمل ,, كان هذا حال [ رانيــــا ] التي ظلّت تنتظر [ عبير ] التي بدا لها أنها قد تأخرت .. خشيت من ألاّ تحضر ابنة عمها اليومـ ، والخوف بدأ يغمر قلبها ، قطع ذاك الخوف وتلك الخشية حضور [ عبير ] أخيرًا ,, ابتسمت [ رانيــــا ] لذا رؤيتها لابنة عمّها ، جلست [ عبير ] بجوار [ رانيــــا ] .. وكلٌ للأخرى تبتسمـ ، بدا على [ عبير ] الإرتباك .. [ رانيــــا ] : " ما سبب تأخيرك ؟! " [ عبير ] : " النـــــــومـ .. " [ رانيــــا ] تحاول إخفاء ضِحكتها : " حمدًا لله على وصولكِ " بقيت الفتاتان تتجاذبان أطراف الحديث بينهما .. إيقاع خطواته الثابتة ملأ أرجاء الممر ، وإلى القسمـ توجه ، ارتبك الطلاّب لذى رؤيته ، فكيف لهمـ أن يبقوا واقفين والأستاذ [ معاذ ] قد حضر إلى القسمـ ؟ إلى مقاعدهمـ جلسوا ، وكتب الجغرافيا وضعوا ، استعدادًا لبدء الحصة .. جاب بنظره أركان القسمـ ، وبدون أن ينطق بأي كلمة ، التفت صوب الصبورة يخطُّ عنوان الدرس المقرر على التلاميذ أخذه ,, شدَّ انبتاه الأستاذ [ معاذ ] صوت الباب وهو يُدق ، فتح أحد الأساتذة باب القسمـ ، وجعل يُخاطب الأستاذ [ معاذ ] سرًا بينه وبين زميله ,, عاد الأستاذ الدخيل إلى الباب ، وبدا أنه يُشير إلى أحدهمـ أن يدخل .. ما إن وطِئت قدمها باب القسمـ حتى فتح الجميع فمه ، فتاة ! هذا ما بدا لهمـ ، شعثاء الشعر ، ذات ثياب غريبة ، تداخلت الألوان غريبة في ملبسها ، الأحمر ، الابيض ، الأسود ، الزهري بدرجاته ، كذلك الأزرق .. السلاسل الغليظة والكبيرة ملأت صدرها ، وعلى عُنقها عِقدٌ مشوكٌ غريب المنظر ، كمُـ قميصها الأيسر خُطِطَ بالأسود والأحمر ، والكمُّـ الآخر نصِفه قد خُلِع .. حذاؤها القبقاب جعل إيقاع القسمـ يتغير ، من هادئٍ لصاخب ,, كأن جيشًا من الجنود قد حلّ على القسمـ ,, " خريجة أي مشفىً هذه ؟ " هذا ما نطق به [ أنـــس ] مندهشًا مما تراه عيناه ,, أمــــّا [ وســــامـ ] فقد أبقى فمه وعيناه مفتوحتان ، لا يدري أهو في عِلمـٍ أمـ في حُلمـ ,, بدأت [ عبير ] تهزُّ كمـَّ [ رانيــــا ] الأيمن التي بقيت تراقب الفتاة بعينيها ، التفتت صوبها [ رانيــــا ] ، لترى على وجه [ عبير ] كل علامات الإستغراب والتعجب .. [ عبير ] : " أي شعرٍ ذاك الذي أرى ؟! أنفذ المشط من السوق ؟! " [ رانيــــا ] : " دعيكِ من شعرها ، أنظري إلى هِندامها فقط ... عجبًا !! " " رائــــــــع ! هذا ما كان ينقصنا ,, مستـــجدّة جديدة أخرى ! " بهذه الكلمات حرّكت [ وصــــال ] شفتيها ، تستغرب مما تراه ، وبجانبها [ أمـــل ] التي رُسِمت علامة التعجب في ملامحها .. تقدمت الفتاة من الأستاذ [ معاذ ] ، ظلّ الأستاذ ينظر إليها نظرة المستغرب المتعجب منها ، " ما اسمك ؟ " هذا ما استطاع الأستاذ [ معاذ ] النطق به بعد إنصراف الأستاذ الدخيل .. " [ صــــــــوفي ] .. " كان هذا ردُّ الفتاة الجديدة .. بكل برودٍ قالته .. " أهنالك أي مقعدٍ شاغرٍ لزميلتكمـ الجديدة ؟ " حدّث الأستاذ التلاميذ بهذا السؤال ، مترقبًا منهمـ الجـــــواب ,, بدا له أن آخر مقعدٍ هو الشاغر من الصف الخامس للطاولات .. اتجهت صوب ذاك المقعد [ صــــــوفي ] .. لتجلس عليه واضعةً حقيبتها السوداء ، المملوءة جماجمـ رُسِمت باللون الأبيض ,, ظلّت [ رانيــــا ] تنظر إلى [ صوفي ] تلك النظرة المستغربة ، وهي تردد في داخلها ... " فيلـــــــمـ رعبٍ ... أشاهد ؟! " أرجو عدمـ الرد .. إلى أن أنتهي
التعديل الأخير تم بواسطة L м σ σ ѕ н ; 23-01-2010 الساعة 09:20 PM سبب آخر: بـ طلَبْ مِن آلـعضوِة =) |
|||||||||||||||||||||||
منذ /15-01-2010, 04:26 PM | #8 | |||||||||||||||||||||||
محررة مجلة بنات|ملكة التنسيق
سوموي ♥ شوجو
|
••• حصةٌ أخـــرى للأستاذ [ معاذ ] تنتهي ، فها هو جرس الثانوية يرنّ معلنًا بذلك إنتهاء موعد الحصــــة الأولـــى .. إنصرف الأستاذ ، بعد أن ترك الفرض المقرر على التلاميذ تنفيذه في منزالهمـ .. إلتفت [ عبير ] إلى الخلف ، توجه أنظـــارها ناحية [ صـــوفي ] التي جعلت من المقعد الأخير مكانًا لها .. لفت إنتباه [ رانيـــا ] مراقبة [ عبير ] لـــ [ صـــوفي ] .. [ رانيـــا ] : " [ عبير ] ! ما بكِ تراقبينها ؟! " [ عبير ] : " أشكُّ أنهـــا من جِنس البشر ! " [ رانيـــا ] : " دعكِ من سخافتكِ المعهودة .. هيّا , أنظري أمامك قبل أن تتورطي في المتاعب " [ عبير ] : " ليس قبل أن أتعرف عليها .. " نهضت [ عبير ] من عِند [ رانيـــا ] متجهة إلى [ صـــوفي ] .. وقفت [ عبير ] أمامــــها ، إنحنت قليلاً إلى الاسفل ، لتجلس على ركبتيها .. نظرت صوبهــا [ صـــوفي ] بنظرة جدّ باردة .. لمـ تبدِ أية حركتها إتجاهها .. بل ظلّت على برودها .. " قِـــــرط ! " هكذا رددت [ عبير ] محدثة نفسها بعد رؤيتها للقِرط الذي تضعه [ صــوفي ] في حاجبها الأيمـــن .. ظهرت عينا [ صـــوفي ] المكحلتين بشكلٍ مبالغٍ لــ [ عبير ] التي ظلّت تنظر إليها بتعجبٍ شديد .. [ عبير ] : " قلتِ أن اسمكِ [ صـــوفي ] .. أليس كذلك ؟ " [ صـوفي ] : " ماذا ؟ ألمـ يرق لكِ ؟ " [ عبير ] بارتباك : " لا .. لمـ أقصد هذا .. بل على العكس .. اسمكِ جميل " [ صــوفي : " ثمـّ ماذا ؟ " [ عبير ] : " آهـــا ؟ " [ صــوفي ] : " ماذا ورائك ؟ أمـ أنكِ أتيتِ فقط لتتأكدي ما إن كان هذا اسمي ؟ " [ عبير ] : " لا .. لا شيء .. فقط أحببتُ أن أتعرف عليكِ " [ صـــوفي ] بعد أن أدارت وجهها ناحية الشبّاك : " لا مجـــال لذلك .. " إندهشت [ عبير ] من ردّ [ صــوفي ] .. قامت من عِندها بهدوءٍ شديدٍ .. عائدة إلى مقعدها حيث تجلس [ رانيـــا ] .. جلست في مقعدهـــا ، نظرت صوب [ رانيـــا ] التي ظلّت تنتظر ابنة عمّها لتعطي رأيها بالمستجدة .. [ رانيـــا ] : " مـــاذا ؟ كيف وجدتها ؟ " [ عبير ] : " لا أمـــل منهــــا .. " [ رانيـــا ] : " مـــاذا ؟! " [ عبير ] : " تصـــــــوري أنهـــا تضع في حاجبها الأيمن قِـــرطًا ! " تسلّلت هذه العبارة إلى أُذنِ [ أنـــس ] الجالس أمامـ [ عبير ] .. " قِــــــرط !!!!! " رددها [ أنـــس ] مندهشًا ، ممسكًا بحاجبه الأيمن .. التفت ناحيـــة [ صـــوفي ] .. رأى أنها تجلس بصمتٍ شديد ، كتمثالٍ وُضِعَ في الركن الأخير من القسمـ .. ولسببٍ يجهله ، بلع لُعــــابَه .. و في نفسه ردد : " لا عجبَ أنهــــا تجلس لوحدها ! " ••• دخــل ذاك الاستاذ على التلاميذ ، بدا قويّ البنية ، أسمر اللون قليلاً ، ذو ملامح صلبة .. يحمل صفات الرجــل الرياضي .. وقف خلف الطــاولة المخصصة للأساتذة ، جاب بأبصاره القسمـ ، بادئًا بأول المقاعد ، خاتمًا بآخرهمـ .. [ وسـامـ ] مخاطبًا [ أنـــس ] : " أستــــــاذ الرياضة .. " [ أنـــس ] : " هذا ما يبدو عليه الامر .. " تبتبت [ رانيـــا ] على ذراع [ عبير ] : " أنظري .. نفس الشخص ! " [ عبير ] متفاجئة : " يا حبيبي !! أهو معملنا ؟! " لمـ ينتظر الشابان طويلاً ، فالأستاذ شرع في حديثه : " قد دخلتُ عليكمـ مسبقًا .. أنا الأستاذ [ عبد الواحد ] .. معلّمـ الرياضة لهذه السنة " لمـ ينطق أحدٌ بكلمة .. عاد الأستاذ وجاب بأبصاره القسمـ مجددًا .. وقـــال : " هيـــّا .. زمن الحصّة لن يتحمل التأخير " نهض التلاميذ .. خرجوا من القسمـ ، مرافقًا إيّاهمـ الأستاذ [ عبد الواحد ] .. ••• وسط الســـاحة ، حيث يوجد مكانٌ مخصصٌ لحصص الرياضة .. أمسك الأستاذ [ فيصل ] كرةً حمراء مخططة بالأسود ، أشبه في شكلها بكرة السلة .. وقف الأستاذ تحت عمودٍ أسود جدِّ طويل .. تعلـــوه سلّة كرة السلّة .. إستدار الأستاذ ناحية التلاميذ ، وقال محدثًا إيّاهمـ : " الفتيـــــان أولاً .. قسّموا أنفسكمـ لفريقين ، وباشروا باللعب .. " تقدّمـ [ وســـامـ ] إلى الأستاذ ، وجعل يُحادث الأستاذ بهمسٍ شديد .. [ وســـامـ ] : " أستـــاذ .. آ .. آآآ .. أنـــا .. " الأستاذ : " ماذا ؟ ما بك ؟ " [ وســــامـ ] : " لستُ من محبي هذه الرياضة .. " الاستاذ مستغربًا : " وفيما تستخدمـ هذا الطول كلّه ؟ " [ وســــامـ ] مبتسمًا : " كرة القدمـ .. " الأستاذ : " حسنٌ .. اليومـ كرة السلّة ، وفيما بعد كرة القدمـ .. هيّا .. " [ وســــامـ ] بتذمر : " طيب .. أمــــري لله .. " وبالفعل ، قسّمـ التلاميذ أنفسهمـ لفريقين ، أمّا الفتيات فقد ابتعدن عن مكان الملعب ، إذ أن بعضهن فضلّن الجلوس في أحد المقاعد الموجودة بالساحة .. بدأتِ المباراة بقذف الأستاذ [ فيصل ] الكرة للأعـــــلى .. بدا الحماس مشتعلاً بين الشباب , فها هي ذي الكرة ترتد من يدٍ لأخــــرى .. تلّقــــى [ أنـــس ] الكرة من أحد زملائه ، توقف للحظةٍ ، إذ أن المدافعين وقفوا أمامه يحاولون منعه من التمرير .. لمحَ بين أذرع المدافعين أحدهمـ يجري ملوّحًا له .. " [ وســـــامـ ] !! " هكذا نطق [ أنـــس ] بعد رؤيته لصديقه .. وبحركة سلسة وسريعة ، قذف الكرة .. لتستقر بين يدي [ وســــامـ ] ، سُرعة الرمية جعلت الكرة ترتطمـ بصدرِ [ وســـامـ ] ، تألمـ ، فتح عينيه على إتساعهما ، وقف يترنّح ، ليسقط على الأرض مغشيًا عليه !! إرتعب الجميع ، توجّه الشباب مسرعين إلى [ وســــامـ ] خائفين عليه .. وضعت [ رانيـــا ] يدها على فمها ، تسلل الخوف إلى قلبها ، لتحملها قدمها إلى حيث أغمي على [ وســـامـ ] .. التفّ التلاميذ كلهمـ حول [ وســـامـ ] ، أسرع [ أنــس ] ليحضر قنينة بها ماء .. جلس الأستاذ بجانب [ وســـامـ ] يُلوّح له بكتابٍ محاولاً تهوية المكان له .. خفق قلبها بسرعة شديدة ، وضعت يدهــا على صدرها ، لتحسّ بسرعة خفقان قلبها ، نتيجة الخوف الذي إجتاحها ,, " أُنظـــري إليه .. يا إلهـــي كمـ هو وســـيمـ !! " تسللت هذه العبارة إلى أُذني [ رانيـــا ] ، التفت لخفها فإذا بها إحدى الفتيات تحادث التي بجانبها مشيرة إلى [ وســـامـ ] .. نظرت إليها بغضبٍ شديد ، فلمـ تتقبّل هذه العبارة في حالته تلك .. أتـــى [ أنـــس ] وبيده قنينة الماء ، جلس إلى يسار [ وســـامـ ] ، فتح القنينة ، وبدا أنه يريد رشّ صديقه بالماء .. " هيي أنت .. توقف !! " أوقف شروع [ أنــس ] برش صديقه ذاك الصوت ، توجهت أنظار الجميع صوب مصدر الصوت ، فإذا بهـــا [ صـــوفي ] تقف ملوّحةً بيدها .. اقتربت من الأستاذ ، وقالت : " أتسعفـــونه تحت أشعة الشمس ؟ لما لا تنقلونه إلى مكانٍ به ظل ؟ " أومأ الأستاذ برأسه لــ [ صـــوفي ] ، حمل [ وســامـ ] بمساعدة ثلاثة من الفتيان .. استقروا أخيرًا تحت الظــــل ، ليضعوه أرضًا .. عاد [ أنـــس ] ليرش [ وســـامـ ] بالماء .. إلاّ أن [ صـــوفي ] للمرة الثانية أوقفته .. [ صـــوفي ] : " أجننت أمـ ماذا ؟ " [ أنـــس ] : " مــــاذا ؟ " [ صــــوفي ] : " كأنني أراك تنوي رشّه بالماء ! " [ أنــــس ] : " بلــــى ! " [ صـــوفي ] : " يبدو عليكَ الذكاء ، لمـ يكذب من قال أن المظـــاهر خدّاعة .. ابتعد " تنّحـــى [ أنــس ] لتجلس محلّه [ صـــوفي ] ، جعلت تنظرُ إليه بعينيها ، كان شاحب اللون ، غزير العرق ، وضعت يدها على جبهته ، فإذا به شديد البرودة .. بدا عليها الخوف ، أسرعت وأمسكته من كتفيه ، لتجعله بوضعية نصف جالس ، أشارت لــ [ أنــس ] بأن يسنده على هذه الوضعية .. فتحت أزرار قميص [ وســـامـ ] المتوقفة عند صدره .. أمسكت تلك القنينة ، وبللت قطعة قُماشٍ أخرجتها من جيبها بالماء .. جعلت تُمرر قطعة القماش على وجهه ، إلى أن بدا أنه يستفيق .. هُنـــا صبّت الماء على يدها ، وبلطفٍ شديدٍ رشّت به وجه [ وســــامـ ] .. شيئًا فشيئًا ، إلـــى أن فتح [ وســــامـ ] عينيه ،.. ابتسمـ [ أنـــس ] ، ومعه ابتسمـ الحضور .. إلاّ أن [ صـــوفي ] لمـ تبتسمـ بعد ! نظرت إليه بعينيها ، إلى أن استقرّت عيناه على عينيها .. [ صــــوفي ] : " كيف تشـــعر ؟ " [ وســـــامـ ] : " لا بــــأس .. " [ صــــوفي ] : " متــــأكدٌ أنت ؟ " أومأ [ وســــامـ ] برأسه إيجابًا ، واضعًا يده على صدره .. وقفت [ صــــوفي ] ناظرةً إليه ، وضعت يدها اليمنى على خصرها ، وقالت محدّثة إيّاه :
" ارفق على نفسكَ يا أخــــــي " نظر إليها [ وســــامـ ] ، لتنصرف من عِند المكان .. بقي الجمــــــيع ينظرون إليها مستغربين .. أمــــّا عن [ رانيـــا ] فلمـ تستقر عيناها في مكانٍ واحدٍ ، فتارةً تنظر إلى [ صـــوفي ] ، وتارةً إلى [ وســــامـ ] .. والتارة الثالثة إلى الأرض .. تحـــــادث نفسهــــــا ...: " لا أعلــــــــمـ ! .. لا أستطيع فهمها ! " ••• شبه خاوٍ ، هكذا كان حال القسمـ أثناء الإستراحة ، التي تلت حصة الرياضة .. أسندت ظهرها على الحائط ، التفت صوب النافذة التي على يمينها ، لتُراقب بأبصارها زرقة السماء ، التي تخللتها الغيومـ البيضاء .. شردت ، ذهب بها ذهنها إلــى منزلها ، حيث تعاني الأمريّن مع والديها .. صور المشاحنات التي بين والديها ، هذا ما كانت [ عبير ] تراه أثناء شرودها .. أغلقت [ رانيــــا ] الكتاب الذي أمامها ، وضعته داخل درجها ، ونهضت من فوق كرسيها تتوجه نحو [ عبير ] .. [ رانيــــا ] : " هيي [ عبير ] ، لننزل إلى الساحة " لمـ تُجب [ عبير ] بأية كلمة ، بل ظلّت مستغرقة في شرودها .. استغربت [ رانيــــا ] لأمرها ، لوّحت بيدها أمامـ عيني [ عبير ] ، لينقطع شرودها .. [ رانيــــا ] مستغربة : " [ عبير ] !! ما الذي يشغل بالك ؟ " [ عبير ] : " لا .. لا شيء .. لا تشغلِ بالك .. " [ رانيــــا ] : " عيناكِ تقولان أن هنالك أمرًا مهمًا يشغلك .. " صمتت [ عبير ] ، رفعت رأسها ، لتوجهه إلى النافذة مجددًا .. " لا داعي لأن أُدخلها في مشاكلي .. " هكذا رددت [ عبير ] مُحدّثةً نفسها .. [ رانيــــا ] : " يا فتاة .. ما زلتُ أنتظر .. " [ عبير ] مبتسمة : " ثقي بي .. ما من شيءٍ مهمـ " [ رانيــــا ] : " طيّب ، كما تشائين .. أنستطيع النزول الآن إلى الساحة ؟ " [ عبير ] تضحك : " حســـــنٌ .. هيّا بنا " أمسكتِ الفتاتان كلٌ بيد الأخـــرى ، توقفت [ عبير ] ممسكةً بيد [ رانيــــا ] ، التفتت إليها [ رانيــــا ] ، إذ أنهـــا لمـ تفهمـ سبب وقوفها المفاجئ .. [ رانيــــا ] : " مـــاذا ؟! " [ عبير ] : " أُنظـــري فقط .. " نظرت [ رانيــــا ] لأمامها ، فإذا بها [ وصــــال ] تتقدمـ بصحبة [ أمـــل ] " رائـــــع ! .. متاعبٌ جديدةٌ " هكذا قالت [ رانيــــا ] .. أمــّا [ عبير ] فقد بقيت صامتةً ، تنظر فحسب .. تقدّمت [ وصـــال ] بخطواتٍ واثقة ، تنظر إلى [ صـــوفي ] بطرف عينها ، انتبهت [ صـــوفي ] لها .. إلاّ أنها لمـ تُبدِ أية حركة .. [ وصـــال ] محدثة [ أمـــل ] : " لمـ أعلمـ أن الهلوين يُحتفل به في المملكة " [ أمـــل ] باستهزاء : " ربمـــا هذه دعاية لأحدث فيلمـ رعبٍ صدر .. " ضحكتِ الفتاتان مستهزئتان بــ [ صــوفي ] .. أمّــا هي ، فقد لزمت الصمت ، ولمـ تُعرهما أي اعتبار .. لمـ يعجب [ وصـــال ] صمت التي أمامها ، تحطيمـ برودة أعصاب [ صــوفي ] هذا ما كانت [ وصـــال ] تبحث عنه .. انحنت [ وصـــال ] لتقع عيناها بعيني [ صـــوفي ] مباشرة .. [ وصــــال ] بضحكة خبيثة : " لستِ ممن يروقون لي .. " [ صــوفي ] : " ثقي أن الشعور متبادلٌ .. بيننا " [ وصـــال ] تعبث بسلاسل [ صـــوفي ] : " في مظهركِ هذا كله لمـ ترق لي سوى هذه الســلاسل " أمسكت [ صـــوفي ] بيدي [ وصـــال ] من معصمها ، نهضت الفتاتان ، أحكمت [ صــوفي ] قبضتها .. [ صــــوفي ] : " لستُ ممن يصلحون للعب .. فلا تعبثِ معي " [ وصـــال ] : " هيي أنتِ .. هذه يدٌ إن كنتِ تعلمين " [ صــــوفي ] : " واصلي عبثك .. عندها لن تجديها في مكانها " نظرت [ صـــوفي ] بحدة إلى [ وصـــال ] ، ظلّت تنظر إلى عينيها المكحلتين ، لتتسع عيناها .. أفلتت [ صـــوفي ] يد [ وصـــال ] ، وذهبت من أمامها تقصد باب القسمـ .. بقيت [ وصـــال ] صامتةً ، فاتحةً عينيها على استاعها ، لا تعِ ما طرأ أمامها .. بدا أنها تلهث ، وضعت يدها على صدرها ، لتغمض عينيها .. التفتت صوبها [ أمـــل ] ، لا تفهمـ سبب بقاء صديقتها واقفةً لا تحرك ساكنًا .. [ أمـــل ] : " [ وصـــال ] .. ما خطبك ؟ ألن تقفِ بوجهها ؟ " التفتت [ وصـــال ] إلى الخلف ، لترى [ صــوفي ] شارعة في خروجها من القسمـ ، " تلك النظـــــرة ... مرعبة !! " رددتها [ وصــال ] ظاهرًا على مظهرها الخوف الشديد .. ابتسمت [ عبير ] .. لتنتبه إليها [ رانيــــا ] .. [ عبير ] : " أخيــــرًا ،، ثمّة من يستطيع إسكاتها " [ رانيــــا ] : " بالفعــــل ، بالرغمـ من أننا لمـ نرَ أية مشاحنة " [ عبير ] : " هذا سيغلق فمّها لبعض الوقت " [ رانيــــا ] : " فقط .. لبعض الوقت " ••• من جهةٍ أُخــــرى ، ظلّ الشابان يتابعان ما يحدث بين الفتايات ، التفتت [ أنــس ] ناحية [ وســـامـ ] ، ليجده ينظر باتجاه الباب .. [ أنــس ] : " غريب !! انتهــى الأمر بصمتٍ تامـٍ ! " [ وســـامـ ] : " تلك الفتـــاة .. رأيتُ الرعب في عيني [ وصــال ] بعد نظرتها تلك " [ أنــس ] : " نظرتها فقط ؟ قل مظهرها بالكـــامل ,, خُيِّل لي أن موتي على يدها عندما حدّثتني " [ وســـامـ ] : " متــــى ؟ " [ أنـــس ] : " عند إغمائكَ يا رجل .. هي من أسعفك " صمت [ وســـامـ ] ، وضع رأسه فوق يده ، التي سندها على الطــاولة ، التفت إليه [ أنـــس ] ، ليراه متئكًا على الطاولة .. [ أنـــس ] : " أما تزال متعبًا يا صاحبي ؟ " [ وســـامـ ] : " لا .. أنا بخير .. " [ أنـــس ] : " إذًا ,, أسمعني ما لديك " اعتدل [ وســـامـ ] : " ماذا تقصد ؟ " [ أنـــس ] : " تعلمـ قصدي جيدًا .... " [ وســـامـ ] : " يا أخــي .. قُل ما لديك هيّا " بدأ [ أنــس ] يضرب بيده على الطــاولة ، محدثًا إيقاعًا خفيفًا ، التفت [ وســامـ ] إلى يدي [ أنــس ] .. أزاح نظره إلى وجه صديقه ، ليجده يبتسمـ إليه .. ردد [ أنــس ] منشدًا : " الله يا مولانا ، الله الله يا الله مولانا ، الله يا مولانا ، حالي ما يخفاك يا الواحد ربي .. " ابتســمـ [ وســامـ ] .. [ وســـامـ ] : " آهٍ يا صاحبي .. تجبرني على الإنشاد ؟" أومأ [ أنــس ] لــ [ وســامـ ] مكملاً إنشاده .. أنشد الإثنان : " الله يا مولانا ، الله الله يا الله مولانا ، الله يا مولانا ، حالي ما يخفاك يا الواحد ربي ، سبحان الحي الباقي ، سبحانك يا الله جود عليَّ ,,,, " تابع الإثنان الإنشاد ، لتنتبه إليهما [ عبير ] و [ رانيــــا ] الواقفتان عند الباب .. [ رانيــــا ] : " الله يا مولانا ؟ " [ عبير ] : " يحبان هذه الأُنشودة .. تعرفينها ؟ " [ رانيــــا ] : " بلـــى .. كنتُ أسمعها وأنا في ذاك الوطــن .. " أكملت [ رانيــــا ] : " أُنشودة مغربية ، تحمل في ثناياها التراث المغربي " [ عبير ] : " بالضبط تمامًا ،رغمـ قِدمها ، إلاّ أنها تبقى جميلة " نظرت [ رانيــــا ] إلى [ أنــس ] و [ وســـامـ ] وهما يُنشدان سويًا ، أغمضت عينيها ، وابتسمت .. [ رانيــــا ] : " جميــــل ! " [ عبير ] : " ما هو ؟ " [ رانيــــا ] : " صوتهما .. جميلٌ جدًا .. يزيد من جمال الأنشودة " [ عبير ] مبتسمة : " بل هو بديع ! " لمع وميض الذكريات في ذهن [ رانيــــا ] ، لترى نفسها جالسةً على سريرها ، في غرفتها ، وسط صديقاتها ، في ذاك الوطـــن ، وهنَّ يُنشدن تلك الأنشودة .. بدت عليهنَّ الســـعادة .. فتحت عينيها ، لتجد نفسها ما تزال في القسمـ ، ظهر الحزن على محياها ، أنزلت رأسها لتنتبه إليها [ عبير ] .. [ عبير ] : " [ رانيــــا ] ! ما بك ؟ " [ رانيــــا ] بشبه ابتسامة : " لا .. لا شيء .. " صمتت [ رانيــــا ] لوهلةٍ وقالت : " تذكــــــرت المــاضي ، الذي يُفترض بي نسيانه " أرجو عدمـ الرد .. إلى أن أنتهي
|
|||||||||||||||||||||||
منذ /15-01-2010, 04:50 PM | #9 | |||||||||||||||||||||||
محررة مجلة بنات|ملكة التنسيق
سوموي ♥ شوجو
|
••• جعلت تنظر بعينيها إلى السماء ، المنكشفة لها من خلال النافذة التي على يسارها ، انعكست أشعة قرص الشمس المتوسط كبد السماء على عينيها البنييتين ، لترسمـ عيناها جُلَّ إحساسها بالحزن والألمـ .. " هل تغيّر والدي ؟ أمـ أنه كما تركته ؟ " تردد هذا السؤال في ذهنها ، وضعت يدها على خدها لتستند عليها .. وبنبرةٍ حزينةٍ رددت مخاطبة نفسها : " حقًا .. آمــل ذلك " . أدخلت يدها اليمنى في جيب بنطالها الأيمن ، وأخرجت منه جهازًا صغير الحجمـ ، بدا كأنه محولٌ للأغاني ، أسود اللون ، وُصِلَت به سمّاعاتٌ للأذن .. أزاحت شعرها الأشعث عن أذنيها قليلاً ، ووضعت السمّاعتين بهما .. إختارت من الجهاز أُغنيتها ، لينبعث من الجهاز ألحانٌ صاخبة ، لا تتلّقاها إلاّ أذناها ,,, " لولا تلك العيشة التي أعيشها ، لما اخترتُ هذا النمط زيًا لي .. " وبنبرة الحزن ذاتها رددت [ صــــوفي ] هذه العبارة في ذهنها .. ••• جلس الشباب جميعهمـ سويًا ، يتجاذبون أطــراف الحديث ، يحاولون إعمار الوقت الماضي من تلك الحصة ، التي تلت الإستـــراحة .. وسط تلك الجمعة ، انسحب [ وســـامـ ] ليعود إلى مكانه حيث يجلس ، انتبه إليه [ أنــس ] ليتبعه لاحقًا إيّاه .. جلس [ أنــس ] بجوار رفيقه ، ونظر إلى وجهه ، ليرى أن [ وســامًا ] ليس على ما يرامـ ,, [ أنـــس ] : " ما بكَ يا صاحبي ؟ يُخيّلُ لي أنكَ لستَ على ما يُرامـ ! " [ وســامـ ] بتردد : " يشغلُ فِكري أمرٌ ما .. " [ أنــس ] : " وما هو ؟ تحدّث .. " غيّر [ وســامـ ] جلسته ، ليُقابل وجهه وجه صديقه .. [ وســامـ ] : " [ أنــس ] ، أيُّهما أقرب إليك .. والدكَ أمـ والدتك ؟ " [ أنــس ] مستغربًا : " أولستُ شابًا ؟ أكيدٌ والدي هو الأقرب إليّ " أنزل [ وســـامـ ] نظره للأسفل لوهلة ، أعاده مجددًا إلى وجه صديقه .. أردف [ وســـامـ ] : " طيّب .. ماذا لو لمـ تجد والدكَ حاضرًا معكمـ بالمنزل طول اليومـ ؟ أقصد ,, ماذا لو انشغل عنكَ أنتَ وأخواتك بعمله ؟ " [ أنــس ] الذي ظلَّ على إستغرابه : " لديّ والدتي .. فحينما لا يتواجد والدي ، أمي تبقى معنا .. " " صحيح ! فأمه لا تعمل ، كسائر الأمهات اللواتي يبقين في بيوتهن " بهذه الكلمات حدّث [ وســامـ ] نفسه ، أتــى صوت [ أنــس ] ليقطع حبل أفكاره : " لنتبادل الأدوار ، دعني أسألك الآن .. ماسبب هذه الأسئلة كلها ؟ " [ وســـامـ ] محركًا رأسه يُمنةً ويسرا : " لا .. لا شيء " [ أنــس ] الذي ما زال مستمرًا في إستغرابه : " فتحتَ للتو محضرًا للتحقيق ! ولا شيء ؟ إلعب غيرها يا أخي .. هيّا .. قُل ما عندك " أنزل [ وســامـ ] رأسه للأسفل ، لمـ ينطق بكلمة واحدة ، فقد شرحت تعابير وجهه ما بخاطره .. نظر باتجاهه [ أنــس ] شعر أنه قد أحرج صديقه .. [ أنــس ] : " سامحني ، والله ما قصدتُ إحراجك .. طالما أن الأمر يعنيك ، فلن أتدخل " التفت إليه [ وســامـ ] مبتسمًا : " لا .. لا تقل هذا ، لمـ تحرجني .. إنمـــا ,,, " محا تلك الإبتسامة ، وأردف قائلاً : " هي مسألةٌ أحاول حلّها ,, " عاد وابتسمـ في وجه صديقه : " عندما يحين الوقت المناسب ، سأحكي لكَ عنها " ابتسمـ [ أنــس ] : " كما تشاء .. " ••• رنَّ جرس المدرسة ، ليُعلن عن إنتهاء الحصة الثالثة ، وابتداء الحصة الرابعة .. ألقت [ رانيــــا ] بأبصارها إلى ساعة معصمها ، لتحقق من الوقت .. بدا عليها الإنزعاج ، نظرت صوب [ عبير ] الجالسة بجوارها ، لتراها عائدة إلى شرودها .. [ رانيــــا ] بتذمر : " مجددًا حصةٌ أخــرى تمرُّ بلا درس .. أهي قاعدة أم ماذا ؟ " لمـ تجب [عبير ] فقد استحوذ الشرود على القسمـ الأكبر من عقلها .. [ رانيــــا ] صارخة : " [ عبير ] !!! " فاجأ صوت [ رانيــــا ] [ عبير ] : " [ رانيــــا ] ؟ آه .. عذرًا لمـ أنتبه !! " [ رانيــــا ] مستغربة : " أكنتُ أُحدّثُ حائطً منذ البداية ؟ أين ذهب عقلكِ يا فتاة ؟ " [ عبير ] بضحكةٍ خفيفة : " ذهب إلى المنزل .. " [ رانيــــا ] مستغربة : " إلى المنزل ؟! " [ عبير ] واضعةً يدها على معدتها : " أولا تسمعين هذه الألحان البديعة ، تطلب الطعامـ ؟ " ضحكت [ رانيــــا ] ، لتضحك معها [ عبير ] .. " ليتكِ تعلميـــــن .. . " رددت [ عبير ] هذه الكلمات في ذهنها ، وهي تنظر إلى ابتسامة [ رانيــــا ] بحزنٍ ممزوجٍ بالحسرة .. ••• مرّت تلك الحصة مرور الكــرامـ ، لينتهي دوامـ الصباح في تلك المدرسة ، خرج التـــلاميذ ، كلٌ يتجه صوب منزله ، أدخلت [ رانيــــا ] كتبها في محفظتها ، همّت بالرحيل ، إلاّ أنهـــا انتبهت إلى أن [ عبير ] ما تزال جالسةً في مكانها .. [ رانيــــا ] : " [ عبير ] ؟ ألن تذهبي إلى المنزل ؟ " [ عبير ] : " مممممممـ .. لا أحد بالمنزل الآن .. لذا فإنني سأبقى قليلاً " [ رانيــــا ] : " وصراخ معدتكِ المزعومـ ؟ " [ عبير ] : " أأطبخُ وحدي ؟ سأبقــى عشر دقائق فقط .. " [ رانيــــا ] : " طيب .. كما تشائين .. أراكِ في الدوامـ الثاني .. " [ عبير ] : " طيب .. إلى اللقاء .. " انصرفت [ رانيــــا ] نحو منزلها ، لتبقى [ عبير ] وحدها بالقسمـ ,, " إعذريني يا عزيزتي ، فما كنتُ أتصور يومًا ان أكذب عليكِ ، أهلي بالبيت ، أنا من لا تود المجيء .." .. رددت [ عبير ] هذه الكلمات ، وهي تراقب [ رانيــــا ] بأبصارها تخرج من المدرسة .. ••• من مجهةٍ أخــــــرى ، وفي نفس الوقت ، جلس [ هشـــامـ ] على الأريكة ، بجوار والدته التي تشاهد التلفاز ، نظر إلى وجهها ، ليستقرّ نظره على تلك الكدمة المزرقة في خدها .. انتبهت إليه والدته .. والدته : " [ هشـــامـ ] ؟ ما الأمر ؟ " [ هشــامـ ] : " ما النهاية ؟ " والدته باستغراب : " عن أي نهاية تتحدث ؟ " [ هشــامـ ] : " أمـــــي ... تدركين ما أرمي إليه .. ما نهاية خلافكِ مع أبي ؟ " صمتت والدة [ هشـــامـ ] أزاحت وجهها عنه ، لتنهض من جواره .. [ هشــامـ ] : " غيرتكِ يا أمي هي ما ستقضي علينا .. " استدارت إليه والدته بسرعة .. بدا عليها الغضب الشديد .. والدته : " غيرتي ؟ غيرتي أمـ تدريس والدكَ لفتاة تكبر أختك بسنين ,, قل لي ,, أيهما يزيد الأمور تعقيدًا ؟ ؟ " صمت [ هشـــامـ ] إلاّ أن نظره لمـ يتنحّ عن والدته .. والدته : " ما لكَ لا تجيب ؟ " [ هشــامـ ] : " هكذا نحن دائمًا .. نصمت ، ونراقب .. وبالطبع ، ندفع الضريبة " والدته : " ضريبة ؟ " [ هشــامـ ] : " أجـــل ، نتعذب ، وأنتما تتشاجران ، ومع هذا نصمت .. " والدته : " مهــــــلاً .. أنتَ ومن ؟ " نهض [ هشـــامـ ] ووقف أمامـ والدته .. ليقـــــول .. : " أنا و [ عبير ] .. نتعذب بصمـــــــت " •••
|
|||||||||||||||||||||||
منذ /15-01-2010, 04:53 PM | #10 | |||||||||||||||||||||||
محررة مجلة بنات|ملكة التنسيق
سوموي ♥ شوجو
|
الصمت .. كان هو سيد المكان حينها ، لمـ تنطق هي بكلمةٍ واحدة ، وهو بدوره لمـ يتحدث مطلقًا ، كلُّ ما في الأمر ، أن أنظار الإثنين بقيت موجهةً للذي أمامه .. أنزلتِ الأمـ عينيها للأسفل ، توجهت نحو الأريكة جالسةً عليها .. أسندت بيدها رأسها ، ليبدو من مظهرها الحزن الشديد ,. نظرت إليه ، لتراه يهمـُّ بالخروج من غرفة المعيشة ، قاطعت خروجه بحديثها .. الأمـ : " إلى أيــــــــن ؟ " [ ,, ] : " إلى غـــرفتي .. " صمتتِ الأمـ لوهلةٍ ، بدا أنها تذكرت أمرًا مهمًا .. الأمـ : " [ هشــامـ ] ... شقيقتكَ لمـ تعد بعد ! " توقف [ هشـــامـ ] في مكانه ، أدخل يده في جيبه ، ليُخرج منه هاتفه النقّال .. دقّ بأصابعه على أراقمه ، طالبًا رقمـ شقيقته [ عبير ] ,, بدأ الهاتف يصدر إشارات الإتصال ، وصاحبنا ينتظر .. أبعد الهاتف عن أُذنه ، بدا عليه أن شيئًا ما يشدُّ إنتباهه .. لمـ يلغِ الإتصــال بعد ، تركه يعمل ، وخرج من غرفة المعيشة .. بقيت والدته تراقب ما يفعله ابنها غير مستوعبة ما يحصل .. ألحــانٌ موسيقية ، هذا ما سمعته أُذنها ، بدت أنها تقترب شيئًا فشيئًا ، إلى أن وصل [ هشـــامـ ] داخلاً غرفة المعيشة يحمل في يده هاتف [ عبير ] .. رفع يده التي تحمل هاتف [ عبير ] ، لتتقابل مع مستوى صدره .. [ هشــــامـ ] : " تركت هاتفها هنـــا .. " والدته : " والعمــــل ؟ .. أيُعقل أنها ما تزال في المدرسة ؟! " صمت [ هشـــامـ ] ، جلس بجوار والدته ، قرّب هاتف شقيقته من وجهه ، وجعل ينظر إليه .. قال : " ربمــــا ,, لا أدرِ .... ! " شدّ انتباهه ذاك النسيمـ العليل المنبعث من جهة البحر ، محركًا معه خصلات شعره الأسود الناعمـ ,, توقف لوهلةٍ ينظر باتجاه البحر ، انتبه له صديقه وهو ينظر إلى البحر متأمّلاً .. لمـ ينطق أيٌ منهما بكلمة ، وقف الإثنان ينظران بتأملٍ إلى البحر ,, ساد الصمت بينهما ، خلاف العادة .. تحرّك أحدهما ، نزل الدرج الواصل بين الرصيف ورمال البحر ، التفت إليه صاحبه ,,, [ أنـــس ] : " هيي [ وســـامـ ] ... مهلاً ، إلى أين ؟ " [ وســـامـ ] يركض : " أطمع بفترة استرخاء ، والرمل خير مكان " ابتسمـ [ أنـــس ] ، قال نازلاً الدرج : " ليس بدوني .. " ركض الإثنان ، كمن يتسابق على الوصول إلى الموج أولاً .. ألقى [ وســـامـ ] محفظته بعيدًا عنه ، ساقطةً على الرمال الذهبية .. وضع [ أنــس ] محفظته بجانب محفظة صديقه ، ولمـ يلقها كما ألقاها [ وســامـ ] .. جلس الإثنان سويةً ، تنصبُّ أنظارهما باتجاه البحر ، مداعبًا شعرهما نسيمـ البحر العليل ,, نظر [ أنــس ] صوب صديقه بابتسامة مُزِجت بالتعجب والاستغراب .. انتبه إليه [ وســامـ ] : " ماذا ؟! " [ أنــس ] : " لا لا شيء .. أضفتُ للتو معلومةً جديدةً عنك " [ وســـامـ ] : " كفاك تحدثًا بالألغاز يا صاحبي ، ما قصدك ؟ " ضحك [ أنــس ] ، وأردف قائلاً : " لمـ أعلمـ أنك رومانسي ! " بدا التعجب واضحًا على محيا [ وســـامـ ] .. قال مرتبكًا : " أنــا ؟ رو .. رومانسي ؟! " أومأ [ أنــس ] برأسه إيجابًا ، وتلك الابتسامة ما زالت على وجهه .. [ وســـامـ ] بارتباك : " عيبٌ عليكَ يا رجل .. أنا رومانسي ؟! " ضحك [ أنــس ] بصوتٍ عالٍ .. ليزداد استغراب [ وســامـ ] .. بدا أن وجه [ وســامـ ] قد احمر خجلاً ، قال مازجًا الغضب في كلامه : " هيي ، تحدث وأرحني .. [ أنـــس ] ! .. " أوقف [ أنــس ] ضحكه ، وقال : " تأمّلكَ للبحر بهذا الشكل .. أليست هذه رومانسية يا رجل ؟ " زاد استغراب [ وســامـ ] .. قال مرتبكًا : " مهــلاً ,, كنتُ .. أظــن ,,, أن ... " [ أنــس ] مبتسمًا : " مــاذا ؟ أكمــل " بدا أن [ وســامـ ] قد استوعب ما يجري أمامه .. : "آهـــاااا !! الآن فهمت ..! " أومأ [ أنــس ] برأسه ساخرًا نوعًا ما : " أجــل ,., الآن فهمتَ .. " ضحك [ وســامـ ] ، قال متبتبًا على صدره : " أجــل ، أنا رومانسيٌ تلك الرومانسية .. " أكمل مشيرًا باصبه إلى صديقه : " .. وليس ما كنتُ أظن .. ضحك الإثنان مطولاً ... إلى أن أصدر هاتف [ وســـامـ ] نغمةً تُنبِؤُ عن قدومـ رسالة نصية .. انتبه إليها [ وســامـ ] ، أخرج هاتفه من جيبه ، فتح الرسالة ، ليجد بهـــا : [ وســـامـ ] .. ~ لن نستطيع المجيء لتناول الغداء معك .. عذرًا بني ,, بدا الإنزعاج على وجه [ وســامـ ] بعد قراءته للرسالة ، تمتمـ بصوتٍ أشبه بالهمس : " حتى اتصالٌ هاتفيٌ لا تجدين وقتًا له ؟! " انتبه [ أنــس ] إلى [ وســامـ ] ، ليرى علامات الإستياء على وجهه .. [ أنــس ] : " [ وســامـ ] ! .. ما بك ؟ " صمت [ وســامـ ] لوهلةٍ ، أدخل هاتفه في جيبه .. وقال : " كــلاّ لا شيء ,, " صمت [ أنــس ] وظلّ يحدق بوجه صديقه الذي لمـ يستطع إخفاء إنزعاجه من الرسالة .. انتبه [ وســامـ ] لتحديقات [ أنــس ] ,, حاول تغيير الموضوع : " هيي [ أنــس ] ,, لمـ أركَ تذهب إلى منزلك ! ماذا ؟ ألن تتناول الغداء ؟ " [ أنــس ] : " آآ ؟ في العادة لا نتناول الغداء الآن .. أخواتي يبقين في الجامعة ، وأبي في عمله ، ولا يعود إلاّ بعد المغيب ، فمن سيتناول الغداء ؟ أنا وأمي فقط ؟! غير ممكن .. " [ وســامـ ] بشبه ابتسامة : " أنا أيضًا أتناوله بعد المغيب .." أردف هامسًا كمن يحدث نفسه :" إلاّ أنني أتناوله وحيدًا " دخلت القسمـ ، خُيّلَ لها أن القسمـ فارغٌ لأول وهلة ، إلاّ أنها سرعان ما غيّرت رأيها ، فها هي ذي [ عبير ] تقف مواجهة النافذة تنظر إلى السماء بشرود .. أقبلت نحوها بخطواتٍ هادئةٍ لا تصدر صوتًا ، إلى أن وقفت خلف [ عبير ] مباشرة .. أحسّت [ عبير ] بأن هنالك من يقف وراءها ، ارتبكت ، لتستدير بسرعةٍ للوراء .. [ عبير ] بفزع : " مــــــــن ؟ " بقيت التي ورائها صامتةً لمـ تتكلمـ ، إلاّ أنها ظلّت تنظر إلى [ عبير ] مبتسمةً ,, [ عبير ] باندهاش : " [ وصـــــال ] ؟ " [ وصـــال ] مبتسمة : " هي ذاتها .. " بدا الإنزعاج على وجه [ عبير ] لذا رؤيتها لــ [ وصـــال ] .. ابتعدت عنها ، وقالت بانزعاج : " رائــــع ! وقت النزاعات قد حان " وضعت [ وصـــال ] يدها اليُمنى على خصرها ، رفعت حاجبًا وأنزلت الآخر .. [ وصـــال ] : " هيي [ عبير ] .. ماذا تفعلين عندكِ هنا ؟ " [ عبير ] : " ماذا أفعل هنا ؟ أنتِ ماذا تفعلين هنا ؟ " [ وصـــال ] : " أنا أجلس دائمًا هنا .. منذ العامـ الفائت .. ولمـ أركِ هنا في هذا الوقت من قبل .. فما الذي عندكِ هنا ؟ " أنزلت [ عبير ] رأسها للأسفل ، بدا عليها الحزن بعد سؤال [ وصــال ] .. [ عبير ] : " لا أحد بالبيت الآن ... " [ وصــال ] : " وأردتِ البقاء هنـــا ؟ " أومأت [ عبير ] بالإيجاب ... [ وصـــال ] : " خيرًا فعلتِ .. أنا أيضًا أبحث عمن يؤنسني .. " اتجهت [ وصـــال ] نحو أحد الكراسي التي بالخلف ، جلست عليه ، فتحت النافذة التي بجانبه ، ليتسلل ذاك النسيمـ العليل الذي راح يُداعب خُصلات شعرها البني المائل إلى الأحمر ,, اقتربت منها [ عبير ] ، أخذت أحد الكراسي ، لتجلس عليه بجابنها .. [ عبير ] : " هيي [ وصـــال ] .. لما تجلسين هنا دائمًا ؟ " [ وصــــال ] تنظر عبر النافذة : " محض هروبٍ يا عزيزتي .. محض هروب " [ عبير ] متسائلةً : " من مــــاذا ؟ " نهضت [ وصـــال ] من مكانها ، لتسير في القسمـ بعشوائية .. [ وصــال ] : " من الإهـــانات والتجريح .. أهرب " نهضت [ عبير ] من مكانها ، كانت تودُّ الذهاب إلى [ وصــال ] ، إلاّ أن قدمها تعثرت بتنورتها الطويلة ، مما جعلها تسقط على الأرض .. أسرعت [ وصـــال ] نحو [ عبير ] ، بدا أنها خائفةٌ على [ عبير ] .. أسندتها ، لتساعدها على النهوض والجلوس وفق الكرسي مجددًا .. [ وصـــال ] بلطفٍ : " على مهلكِ يا فتاة .. أنتِ بخير ؟ " أومأت [ عبير ] بالإيجاب ، بعلامات الإندهاش التي لمـ تسطع إخفاءها .. وضعت [ وصــال ] يدها على خد [ عبير ] ومررته بلطفٍ شديدٍ ، وهي تقول : " لما هذا الحزن يا فتاة ؟ نرا القمر رغمـ وحدته بإنه يبستمـ لمن حوله منيرًا لهمـ الطريق .. فيا قمر ابتسمي .. " زاد الإستغراب عند [ عبير ] ، ظلّت ترمق [ وصـــال ] بنظرات التعجب والإستغراب .. فاتحةً فمها .. نهضت [ وصـــال ] من عِند [ عبير ] ,, وقفت عند النافذة التي اعتادت [ عبير ] على الوقوف عندها .. نظرت بعينيها البنيــتين الأقرب في لونها للون شعرها إلى السماء التي شاركتها الغيومـ شيئًا من مساحتها .. لينعكس منظرها على عيني [ وصـــال ] .. اقتربت [ عبير ] من [ وصـــال ] ، إلى أن وقفت بجوارها .. التفتت لها [ وصـــال ] ، لتضع [ عبير ] يدها على جبين [ وصــال ] ,, [ وصـــال ] باندهاش : " ماذا تفعلين ؟! " [ عبير ] : " أتحقق من حرارتكِ .. بدا لي أنكِ تهذين ! " [ وصـــال ] مستغربة : " أهذي ؟! " [ عبير ] : " بــــلى .. لا شكّ أن هذه اللطافة سببها الهذيان الذي تعانينه " ضحكت [ وصــــال ] مطوّلاً .. نظرت إلى [ عبير ] ,, [ وصـــال ] : " خفيفة الظل ! لا ,, لستُ أهذي .. " ابتعدت قليلاً عن [ عبير ] ,, وقالت : " نوضع وسط الإهانات ، ونُطالب بالتكيّف فيها لا أكثر .. " ظلّت [ عبير ] تنظر إلى [ وصـــال ] لا تدرِ أية في حلمـٍ أمـ في علمـ ,, [ عبير ] مستغربةً : " ما قصدك ؟ " استدارت [ وصــــال ] إلى [ عبير ] .. اقتربت منها .. [ وصـــال ] : " إن وُضِعتِ في غابة لا تقبل الضعفاء ، فهل ستستطيعين المكوث فيها بغير سلاح ؟ " [ عبير ] : " بالطبع لا .. " [ وصـــال ] : " ولا أنـــا .. " أردفت [ وصـــال ] بنبرةٍ بدت عليها الحسرة :
" لو بيدي .. لاخترتُ العيش في الغابة ، على أن أعيش في بيتٍ تسوده الإهـــانات "
|
|||||||||||||||||||||||
الكلمات الدلالية (Tags) |
ماضٍ, مستبقل, الأبد, حاضر |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|